أسعار الغذاء مهددة بعد رفع “المركزي السوري” صرف الحوالات
في 19 من أيلول الحالي، رفع مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، في النشرة الخاصة بالمصارف والصرافة، للمرة الثانية هذا العام، بعد رفعه في نيسان الماضي.
كما طال الرفع أيضًا النشرة المخصصة لدفع البدل العسكري، وذلك بعد أن أبقى على سعره القديم لأكثر من سنة ونصف منذ كانون الأول 2020.
ولاقى القرار انتقادًا واسعًا إثر ما سينتج عنه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية اليومية التي يعتمد عليها المقيمون في مناطق سيطرة النظام السوري.
تأثر بـ”السوداء”
أستاذ الاقتصاد والمالية الدولية في جامعة “غازي عينتاب” التركية الدكتور السوري عبد المنعم الحلبي، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن سبب قرار المصرف المركزي واحد لا ثاني له، ويتجلى بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية في السوق الموازية، ومحاولة الاقتراب منه.
من جهته، قال الباحث الاقتصادي الدكتور علي محمد، لصحيفة “الوطن” المحلية، إن القرار جاء لسببين، أولهما تسلسل يقوم به مجلس النقد والتسليف في مصرف سوريا المركزي، لـ”تقريب الهامش” بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، وثانيهما الانخفاض الأخير في قيمة الليرة.
وخلال الأشهر الأخيرة، بدأت قيمة الليرة السورية بالانخفاض لتكسر حاجز أربعة آلاف ليرة سورية، منتصف تموز الماضي، وتصل إلى 4500 ليرة للدولار الواحد منتصف آب الماضي، وتشهد استقرارًا نسبيًا عند هذه الحدود.
اقرأ أيضًا: الليرة السورية إلى التدهور.. إجراءات أمنية واقتصادية لا تحميها
لا يحدث فرقًا في قيم الحوالات
الدكتور عبد المنعم الحلبي، قال لعنب بلدي، إن مصرف سوريا المركزي مُطالب إما برفع إضافي يقارب السوق الموازية، وإما التدخل فيها لتخفيض الدولار والعمل على إعادته إلى ما دون حاجز الأربعة آلاف ليرة سورية، موضحًا أنه عبر ذلك يسعى إلى حد ما لجذب المزيد من حوالات المغتربين عبر قنواته الرسمية، فضلًا عن إرسالها عبر السوق السوداء.
من جهتها، اعتبرت وزيرة الاقتصاد السورية السابقة، الدكتورة لمياء عاصي، أن الآمال يجب أن تكون ضعيفة في تحسن حجم الحوالات عبر الأقنية الرسمية، لأن سعر الصرف في السوق السوداء لا يزال أعلى بكثير من السعر الرسمي.
وأضافت عاصي في حديث إلى صحيفة “الوطن” المحلية، الخميس 22 من أيلول، أن إرسال الحوالات الخارجية عبر السوق السوداء سيبقى مستمرًا، لأن المواطنين الذين ترد إليهم حوالات خارجية أو المستثمرين الذي يريدون إرسال حوالات من الخارج، لن يقبلوا بدفع هذا الفارق بين السعرين مهما كانت العقوبات والإجراءات الأمنية والقانونية قوية، بحسب تعبيرها.
واعتبرت عاصي أن تعمّد حدوث هذا الفرق “غير مفهوم”، موضحة أن انخفاض سعر الحوالات عبر الأقنية الرسمية أدى إلى فقدان مصدر مهم من المصادر الدولارية وعدم جذب الاستثمارات.
وفي النشرة الخاصة بالمصارف والصرافة، حدد مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار بثلاثة آلاف و15 ليرة سورية، كما حدد سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الواردة من الخارج بالليرة السورية بثلاثة آلاف ليرة.
بينما وصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الخميس 22 من أيلول، إلى أربعة آلاف و565 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار صرف العملات الأجنبية.
النتيجة ارتفاع أسعار الغذاء
وحول أثر القرار، قال الدكتور عبد المنعم الحلبي لعنب بلدي، إن من أبرز آثار قرار المصرف، تخفيف عبء الدعم الذي يقدمه لبعض المستوردات من السلع الأساسية وغيرها بعد ارتفاع الدولار، حيث سيقدم الدولار لمستورديها بالسعر الجديد.
الأمر الذي سيتبعه ارتفاع متناسب إضافي بأسعار تلك المواد في السوق، ما سيؤدي إلى زيادة أعباء المعيشة الصعبة أساسًا.
وقال عضو غرفة “تجارة دمشق” محمد الحلاق، إن أي زيادة في التكاليف ستوازيها زيادة في الأسعار، وسيكون لقرار المركزي بتعديل سعر الصرف أثر في ارتفاع قيم الرسوم الجمركية، منوهًا إلى أن الزيادة في الأسعار لا يجوز أن تكون فوق 7%، أي موازية لرفع سعر صرف الدولار.
من جهته، اعتبر الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة “دمشق” أيمن ديوب، أن رفع سعر صرف الدولار في نشرة الحوالات لن يسهم بأي رفع لسعر صرف الدولار في السوق الموازية، لأن عناصر العرض والطلب لم تتغير، وحدوث تحرك بطيء لن يكون ذا أثر مهم في سعر الصرف بالسوق الموازية، بحسب تعبيره.
البدل العسكري
منذ كانون الأول 2021، لم يرفع مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار في نشرة البدل العسكري، محافظًا على قيمته عند 2525 ليرة، وذلك قبل أن يرفعه قبل أيام لقيمة 2800 ليرة سورية للدولار الواحد.
الباحث المساعد في مركز “جسور للدراسات” المختص بجمع وتحليل البيانات بشير نصر الله، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن إبقاء المصرف على سعر صرف واحد لمدة تجاوزت سنة ونصفًا دليل على أن الإقبال على دفعه “قليل”، معتبرًا أن في ذلك “تشجيعًا على دفع البدل”، بهدف زيادة إيرادات الخزينة من القطع الأجنبي عبره قدر الإمكان.
من جهته، اعتبر الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي، في حديث إلى عنب بلدي، أنه عند مقارنة حجم الحوالات المصرفية بالأرقام التي يستفيدها النظام من دفع البدل العسكري، فإن الأخيرة لا تشكّل نسبة “كبيرة” بعكس حوالات الناس، ما جعل اهتمامه برفع سعر صرف الحوالات خلال السنتين الماضيتين أكبر، إذ تعتبر مصدرًا أساسيًا يعتمد عليه الناس في معيشتهم.
ولا تعلن حكومة النظام السوري عن أعداد الأشخاص الذين دفعوا البدل العسكري بهدف عدم التحاقهم بالخدمة الإلزامية.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :