أصدرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الحقوقية تقريرًا اليوم، الثلاثاء 20 من أيلول، رصدت من خلاله ضلوع ثلاث منظمات إنسانية، سوريّة ودولية، في عمليات توطين غير قانونية لمقاتلين في “الجيش الوطني السوري”، في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي.
وبحسب ما جاء في التقرير، اتفقت منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” مع فصيل “لواء سمرقند” التابع لـ”الجيش الوطني” ببناء قرية “الأمل” وتسهيل مهمتها دون التعرّض لها، لقاء حصول مقاتلي الفصيل على 16% من البيوت في المشروع.
وبدأت المنظمة المشروع المصمم لأجل إيواء النازحين داخليًا، عام 2019، في ناحية جنديرس قرب بلدة كفر صفرة، من خلال قطع مئات الأشجار الحرجية، وفق التقرير الذي نشر صورًا للمنطقة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية.
وذكر التقرير أن منظمة “شام الخير الإنسانية” وبإشراف من “منظمة الرحمة العالمية” (الكويتية)، أسهمتا إلى جانب منظمة “إحسان” بعملية تخديم جزء آخر من جوانب المشروع وترغيب النازحين من مناطق سوريّة أخرى بالسكن في تلك القرية.
وتتألف القرية من كتلتين سكنيتين، شرقية وغربية، وتشكّل واحدة من تسع قرى و”مستوطنات بشرية” (على حد تعبير المنظمة)، تمّ البدء في بنائها بعد سيطرة “الجيش الوطني” على منطقة عفرين بدعم تركي عام 2018.
وبُنيت جميع تلك القرى غير القانونية، بحسب تقرير “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بموافقة من المجلس المحلي في عفرين بناء على توجيهات من والي ولاية هاتاي التركية، رحمي دوغان، وهو المسؤول المباشر عن إدارة المنطقة من قبل تركيا.
وأنهت المنظمة تقريرها بأن بناء القرية يمثل انتهاكًا للقانون من قبل جميع الأطراف المذكورة من منظمات وفصائل ومجالس محلية وأطراف تركية داعمة، وحتى النازحين كونهم يعلمون أن العقارات ليست ملكهم.
ما تفاصيل قرية “الأمل غير القانونية”؟
.تقع القرية في أرض حرجية على سفح تلّة شمالي شرقي بلدة كفر صفرة في ناحية جنديرس.
.يُعرف الموقع محليًا باسم “جيايي شاوتي”، وتعود ملكية الأرض للدولة السورية، وليست ملكية فردية.
.تقع المنطقة ضمن نطاق نفوذ فصيل “لواء سمرقند” التابع لـ”اللواء 121″ التابع لـ”الفرقة 13″ المنضوية ضمن “الفيلق الأول” المنضوي تحت راية “الجيش الوطني السوري”.
.تتألف من 247 منزلًا دائمًا للنازحين داخليًا (المهجرون قسرًا) من مختلف المحافظات السورية.
.بدأ قطع الأشجار وتمهيد الأرض عام 2019
.بدأت عملية البناء في أيار 2020
.أعلنت منظمة “إحسان” في أيلول 2021 عن قرب إنهاء بناء 247 وحدة سكنية (منزل) في المشروع ذاته.
.نقلت المنظمة بعض العائلات من محافظات حلب وإدلب للسكن ضمن القرية.
.تتراوح مساحة القرية بين 40 إلى 50 دونمًا أي ما يعادل نحو 40 إلى 50 ألف متر مربع.
.تضم القرية مدرسة وحضانة للأطفال ومسجدًا ومعهدًا لتحفيظ القرآن ومستوصف وحدائق صغيرة ومحال تجارية، وجرى تخديمها ببئر مياه وتعبيد الطرق وفرشها بالحصى.
.اختارت منظمة “إحسان” العائلات المستفيدة ونقلت نحو 60 عائلة إلى القرية.
.تم تخصيص نحو 40 منزلًا على الأقل لصالح مقاتلي فصيل “لواء السمرقند” الذي يسيطر على المنطقة.
.اختيرت مواد البناء من المواد الثابتة كالحديد والإسمنت والطوب لأن المشروع سيكون لإسكان المستفيدين بشكل دائم.
.المسؤول عن التجمع السكني أمنيًا، شخص منتدب من قبل “لواء سمرقند”.
.يتحكم المندوب الأمني بسكان التجمع ويعطي القرارات والإنذارات للسكان.
النازحون “واجهة” لخطة تغيير ديمغرافي
مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، قال عبر مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، إن مشروع الوحدات السكنية هو انتهاك يجرّمه القانون، يبدأ من قطع الأشجار إلى التعدي على أملاك عامة وامتلاك ناس لمساكن على أراضي ليست لهم.
وأشار الأحمد إلى أن ظاهر هذه المشاريع إنساني لخدمة النازحين، تُبنى وفق ظروف استثنائية، لكن جوهرها هو جعل النازحين “واجهة” لتمرير خطة تغيير ديمغرافي في المنطقة، من خلال جلب النازحين وتثبيتهم في مناطق غير مناطقهم.
بعض المشاريع السكنية التي تُبنى بالشمال السوري، تشبه مبدأ عمل النظام لمشاريع في أرياف دمشق والعمل على قوننتها، من حيث المبدأ هم سوريون ونازحون، لكن يتم استغلالهم تحت غطاء الإنسانية لتمرير مشاريع تغيير ديمغرافي، وفق الأحمد.
ولفت مدير المنظمة الحقوقية إلى أنه لا يصادر حق النازحين في الحصول على سكن يأويهم، لكن ما يحدث هو استغلال بعض المنظمات مع جهات محلية ودولية ظروف النزوح والنازحين لتمرير خطة تغيير ديمغرافي.
وأضاف الأحمد أن الجهات والمنظمات التي تنفذ هذه المشاريع تعلم أنها ترتكب انتهاكًا تحت مسمى “الإنسانية”.
حاولت عنب بلدي التواصل مع منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” لكنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
انتهاكات سابقة
وتتكرر الانتهاكات والاعتداءات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية التابعة لفصائل أو جهات ومؤسسات عسكرية تنشط في مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، رغم وجود أجهزة قضائية و”شرطة عسكرية” و”شرطة مدنية”، والعديد من لجان الصلح، الموكل إليها محاسبة الانتهاكات بشكل عام.
أحدث هذه الانتهاكات جرت، في أواخر آب الماضي، حين تعرضت أحراش وأشجار حرجية في ناحية شران بمدينة عفرين لعمليات قطع واحتطاب من قبل عناصر في فصيل “لواء شهداء السفيرة” التابع لفرقة “السلطان مراد” في “الجيش الوطني”.
ولا تزال عمليات الاحتطاب مستمرة بشكل أخف عن الأسابيع الماضية، بعد أن أثارت جدًلا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالب بمحاسبة الفاعلين.
اقرأ أيضًا: عناصر في “الجيش الوطني” يقطعون أشجارًا حرجية في عفرين
وفي حزيران الماضي، أصدرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريرًا، رصدت من خلاله تسعة فصائل تتبع لـ”الجيش الوطني”، ضالعة بشكل أساسي في تجمعات سكنية غير قانونية في مدينة عفرين، وعلى رأسها “الجبهة الشامية” بقيادة قائدها السابق مهند الخلف، المعروف باسم “أبو أحمد نور”.
وخُصصت تلك المشاريع السكنية في معظمها لإسكان مقاتلي “الجيش الوطني” وعائلاتهم على مساحة شاسعة في المنطقة المعروفة محليًا باسم “جبل الأحلام”، والتي تشكّل جزءًا من جبل الأكراد في المنطقة، بحسب ما جاء في التقرير.
وسيطر “الجيش الوطني”، مدعومًا بالجيش التركي ضمن عملية “غصن الزيتون”، على مدينة عفرين، بعد معارك خاضها ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، انتهت في 18 من آذار عام 2018.
وأدت العملية العسكرية إلى نزوح أكثر من 137 ألف شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، في حين وثّقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” سرقة ونهب ممتلكات المدنيين في عفرين من قبل الفصائل المسيطرة.
وأقامت تركيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها بريف حلب الشمالي، مؤسسات مدنية ومشاريع خدمية متعددة، تديرها من خلال المجالس المحلية التي تدعمها في المنطقة، مبررة دخول قواتها بحماية حدودها من خطر حزب “العمال الكردستاني” المصنّف “إرهابيًا”.