وجهة السوريين في محركات البحث.. تابوت غير آمن
هل تصلح جزر مارشال للعيش مع مخاطر النووي وشبح المناخ
تواجه دولة جزر مارشال في المحيط الهادئ تهديدًا وجوديًا نتيجة تغير المناخ، إلى جانب التحذيرات بشأن عدم صلاحية العيش فيها لكونها مسرحًا للتجارب النووية الأمريكية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.
وكانت جزر مارشال مقصد السوريين عبر محركات البحث في الأشهر الأخيرة، كوجهة محتملة للسفر والعيش، عقب أن ضجت مجموعات الخدمات الخاصة بالسوريين عبر موقع “فيس بوك” بالحديث عن إمكانية منح التأشيرة وتقديم اللجوء.
شبح المناخ
على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، في 21 من أيلول الحالي، أطلق رئيس جزر مارشال، ديفيد كابوا، مبادرة “الأمم الصاعدة”، وهي شراكة عالمية تهدف إلى الحفاظ على سيادة وتراث وحقوق دول جزر المحيط الهادئ المرجانية التي يهدد وجودها تغير المناخ.
تسعى المبادرة إلى إصدار إعلان سياسي من المجتمع الدولي للحفاظ على سيادة وحقوق البلدان الجزرية المرجانية في المحيط الهادئ، من خلال إنشاء برنامج شامل لبناء وتمويل مشاريع التكيف والقدرة على الصمود، لمساعدة المجتمعات المحلية على استدامة سبل العيش.
حظيت المبادرة بدعم دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وكوريا الجنوبية وكندا، واعترفت بالعبء الفريد الذي يجب أن تتحمله الدول الجزرية مثل توفالو وجزر مارشال.
في شباط الماضي، أوضح تقرير أصدرته “اللجنة الحكومية الدولية” المعنية بتغير المناخ والتابعة للأمم المتحدة، مدى تعرض الدول الجزرية الصغيرة النامية وغيرها من النقاط الساخنة العالمية مثل إفريقيا وجنوب آسيا للخطر، إذ يزيد احتمال وفاة سكانها بسبب الطقس القاسي بمقدار 15 مرة مقارنة بالأجزاء الأقل عرضة للخطر في العالم.
وبحسب ما قالته المؤلفة المشاركة للتقرير من جامعة “جزر الباهاما” أديل توماس، فإن تجاوز الاحترار بضعة أعشار من الدرجة، قد يؤدي إلى أن تصبح بعض المناطق بما في ذلك بعض الجزر الصغيرة “غير صالحة للسكن”.
وانتقد رئيس جزر توفالو الواقعة في المحيط الهادئ أيضًا، العديد من الدول التي أسهمت في زيادة انبعاثات الكربون، موضحًا أن جزره وجيرانها “لم يفعلوا شيئًا للتسبب في تغير المناخ”.
وقال، “هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يؤدي فيها العمل الجماعي للعديد من الدول إلى جعل العديد من الدول ذات السيادة غير صالحة للسكن”، وفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس“.
مكب للنفايات النووية
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي ظروف “الحرب الباردة”، قررت أمريكا استئناف تجاربها النووية في المحيط الهادئ على جزيرة أتول بيكيني التابعة لجمهورية جزر مارشال.
وبموجب الاتفاق، أُجلي سكان هذه الجزر، وأُطلقت 67 قذيفة نووية بين عامي 1946 و1958 فيها، من بينها أول قنبلة “هيدروجينية” أمريكية عام 1952، إضافة إلى العديد من التجارب التابعة لحكومات فرنسا وبريطانيا.
ويمثّل الأسطول الذي غرق في البحيرة الشاطئية جراء التجارب التي جرت في عام 1946، والحفرة الضخمة الناجمة عن تفجير قنبلة “برافو”، شواهد مباشرة على إطلاق قذائف نووية، بحسب الموقع الرسمي لـ”مركز التراث العالمي” التابع للأمم المتحدة.
وأفضت هذه القذائف، البالغة قوتها أكثر من سبعة آلاف ضعف قوة قنبلة “هيروشيما”، إلى تأثيرات خطيرة على جيولوجيا الجزيرة، وبيئتها الطبيعية وصحة سكانها ممن تعرضوا للإشعاع، بحسب المركز.
وأجرى الأمريكيون وحدهم أكثر من 100 تجربة، بينها 67 تجربة بين عامي 1946 و1958، في جزر بيكيني واينيويتاك في أرخبيل مارشال.
