الأطفال ذوو الإعاقة على الهامش بمخيمات إدلب

  • 2022/09/25
  • 11:09 ص

فتاة سورية بمتلازمة "داون" في إحدى مدارس إدلب في أيلول 2022 )عنب بلدي/ هدى الكليب)

عنب بلدي – هدى الكليب

“منزوية وحزينة”، هكذا تعيش الطفلة مرام الخشان (ست سنوات) نتيجة إصابتها بـ”متلازمة داون”، بحسب ما وصفت والدتها مريم الخشان (32 عامًا) لعنب بلدي.

تعيش مرام ظروفًا صعبة مع عائلتها في مخيمات “كللي” العشوائية بمدينة إدلب، يزيد من معاناة الطفلة عدم إمكانية خروجها وتنقلها في المخيم، بعد أن ضاعت بين خيامه الكثيرة والمتلاصقة عدة مرات.

وعبرت والدة الطفلة عن شعورها بالحزن لحال مرام وغيرها من الأطفال من ذوي الإعاقة، “ممن لا يجدون فرصة للترفيه أو التعليم أو الرعاية الصحية في هذه المخيمات المنسية”، بحسب قولها.

يعيش الأطفال من ذوي الإعاقة في مخيمات إدلب، شمال غربي سوريا، في بيئات غير صحية، وسط أخطار تلوث دائمة بين الصرف الصحي المكشوف والبنى التحتية المهملة، إلى جانب النقص الدائم في الغذاء والدواء، وعدم جود مدارس تعليمية أو مهنية متخصصة لاستيعابهم.

لا خدمات خاصة ضمن المخيمات

باءت بالفشل كل محاولات خديجة العمر (40 عامًا) في تأهيل ابنها وائل (ثماني سنوات) الذي يشكو من إعاقة ذهنية وصعوبة في النطق وفرط نشاط حركي، بعد فشل تدريبه على النطق ودمجه في الأسرة والمجتمع، خاصة مع عدم وجود أي مراكز تخصصية مساعدة في مخيمات “أطمة” حيث تعيش مع عائلتها المؤلفة من زوجها وثلاثة أطفال.

وقالت خديجة لعنب بلدي، إنها حاولت إدخال ابنها المدرسة الموجودة في المخيم، لكنها لم تلحظ أي تطور أو تقدم في مستواه التعليمي، لافتقار المدرسة للكوادر والمعلمين القادرين على التعامل مع حالته، ما دفعها للتخلي عن فكرة تعليمه، بحسب قولها.

من جهتها، تحدثت يسرى الربيع (33 عامًا) المقيمة في مخيمات “دير حسان”، عن حالة ابنتها المصابة بإعاقة حركية نتيجة ضمور في الدماغ، والتي لا تجد أي اهتمام أو رعاية من أي جهة.

وقالت يسرى الربيع لعنب بلدي، إن ابنتها أمل البالغة من العمر عشرة أعوام، تعاني صعوبة في التنقل بالمخيم ذي الطرق الوعرة المليئة بالنفايات والأتربة، وعدم توفر حمامات مناسبة لإعاقتها، يضاف إلى كل ذلك بعد المراكز الصحية والخدمات الطبية المجانية عن المخيم.

وأضافت يسرى أن الأطفال من ذوي الإعاقة يعانون التهميش في المخيمات، والحرمان من أبسط حقوقهم في التعليم والاندماج، بينما هم يملكون قدرات ومواهب تضيع “وسط غياب طرق تعليم تتناسب مع احتياجاتهم، أو برامج تدريبية تطلق العنان لمواهبهم وقدراتهم”.

مركز وحيد مجاور “مهدد بالإغلاق”

يحاول مركز “الأمل” لرعاية الأطفال ذوي الإعاقة في مدينة الدانا، بريف إدلب الشمالي، الاهتمام بهذه الفئة وتعليمها، عبر تعزيز مهارات الأطفال الاجتماعية، وتسهيل دمجهم في المجتمع وتنمية قدراتهم، وفق ما قالته مديرة المركز، غنوة نواف، لعنب بلدي.

ويعتبر مركز “الأمل” الوحيد المعني بالاهتمام بذوي الإعاقة بالقرب من المخيمات، فيما توجد عدة مراكز في مدينة إدلب على مسافة بعيدة.

وأشارت نواف إلى أن المركز الذي أنشئ بداية عام 2021، بجهود تطوعية، يهتم بالإعاقات السمعية والدماغية و”متلازمة داون” ومصابي التوحد، إذ وصل عدد الأطفال المستفيدين من المركز إلى نحو 100 طفل من مناطق سرمدا، وباب الهوى، ومخيمات “دير حسان”، وترمانين، وكفركرمين.

وأكدت مديرة المركز أن المركز يهتم بتعليم الأطفال ضمن برامج متخصصة بحسب حالتهم الصحية، إذ تتركز الأنشطة حول تأهيل الطفل وتعليمه، ولغة التخاطب، ولغة الإشارة، وتأهيل النطق، وأنشطة ترفيهية، ودعم نفسي، وجلسات تأهيل مع الأطفال ومقدمي الرعاية وأولياء الأمور.

وأوضحت أن المركز يقدم خدمات مجانية، باستثناء النقل الذي يقع على نفقة الأهالي، وأن ما يمنع وصول أعداد كبيرة من الأطفال من ذوي الإعاقة إلى خدمات المركز، هو ضعف إمكانيات عائلاتهم المادية، وعدم قدرتهم على تغطية نفقات وأجور النقل، بحسب مديرة المركز.

ونوهت نواف إلى أن المركز بدأ بتقديم خدماته بشكل تطوعي منذ سنة ونصف، قبل أن يتلقى دعمًا من بعض الجهات، كان آخرها الدعم الذي قدمته منظمة “بنيان”، لكنه توقف اليوم بعد انتهاء مدة العقد، مؤكدة عدم وجود نية لوقف أعماله حتى مع توقف الدعم، وإنما هو “مستمر بالعطاء”.

وبلغ عدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في شمال غربي سوريا 73 ألفًا و188 شخصًا، في أحدث إحصائية صادرة عن “منسقو استجابة سوريا” في آب الماضي.

وتعاني هذه الفئة مشكلات وتحديات يعانيها النازحون أيضًا، وإن كانت أشد وطأة عليها باعتبارها الفئة الأضعف، بدءًا من غياب الرعاية الصحية والأسس الوقائية لشتى أنواع الأمراض المنتشرة، وليس انتهاء بالنقص المستمر في الغذاء والماء، وانعدام أبسط الخدمات اليومية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع