بعد تأسيس الدفاع المدني السوري في تشرين الأول 2014، بقيت دمشق وريفها وحمص دون معدات ثقيلة بسبب الحصار، والذي منع أيضًا إدخال المستحقات المالية للمتطوعين ولعناصر الفريق. يقول رئيس الدفاع المدني في دمشق سعيد قباني لعنب بلدي “تأخر وصول الرواتب والمعدات بسبب صعوبة إدخالها، وصعوبة التحقق من وصول الدعم للجهات المعنية وصرفه في مكانه الصحيح وتدقيق البيانات، وهذا الكلام ينطبق على جميع المنظمات الداعمة ولا يقتصر على الدفاع المدني”، لكن لاحقًا، “وبعد أن طبقت آلية الدعم وآلية التوثيق بمصداقية في هذه المناطق المحاصرة، بدأت تصل المعونات إليها وصارت تتوزع بين المحافظات بالعدل حسب الاحتياجات”، مع التأكيد على وجود نقص حتى اللحظة في المعدات بسبب صعوبة إدخالها إلى المناطق المحاصرة، وفق رواية سعيد قباني.
ريف دمشق: نقص الآليات أكبر صعوبة تواجه الدفاع المدني
بدأ فريق الدفاع المدني كمجموعات صغيرة من المتطوعين أسسها ناشطون بارزون في المنطقة وكان عملهم تطوعيًا.
ويتوزع الدفاع المدني بريف دمشق في كل من الغوطتين الشرقية والغربية، وكذلك في منطقة القلمون الشرقي والزبداني ووادي بردى والمناطق التابعة لها، وتنفصل هذه المناطق عن بعضها جغرافيًا، وفيها عشرة مراكز بالإضافة إلى نقاط الكشافة والنقاط المتقدمة.
ويوجد في ريف دمشق حاليًا حوالي 600 عنصر نصفهم في الغوطة الشرقية. يتحدث لعنب بلدي عن هذا الفريق عبدالله الحافي، أحد عناصر الدفاع المدني، قائلًا ” تعتبر معدات الفريق جيدة، وهي متنوعة من الخفيفة إلى الثقيلة لكن الفريق ما زال يعاني من النقص، وهناك آليات ثقيلة ومتوسطة تم المحافظة عليها بعد التحرير وتم شراء سيارات إسعاف وبعض الآليات الأخرى من الدعم التأسيسي في المراحل السابقة لإنشاء الدفاع المدني السوري”.
وتتوزع مراكز الدفاع المدني في كل الغوطة الشرقية، وباقي مناطق ريف دمشق، وبحسب الحافي “كل فريق قادر على تغطية منطقته بشكل جيد ولكن أحيانًا يصبح الضغط كبيرًا، فتتحرك آليات وعناصر قسم المؤازرة للمساعدة في القطاع الذي يحتاج إلى دعم”.
في بداية 2014 كان الدفاع المدني في المليحة وحرستا يتلقى الدعم من وحدة تنسيق الدعم، وقبل ذلك لم يكن يتلقى دعمًا سوى من أفراد ومنظمات صغيرة ومجالس محلية، كما يقول الحافي.
تدريب وتأهيل عناصر ريف دمشق يقوده منشقون
يعد قسم التدريب والتطوير الذي يقوده منشقون عن النظام، وهم اختصاصيون بالتدريب والعمل، “من أهم ركائز وكنوز الدفاع المدني في ريف دمشق والغوطة الشرقية بشكل خاص”، ما كسر الحصار ولو بشكل معنوي عن عمل الدفاع المدني.
ففي المناطق الشمالية والجنوبية السورية، تخضع الكوادر للدورات في تركيا أو الأردن، أما في الغوطة فالدورات تقام على أرضها، وأُنشئ مؤخرًا مركز بمقاييس عالية تعادل الموجود في الدول المجاورة.
فقد فريق الدفاع المدني خلال آب الماضي تسعة عناصر وهم يؤدون أعمالهم بالبحث والإنقاذ
نقص الكوادر أهم عقبات تواجه الدفاع المدني في دمشق
بدأت تتشكل في أحياء دمشق الثائرة فرق صغيرة للدفاع المدني منذ منتصف 2012. كل فريق يعمل في الحي الذي يقطن فيه بشكل مستقل وبالمعدات القليلة المتوفرة، والمتبقية غالبًا من مخلفات مؤسسات النظام. وعن ذلك يقول سعيد قباني “يوجد سيارة إطفاء في مركز جوبر وكانت تتبع للنظام، في حين استُعملت في حيي القابون وبرزة سيارات بيك آب تحمل خزان مياه، لإطفاء الحرائق”.
وفي تشرين الأول 2014 بدأ الحديث بين جميع المحافظات السورية عن تشكيل جسم موحد للدفاع المدني السوري، وفي هذه الأثناء قررت فرق الدفاع المدني في دمشق التوحد تحت إدارة واحدة وكجسم موحد.
