عنب بلدي – ريف حلب
نظّم معلمون في العديد من مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي وقفات احتجاجية حملت مطالب عدة، بالتزامن مع إضراب في مدارس عدة منذ بداية أيلول الحالي.
وشهدت مدن اعزاز والباب والراعي وأخترين وقفات احتجاجية لمعلمين ومعلمات، طالبوا بزيادة الرواتب والأجور الشهرية، وتحسين واقع العملية التعليمية، رافضين الحلول الجزئية المقدمة لهم من سلال غذائية أو قسائم ملابس.
ولا يزال الإضراب مستمرًا، وسط انتظار استجابة من قبل الجهات المعنية في المجالس المحلية ووزارة التربية في “الحكومة السورية المؤقتة” المسيطرة على المنطقة.
رواتب لا تسد الرمق
محمد الياسين، مدرّس لغة عربية في مدرسة إعدادية بمدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، أوضح عبر مراسلة إلكترونية لعنب بلدي، أن الإضراب لم يكن مطلب المعلمين أو غايتهم، إلا بعد أن وصلت حالهم إلى مرحلة “الجوع والذل والقهر” أمام أطفالهم.
وطالب الياسين بتوفير راتب “يحفظ كرامة المعلم أمام صاحب البقالية”، مشيرًا إلى أن قيمة الراتب لا تتجاوز 60 دولارًا أمريكيًا (1100 ليرة تركية)، ولا تكفي لتأمين أدنى احتياجات العائلة.
وفي حين حمّل الياسين المسؤولية للمجلس المحلي والجهات المعنية التي تدير المنطقة، والتي لا تتجاوب مع مطالبهم، جرى تحميل المعلمين مسؤولية الإضراب وتبعاته السلبية.
حمزة محمد بربوري، مدرّس في إحدى مدارس مدينة اعزاز، أوضح عبر مراسلة إلكترونية لعنب بلدي، أن احتياجات المعلم تفوق ما يحصل عليه من دخل شهري بأضعاف، مشيرًا إلى عدم تأمينه أهم احتياجات العائلة الأساسية من غذاء وكسوة ووقود.
أضعف شرائح الموظفين
قال المدرّس بربوري، إن الوضع المتردي الذي يعيشه المعلم في المنطقة يضعه أمام خيارين، إما عمل رديف بساعات طويلة ومتعبة، وإما ترك العملية التعليمية، مشيرًا إلى أن الخيار الثاني اتخذه عشرات المعلمين.
وتساءل بربوري عن كيفية تطوير العملية التعليمية، والاهتمام بالطالب، والتواصل مع أولياء الأمور، وتفرغ المعلم لمهامه، وزرع القيم الأخلاقية النبيلة، وهو يفكر بتأمين أبسط متطلبات عائلته.
ويعتبر المعلم من أضعف شرائح الموظفين من حيث الراتب الشهري، بالمقارنة مع الموظفين على المستوى الصحي والأمني والعسكري والإغاثي، ومن حيث المساعدات المخصصة، وفق بربوري.
فكرة الإضراب غير المنظمة والعشوائية هي فكرة عبثية غير مدروسة النتائج، بحسب بربوري، الذي لفت إلى ضرورة وجود خطة زمنية للإضراب، وتحضير مسبق مدروس بعيد عن العشوائية من قبل المعلمين، للحصول على نتائج إيجابية تخدم المعلم والعملية التعليمية، وتجنب الضرر للطلاب.
ودعا المدرّس في حالة الاستجابة للمطالب، إلى أن تكون قيمة رفع الرواتب مجزية وتتناسب مع الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار الذي تشهده المنطقة، وألا تكون الزيادة “وهمية”.
تواصلت عنب بلدي مع مدير التربية والتعليم في مدينة اعزاز عبر مراسلة إلكترونية، لكنها لم تتلقَّ جوابًا حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وحاول مراسل عنب بلدي في ريف حلب الشمالي مقابلة الجهات المسؤولة في مديرية التربية باعزاز، لكنهم رفضوا الإدلاء بأي تصريح.
احتجاجات سابقة.. المطالب مستمرة
الاحتجاجات ليست جديدة، إنما تكررت الإضرابات والوقفات الاحتجاجية والمظاهرات التي نظمها معلمون في ريف حلب الشمالي والشرقي منذ أشهر، بتعدد أسبابها، كالمطالبة بزيادة الدخل الشهري، وعدم التعدي على حقوق المعلمين.
كما خرجت بعض المظاهرات المناهضة للفساد الإداري في المنطقة، وتردي العملية التعليمية، و”فوضى السلاح”.
في آذار الماضي، شهدت عدة مدن بريف حلب إضرابًا لعدة مدارس، رفضًا واستنكارًا للتسيّب الأمني، ولانتشار مظاهر العسكرة وحمل السلاح أمام أبواب المدارس دون رقيب.
وبدأت احتجاجات المعلمين في مناطق سيطرة “الحكومة السورية المؤقتة” بريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي رأس العين وتل أبيض، في 14 من تشرين الأول 2021، للمطالبة بتحسين رواتبهم التي انخفضت قيمتها مع تدهور الليرة التركية.
وكان أجر المعلم في هذه المناطق 500 ليرة تركية، قبل أن يحتج المعلمون على ذلك في تشرين الأول عام 2018، ليرتفع بعدها إلى 750 ليرة تركية.
وتشهد الليرة التركية انخفاضًا في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات.
ورغم إعلان المجالس المحلية العاملة في المنطقة رفع رواتب الموظفين والعاملين، في كانون الأول 2021، بجميع القطاعات، بنسبة بلغت 40%، بقيت المظاهرات مستمرة بوتيرة متفاوتة وسط وعود عديدة بتلبية مطالب المتظاهرين.
وارتفع راتب معلم المدرّسة العازب من 700 ليرة تركية إلى ألف ليرة، والمتزوج من 750 ليرة إلى ألف و100 ليرة.