عنب بلدي – محمد النجار
يعتزم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والاتحاد الآسيوي لكرة القدم، إرسال وفد يمثل الاتحادين إلى سوريا، لدراسة كيفية تقديم الدعم لكرة القدم في مناطق النظام السوري، بعد إجراءات حظر فُرضت على الملاعب السورية منذ 11 عامًا.
وأعلن “فيفا” أنه بصدد إرسال وفد مشترك يضم الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلى سوريا، لإجراء “تقييم أمني” حول إمكانية استضافة البلاد مباريات ودية دولية، الأمر الذي اعتبرته المعارضة السورية “تصرفًا غير أخلاقي” من الاتحادين.
وسيعمل الاتحاد الدولي مع المنظمات المعنية بما فيها الأمم المتحدة، لاتخاذ تدابير تسمح بتنفيذ برامج “فيفا” للتطوير في سوريا بشكل كامل، وسيدعم هذا التعاون بين المنظمات الدولية الاتحاد السوري لكرة القدم، من أجل تطوير وتجديد البنية التحتية لكرة القدم وتنظيم المسابقات، بما يتماشى مع رؤية رئيس “فيفا”، جياني إنفانتينو، لفترة 2020- 2023.
وبحسب ما جاء في البيان، الذي نُشر على الموقع الرسمي لـ”فيفا” في 11 من أيلول الحالي، سيبعث هذا التعاون رسالة أمل للشعب السوري، ويعمل على تعزيز “القيم الإيجابية” التي يمكن نقلها من خلال كرة القدم.
“الكيل بمكيالين.. دعاية انتخابية”
قرار زيارة اللجنة الدولية إلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري، أثار غضب الشارع السوري المعارض، في الوقت الذي لا يزال العالم يعاين ركام المدن والبلدات السورية التي دكّتها طائرات وصواريخ النظام على مدار 11 عامًا.
تستمر المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية بتوثيق مئات آلاف الضحايا المدنيين الذين قتلتهم آلة النظام الحربية، إلى جانب عشرات الآلاف من المعتقلين في سجونه، عدا عن تحويله بعض الملاعب إلى مراكز اعتقال وانطلاق لعملياته العسكرية أو مهابط للطائرات المروحية.
رئيس هيئة الرياضة والشباب في “الحكومة السورية المؤقتة”، أحمد الخطيب، قال لعنب بلدي، إن هذا الإجراء من قبل الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم، يعطي شهادة تقدير ومكافأة للنظام السوري على جرائمه ضد الشعب السوري، بمن فيه الرياضيون الذين قُتلوا في المعتقلات.
واعتبر الخطيب أن هذا الإجراء يأتي ضمن سياسة “الكيل بمكيالين”، ولا يليق بسمعة الاتحادين الدولي والآسيوي إرسال وفد أو إلغاء الحظر على ملاعب شهدت نزيف الدماء السورية جراء التعذيب، مؤكدًا أن هيئة الرياضة ستوجه كتابًا للاتحادين الدولي والآسيوي.
وتساءل رئيس هيئة الرياضة والشباب، لماذا لم تُفرض عقوبات على المنتخبات والأندية التابعة للنظام السوري، كما عوقبت منتخبات وأندية روسيا إثر “غزوها” لأوكرانيا، مع علم الجميع بأن النظام السوري قد حوّل معظم الملاعب، بما فيها استاد “العباسيين” الدولي في العاصمة دمشق، إلى معتقلات لتعذيب وقتل الشعب السوري.
ويرى الخطيب أن هذا القرار يأتي ضمن الدعاية الانتخابية للاتحادين الدولي والآسيوي، مع اقتراب موعد الانتخابات فيهما التي ستجري العام المقبل، معربًا عن أسفه في حال إرسال الوفد، واصفًا ذلك بأنه “خطوة اغتيلت فيها القيم والروح الرياضية المنشودة، وهي على حساب الشعب السوري والرياضيين السوريين في بلاد اللجوء”، حسب قوله.