يقول قباني “أسست فرق الدفاع المدني في دمشق في تشرين الثاني 2014 مديرية الدفاع المدني، التي بدأت بالتنسيق بين المكاتب، وتنظيم عملهم بشكل كامل. ليشارك هذا الجسم الموحد في تأسيس الدفاع المدني السوري كعضو رئيسي مؤسس”.
التوزّع الجغرافي يعيق عمل الدفاع المدني في دمشق
يوجد في دمشق سبعة مراكز للدفاع المدني، ويتوزع فيها 168 عنصرًا، يحد من التعاون فيما بينها التوزّع الجغرافي، إذ تتصل أحياء القابون وبرزة وتشرين مع بعضها وتكون إمكانية التعاون بينها متاحة ولو بصعوبة، في حين ينفصل حي جوبر عن تلك الأحياء تمامًا بأوتوستراد حرستا. وفي المنطقة الجنوبية، ينعزل مخيم اليرموك تمامًا عن حي جوبر من جهة وحي برزة من جهة أخرى، إذ تفصل مناطق سيطرة النظام بين تلك الأحياء، في حين يتصل مخيم اليرموك مع باقي المناطق الجنوبية كالحجر الأسود وببيلا وغيرها، كما يقول قباني.
ويشكل النقص في الكوادر عائقًا أساسيًا في المناطق المحاصرة، كما أن معالجة العناصر في حال الإصابة أمر بالغ الصعوبة “عندما نخسر أحد أعضاء الفريق، أو عندما يصاب، نعاني من صعوبة في تأمين علاجه، وصعوبة إيجاد شخص آخر يعمل مكانه”، بحسب القباني. فضلًا عن نقص الوقود وارتفاع أسعاره، وهذا يعيق بشكل كبير عمل الدفاع المدني.
استحالة التدريب خارج دمشق بسبب الحصار
يرى قباني أن “أي عنصر يخرج من دمشق، يكون احتمال عودته أقرب إلى المستحيل، لذلك لا يمكن إجراء تدريب للكوادر خارج دمشق، وهذا ما ينطبق أيضًا على باقي المناطق المحاصرة، واستعاضت فرق الدفاع المدني بمراكز داخلية بدلًا عن السفر للتدريب في الخارج”.
ويضيف “مراكز التدريب في الداخل أسسها ذوو خبرات سابقة في هذا العمل انشقوا عن النظام، أو شباب اتبعوا سابقًا دورات لدى الهلال الأحمر أو المنظمة الفلسطينية للدفاع المدني، وهؤلاء كانوا ركيزة مركز التدريب الذي أقيم حديثًا في الغوطة الشرقية، وبحال نجاحها، سنفتتح مركزًا في الجنوب”.
عناصر الدفاع المدني في جوبر يخمدون الحرائق بعد قصف الطيران، 27 تموز 2015.
تابع قراءة ملف الدفاع المدني في سوريا المحررة:
- حلب والموت في سبيل الآخرين.
- البدايات الأولى لتأسيس الدفاع المدني السوري.
- فرق الدفاع المدني تندمج في كيان واحد ورائد الصالح أول رئيس للجهاز.
- ما هي المرجعية الناظمة لعمل الدفاع المدني السوري على الأرض؟
- تطلعات لتشكيل جسم حكومي يساهم بإعمار سوريا.
- الدفاع المدني يدخل دورات تدريبية تخصصية والإعلام يغير المعادلة.
- دعم متواصل وآخر متقطع وانفراج في مشكلة التمويل.
- سوريا وغزة.. تجارب متبادلة لاكتساب المهارات.
- استطلاع رأي: أكثر من نصف السوريين معجبون بأداء الدفاع المدني.
تجارب المدن السورية المحررة في تشكيل فرق للدفاع المدني خلال الثورة
- حلب تقود تنظيم الدفاع المدني في سوريا.
- ستة قطاعات في إدلب تغطي المحافظة بالكامل.
- درعا.. العلاقة الجيدة مع المجالس المحلية تعزز أداء الدفاع المدني.
- حصار أحياء دمشق وريفها يكبّل عمل فرق الدفاع المدني.
- حصار خانق يعيق عمل الدفاع المدني في حمص.
- خطة لزيادة مراكز وعناصر الدفاع المدني في حماة للعام 2016.
- ريف اللاذقية يعاني نقصًا في الكوادر والآليات.
- سيطرة تنظيم الدولة تقطع علاقة الدفاع المدني بفريقي الرقة ودير الزور.
- الدفاع المدني في دير الزور يغطي معظم المحافظة وينحل باكرًا.
مطالب بتعزيز قدرات عناصر الدفاع المدني الطبية وتكثيف الدورات.
رأي: الحفاظ على الدفاع المدني السوري فاعلًا ومُستقلًا.
انفوغراف: أعداد شهداء وعاملي ومراكز الدفاع المدني.
لتحميل الملف بصيغة PDF: اضغط هنا.