صرحت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، بأن محصول القمح في سوريا لعام 2022 بلغ نحو مليون طن، بانخفاض 75% عن مستويات ما قبل 2011، في حين أن الشعير بات “شبه منعدم”.
وقال ممثل المنظمة في سوريا، مايك روبسون، لوكالة “رويترز“، الثلاثاء 20 من أيلول، “إن عوامل تغير المناخ، وتعثر الاقتصاد، والقضايا الأمنية العالقة، تجمعت لتلحق ضررًا بالغًا بإنتاج سوريا من الحبوب عام 2022، ما ترك أغلبية مزارعيها في مواجهة وضع حرج”.
وأضاف، “تغير المناخ ليس التحدي الوحيد، لكن في دولة مثل سوريا، هناك صعوبة مضاعفة مع ارتفاع التضخم وانعدام الكهرباء وعدم وجود مدخلات إنتاج جيدة، بجانب بعض القضايا الأمنية العالقة التي لا تزال مستمرة في بعض أجزاء البلاد”.
وتعاني حكومة النظام السوري صعوبات للحصول على القمح من السوق الدولية، فعلى الرغم من أن الشحنات الغذائية لا تخضع للعقوبات الغربية، جعلت القيود المصرفية وتجميد الأصول معظم الشركات التجارية تتجنب التعامل مع النظام، وفق الوكالة.
وتأتي معظم شحنات القمح من روسيا، حليفة النظام السوري، لكن منذ شباط الماضي، أوقف “غزو” موسكو لأوكرانيا تدفق صادرات الحبوب من البحر الأسود لعدة أشهر، رافقه ارتفاع في أسعار القمح العالمية.
اعتماد على الأمطار
يعتمد نحو 70% من محصول القمح في سوريا على هطول الأمطار مع تداعي أنظمة الري بسبب الصراع، ومقارنة بالمساحات المزروعة، بلغ المحصول نحو 15% مما كان يتوقعه المزارعون من مناطق زراعة القمح التي تعتمد على الأمطار، بحسب المنظمة.
وأدى عدم انتظام هطول الأمطار في الموسمين الماضيين إلى تقلص محصول القمح في سوريا، الذي وصل إلى نحو أربعة ملايين طن قبل بدء الصراع، حيث يكفي حاجة البلاد والتصدير إلى الدول المجاورة، بحسب روبسون.
وأشار روبسون إلى أن فترات هطول الأمطار، كانت تتركز في أوقات بعينها ولم تتبع الأنماط التقليدية، حيث توقفت الأمطار في أوائل آذار، في حين أدى التأخر في هطول الأمطار إلى تعطل المزارعين، ولم يتمكنوا من تجهيز أراضيهم في الوقت المناسب.
وعادة ما يزرع المزارعون في سوريا محصولهم من القمح في الفترة ما بين تشرين الثاني وكانون الأول، ويحصدون المحصول في الفترة من أيار إلى حزيران، وكان الهكتار الواحد من الأراضي المروية والمزروعة بالقمح ينتج بين ثلاثة وأربعة أطنان، لكنها أنتجت نحو طنين فقط هذا العام.
وأصبح المزارعون الذين لم يتمكنوا من تحقيق ربح خلال العامين الماضيين “منهكين ماليًا”، وقد يفكرون في البحث عن مصادر دخل أخرى، دون تحمل المزيد من الديون لزراعة المزيد من الحبوب، وأكد روبسون أن ظروف الزراعة المعتمدة على الأمطار تظل “غامضة ومحفوفة بالأخطار للغاية حاليًا”.
وتقدّر المنظمة وجود حاجة لاستيراد نحو مليوني طن من الخارج، لتوفير الغذاء لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
الشعير “شبه منعدم”
كانت سوريا تنتج ما يتراوح بين أربعة ملايين وخمسة ملايين طن من أعلاف الشعير سنويًا لإطعام مواشيها، إلا أن العديد من المربين يواجهون صعوبات هذا العام للحفاظ على مصدر رزقهم.
ومع انعدام محصول الشعير، فضّل بعض رعاة الأغنام التخلص من حيواناتهم وبيع معظمها، بالنظر إلى كونهم غير قادرين على إطعامها.
وقال روبسون، “عندما يحتاج مربو الأغنام إلى شراء الأعلاف، فإنهم عادة ما كانوا يبيعون حيوانًا واحدًا لشراء طن من الشعير، وهو ما يمكنهم من إطعام 20 حيوانًا بها، لكنهم سيحتاجون، هذا العام، إلى بيع عشرة حيوانات للحصول على ذات الكمية”.
وظهرت تأثيرات هذا التغير في سوق المواد الغذائية، إذ بيعت لحوم الدواجن بأسعار تفوق أسعار اللحوم الحمراء، حيث يواصل المربون المتعثرون ماليًا بيع أغنامهم، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف عالميًا، ما يؤثر على أسعار الفروج.
تضارب الرواية الرسمية
قال وزير الزراعة في حكومة النظام السوري، محمد حسان قطنا، إن إنتاج سوريا من القمح تراجع هذا العام عن المتوقع ليبلغ 1.7 مليون طن، بسبب الظروف المناخية الاستثنائية.
وفي مقابلة مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 9 من تموز الماضي، أوضح قطنا أن الإنتاج جاء أقل من المتوقع بسبب الظروف المناخية الاستثنائية، مضيفًا أن البلاد تحتاج إلى 3.2 مليون طن.
وأضاف، “ما قبل الحرب كانت الاحتياجات للقمح 3.9 مليون طن، لكن بالوضع الحالي نحتاج إلى 3.2 مليون طن، بما فيها شمالي البلاد”، مبينًا أن احتياجات سوريا للقمح هذا العام تبلغ مليوني طن للخبز فقط، وهناك احتياجات أخرى من بذار وسميد وبرغل وفريكة وغيرها.
وأشار قطنا إلى انخفاض الإنتاجية، وتضرر محصول القمح نتيجة التغيرات المناخية التي تشمل انخفاض الهطولات المطرية أو شدتها التي تؤدي إلى انجرافات وأضرار، وعدم التوزع الصحيح لكميات الأمطار والجفاف لفترات طويلة، وهو ما ينتج عنه موت النبات، وانخفاض الكميات المخزنة في السدود، وخسارة المساحات القابلة للزراعة في موسم الصيف.
وسجلت سوريا في عام 2021 أخفض نسبة لإنتاج القمح منذ 50 عامًا، بسبب ارتفاع أسعار المواد والظروف الاقتصادية السيئة، بحسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
–