رياضة سوريا “الحرة” خارج حسابات “فيفا”
نفى رئيس هيئة الرياضة والشباب في “الحكومة السورية المؤقتة” تلقيها أي دعم أو مساعدة من الاتحادين الدولي والآسيوي، متسائلًا عن سبب عدم دعم “فيفا” للرياضيين “الأحرار” المناهضين للنظام السوري في الداخل السوري خارج حكم النظام، وكذلك في تركيا وبلاد اللجوء.
ويواجه قطاع الرياضة في مدن وبلدات الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة المعارضة صعوبات عديدة، من قلة الدعم، وعدم توفر بنية تحتية مناسبة، رغم جهود الجهات المحلية والمنظمات العاملة في الشمال السوري.
كما نال القطاع الرياضي نصيبه من القصف كغيره من القطاعات الأخرى، عبر تدمير كثير من المرافق الرياضية مثل الملاعب والصالات، أو غياب الأمان الذي عاق تنظيم العديد من النشاطات الرياضية.
وتنشط خارج سوريا العديد من الأكاديميات والهيئات الرياضية، وهي تعاني قلة الدعم والرعاية والاهتمام، من قبل المؤسسات الرياضية الدولية.
وطالب أحمد الخطيب الاتحادين بإنصاف كرة القدم السورية “الحرة”، وخاصة الرياضيين السوريين في بلاد اللجوء بالعالم، مشيرًا إلى وجود مواهب رياضية عالية المستوى دون أي دعم أو رعاية من أي جهة كانت، مضيفًا أن الرياضة هي فن وقيم وأخلاق ومبادئ يجب على المنظمات الدولية احترامها واحترام من يعمل بها.
وسبق أن أرسلت هيئة الرياضة والشباب في “الحكومة السورية المؤقتة” كتبًا رسمية إلى اللجنة الأولمبية الدولية واتحاد اللجان الأولمبية العربية، طالبت فيها بوقف دعمها للجنة الأولمبية التابعة للنظام، والعمل على دعم الهيئة، نظرًا إلى العدد الكبير من الشباب السوري الذي يمارس معظم الألعاب الرياضية في الشمال السوري وفي بلاد اللجوء، وفق الخطيب.
تجارب ولجان سابقة
بعد اندلاع الثورة السورية في عام 2011، فرض “فيفا” حظرًا على الملاعب السورية، ما أجبر المنتخب السوري على لعب مبارياته خارج أرضه، وتتنافس حاليًا الأندية والمنتخبات السورية في بطولات الاتحاد الدولي والآسيوي، ولا يُسمح لها باستضافة مبارياتها على الأراضي السورية.
ومنذ عام 2012، زارت لجنة من “فيفا” الأراضي السورية مرة واحدة كانت أواخر 2019، بهدف “تقييم الأوضاع”، ومراقبة المؤتمر الانتخابي للاتحاد السوري لكرة القدم، كما أشارت إلى دعم الاتحاد الدولي المنتخبات السورية في المشاركات الدولية عبر الحجوزات وتذاكر الطيران.
وطالب الاتحاد السوري لكرة القدم عدة مرات برفع الحظر عن الملاعب السورية، والسماح للمنتخب بلعب مبارياته في سوريا، بحجة أنها أصبحت “آمنة”.
في 21 من تموز 2018، قال رئيس اتحاد كرة القدم في سوريا حينها، محمد فادي الدباس، إن لجانًا من “فيفا” ستزور دمشق واللاذقية وحمص.
وفي نيسان 2018، أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، أن الاتحاد يدرس إمكانية رفع الحظر عن الملاعب السورية، معربًا عن أمانيه برؤية المنتخبات السورية تلعب على أرضها، مؤكدًا أن “السوريين تقدموا بطلب وسنقوم بدراسته بالتأكيد”، لكن الزيارة لم تحدث.
وتعتبر الرياضة في سوريا بعيدة عن أولويات النظام السوري، التي يوظفها لتأكيد حضوره خارجيًا، وسط اتهامات بـ”الفساد والواسطة” للمنظومة الرياضية في سوريا.