وكان اختبار قنبلة “كاكتوس” الأمريكية في أيار 1958 صغيرًا نسبيًا، لكنه ترك إرثًا دائمًا لجزر مارشال في مكب إشعاعي على شكل قبة أسمنتية لدفن النفايات النووية في جزيرة رونيت بالمحيط الهادئ.
وبنيت القبة التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأنها “نوع من التابوت”، بعد عقدين من الانفجار (نهاية السبعينيات)، بحسب شبكة “Science X” العلمية.
تابوت غير آمن
ملأ الجيش الأمريكي حفرة القنبلة في جزيرة رونيت بالنفايات المشعة، وقام بتغطيتها بالخرسانة، وأخبر السكان النازحين في جزيرة إنيويتاك المرجانية النائية في المحيط الهادئ أنه يمكنهم العودة بأمان إلى ديارهم في بداية الثمانينيات.
لكن قبة رونيت الخرسانية التي يبلغ سمكها 45 سنتيمترًا وعرضها 115 مترًا لم تكن مبطنة أبدًا، مع مخاوف من أن الملوثات المشعة تتسرب عبر الصخور المرجانية المسامية بالجزيرة إلى المحيط.
تصاعدت المخاوف وسط تغير المناخ، إذ يهدد ارتفاع منسوب مياه البحار والتعدي على الدولة المنخفضة بتقويض السلامة الهيكلية للقبة.
عام 2013، أفاد فحص بتكليف من الحكومة الأمريكية أن التسرب الإشعاعي في رواسب بحيرة إنيويتاك كان مرتفعًا، لدرجة أن الفشل الكارثي لن يؤدي بالضرورة إلى تلقي السكان المحليين جرعات متزايدة من الإشعاع.
وفي عام 2019، أثار غوتيريش قضية التسرب الإشعاعي خلال حديثه في مؤتمر بجزيرة فيجي، في أثناء رحلته لتسليط الضوء على مخاطر التغير المناخي، قائلًا، “كان المحيط الهادئ ضحية في الماضي كما نعلم جميعًا، وعواقب ذلك كانت وخيمة للغاية فيما يتعلق بالصحة وتسمم المياه في بعض المناطق”.
اقرأ أيضًا: جزر مارشال.. محطة جديدة في بحث السوريين عن مكان آمن
ضحية النووي
استنكر رئيس جزيرة ميكرونيزيا الواقعة في المحيط الهادئ في الأمم المتحدة، الخميس 22 من أيلول، قرار اليابان صرف ما وصفه بالمياه الملوثة نوويًا من محطة “فوكوشيما دايتشي” للطاقة النووية إلى المحيط الهادئ.
في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال ديفيد بانويلو، إن جزيرة ميكرونيزيا لديها “القلق الأكبر” بشأن قرار اليابان إطلاق ما يسمى بنظام المعالجة السائلة المتقدم (ALPS) في المحيط.
وأضاف، “لا يمكننا أن نغض الطرف عن التهديدات التي لا يمكن تصورها، المتمثلة في التلوث النووي والتلوث البحري والدمار النهائي لقارة المحيط الهادئ الزرقاء”.
وفي تموز الماضي، قالت اليابان إن منظميها النوويين وافقوا على خطة لإطلاق 1.3 مليون طن من المياه التي تُستخدم لتبريد المفاعلات في المحيط الهادئ في أعقاب كارثة “فوكوشيما”.
ووقعت كارثة “فوكوشيما” عقب زلزال اليابان الكبير في 11 من آذار عام 2011، ضمن مفاعل “فوكوشيما” النووي، إذ أدت الهزة الأرضية إلى أمواج مد هائلة (تسونامي)، تسببت في حدوث انصهار نووي نتج عنه زيادة في النشاط الإشعاعي، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC“.
وردًا على سؤال حول مسألة صرف المياه، قال نائب السكرتير الصحفي لوزارة الخارجية اليابانية، يوكيكو أوكانو، إن اليابان ستبذل قصارى جهدها “لكسب فهم من المجتمع الدولي حول سلامة أنشطتنا هناك”.
واجهت الخطة مقاومة شديدة من اتحادات الصيد الإقليمية التي تخشى تأثيرها على سبل عيشهم، وعبرت الصين وكوريا الجنوبية وتايوان المجاورة لليابان عن قلقها أيضًا، وفقًا لوكالة الأنباء “رويترز“.
كما سلط رئيس الجزيرة، بانويلو، الضوء على التهديد الذي يشكله تغير المناخ، والذي تتعرض له دول جزر المحيط الهادئ بشكل خاص، ودعا الخصمين الجيوسياسيين الولايات المتحدة والصين إلى اعتبارها “قضية تعاون غير سياسية وغير تنافسية”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :