درعا – حليم محمد
لم تستطع إسلام المحمد، من سكان ريف درعا الغربي، تسجيل ابنتها ذات الخمس سنوات في روضة للأطفال، وذلك بهدف تهيئتها للالتحاق بالمدرسة، السنة المقبلة.
وقالت السيدة الثلاثينية لعنب بلدي، إنها أجرت جولة على منشآت رياض الأطفال في مدينة طفس، ودرعا المدينة، موضحة أن الأقساط السنوية لا تقل عن مليون ليرة سورية خلال السنة الدراسية، وهو ما يفوق قدرتها المادية.
وتعمل إسلام في أعمال الخياطة، ولا يتعدى دخل أسرتها الشهري 100 ألف ليرة سورية (قرابة 25 دولارًا أمريكيًا)، ما عاق قدرتها على تسجيل طفلتها في الروضة، أسوة بالأطفال المماثلين لعمرها في المنطقة.
“حكر” على المقتدرين
إيمان (25 عامًا)، من سكان مدينة درعا، قالت لعنب بلدي، إنها كانت تسعى لتسجيل ابنها في روضة خاصة قبل ذهابه إلى المدرسة الابتدائية، وذلك بهدف إعداده نفسيًا وتعليميًا.
لكن ارتفاع أقساط الروضات مقارنة بالسنوات السابقة، دفع الشابة إلى إلغاء الفكرة رغم قناعتها بتأثر طفلها بقرارها، معتقدة أن عدم التحاقه بالروضة سيجعل من تقبله للالتحاق بالمدرسة بعد سنة “أمرًا أكثر صعوبة”، بحسب تعبيرها.
واعتبرت إيمان أن الروضات أصبحت “حكرًا” على المقتدرين ماليًا، بينما سيكون الصف الأول الابتدائي المحطة الأولى لأطفال “ذوي الدخل المحدود”، ما قد يؤثر على سويّة استيعابهم واندماجهم في المدرسة، بحسب رأيها.
أسباب ارتفاع أجور الروضات
بحسب ما رصدته عنب بلدي، تعددت الأسباب وراء ارتفاع الأقساط المالية التي تتقاضاها الروضات الخاصة في درعا، أبرزها ارتفاع أجور النقل.
تتعاقد كل روضة مع أكثر من حافلة نقل مخصصة لتوصيل الأطفال من وإلى منازلهم، ما يجعل من ارتفاع أجور النقل، الناتج عن ارتفاع أسعار المازوت، سببًا لرفع الأقساط.
ووصل سعر ليتر المازوت “الحر” إلى نحو ستة آلاف و300 ليرة سورية في السوق المحلية، وهو ما فرض على مالكي الحافلات طلب أجور تتناسب مع هذا الارتفاع.
إيمان المحمد، مدرّسة سابقة في روضة أطفال بدرعا، قالت لعنب بلدي، إن أسعار الكتب والقرطاسية التي تقدمها الروضات ارتفعت، ما يبرر ارتفاع أقساطها، بالإضافة إلى تقديم بعض الروضات وجبات غذائية للأطفال تختلف مكوّناتها ووجودها من عدمه بحسب الروضة، وتعاقدها مع أهالي الأطفال.
ولا تخضع الروضات أو المدارس أو المؤسسات التعليمية الخاصة لرقابة واضحة من قبل مديرية تربية درعا، فيما يخص تحديد الأقساط المالية، إذ تترك ذلك للتعاقد بين المستفيد وإدارة الروضات، ما يجعل قيمة القسط تختلف بين روضة وأخرى.
التربية: تحديد القسط “اختياري”
بدوره، أوضح مدير التعليم في وزارة التربية بحكومة النظام السوري، عماد هزيم، في حديث لموقع “المشهد” المحلي، مطلع حزيران الماضي، أن آخر زيادة لأقساط المدارس الخاصة والروضات تمت بموافقة وزارة التربية كانت عام 2020.
وأضاف هزيم أن للوزارة الحق بإعادة النظر بالأقساط في حال صدور قوانين برفع أجور العاملين أو تعديل أسعار المحروقات.
وحول مراقبة الوازرة للأسعار، قال هزيم إن تحديد الأقساط أمر اختياري يعود للعلاقة بين إدارة المدرسة أو الروضة وولي أمر الطالب، وعلى المنشأة التعليمية إخطار وزارة التربية بها على ألا يطرأ أي تعديل عليها خلال العام، على حد قوله.
وبحسب هزيم، يُفرض بحق المؤسسات التعليمية التي تزيد أقساطها من تلقاء نفسها غرامة مالية مع إعادة المبالغ المستوفاة من الأهالي، ومن الممكن أن تصل العقوبة إلى إلغاء ترخيص المنشأة.
لماذا يلتحق الأطفال بالروضات؟
جاء الاهتمام بالطفل وتأسيس رياض الأطفال في البلاد العربية متأخرًا عن معظم دول العالم، بحسب ما أوضحته دراسة صادرة عن مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” عام 2020، وضمت في بداياتها منذ حوالي عام 2000، أبناء الطبقات الغنية أو الوسطى، على أساس أن الغاية الأساسية والأولى منها ظهرت كعملية استثمارية مادية أكثر منها تربوية، وهو ما يختلف تمامًا عن ظروف نشأتها وأسبابها في مختلف دول العالم.
وبحسب الدراسة، تهدف رياض الأطفال ما قبل المدرسة لتهيئتهم، ومساعدتهم على تحقيق الأهداف التربوية المختلفة، وتنمية قدراتهم في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية.
كما تهدف إلى تنمية مهارات الأطفال اللغوية والحسابية والفنية من خلال النشاطات الفردية والجماعية، وتهيئة الطفل للحياة المدرسية النظامية في مرحلة التعليم الأساسي، وذلك عن طريق الانتقال التدريجي من جو الأسرة.
وعلى خلاف العديد من الدول المتقدمة، تعتبر رياض الأطفال مرحلة تعليم غير إلزامية في سوريا، إذ لا توجد رياض أطفال رسمية، بل معظمها عائد للقطاع الخاص، أو يتبع لجمعيات أهلية، أو للمؤسسات الحكومية التي تكون مخصصة لأبناء العاملات فيها فقط.