الأمم المتحدة تحذر من تصعيد عسكري جديد في سوريا
حذرت اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن سوريا، التابعة للأمم المتحدة، من احتمالية تصعيد عسكري جديد في سوريا قد يزيد من معاناة السوريين خلال الحرب التي عبرت حاجز عقد كامل من الزمن.
ونقل بيان عبر الموقع الرسمي للأمم المتحدة اليوم، الأربعاء 14 من أيلول، تحذيرات اللجنة الدولية من “صعوبات متزايدة لا تطاق” يواجهها السوريون اليوم.
ويعاني الملايين من السوريين، فمنهم من يموت في مخيمات النازحين، بحسب البيان، بينما تزداد ندرة الموارد ويزداد إجهاد المانحين.
قال رئيس اللجنة، باولو بينيرو، الذي أصدر أحدث تقرير للجنة جاء من 50 صفحة، عن حالة حقوق الإنسان في سوريا بين 1 من كانون الثاني و30 من حزيران الماضيين، إن التعبئة القتالية بين القوات التركية وحلفائها، تقابلها حشود للقوات الكردية وحلفائها في الشمال السوري لا تزال مستمرة.
وفصّل تقرير اللجنة، الذي ترجمته عنب بلدي، الهجمات التي وقعت شمالي حلب، وأسفرت عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 92 مدنيًا، ودمرت منازل ومدارس ومساجد ومنشآت طبية ومباني إدارية خلال قصف متبادل بين الطرفين.
تحقيقات حول الهجمات
لا يزال التحقيق في العديد من الحوادث المميتة الحاصلة مؤخرًا في سوريا مستمرًا، بحسب البيان، بما في ذلك قصف استهدف سوقًا مزدحمة في مدينة الباب، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 مدنيًا، بينهم خمسة أطفال، و36 جريحًا، في آب الماضي.
وحذرت المفوضة لين ولشمان، عضو في لجنة التحقيق بشأن سوريا، من أن اللجنة لا تزال ترى عمليات استهداف مستمرة من طرف إسرائيل في سوريا.
ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء اليوم، الأربعاء، عن ولشمان، أن الغارة الإسرائيلية على مطار “دمشق” في حزيران الماضي، أوقفت المساعدات لما يقارب أسبوعين.
وتتصاعد العمليات العسكرية لأمريكا وتركيا والقوات المدعومة من إيران في سوريا خلال الفترة الماضية.
في حين لا تزال روسيا تدعم النظام السوري بنشاط، خصوصًا فيما يتعلق بالغارات الجوية التي قتلت مدنيين واستهدفت مصادر الغذاء والمياه، بما في ذلك محطة مياه تخدم أكثر من 200 ألف شخص.
وفي الأسبوع الماضي فقط، تسببت غارات جوية جديدة بسقوط المزيد من القتلى والجرحى في محافظة إدلب، إذ تخضع هذه الهجمات حاليًا للتحقيق، بحسب ولشمان.
وفي 19 من آب الماضي، قُتل أكثر من عشرة مدنيين وجُرح عشرات آخرون، إثر قصف صاروخي استهدف سوقًا في مدينة الباب ضمن المناطق التي تعدّها تركيا “آمنة” شرقي محافظة حلب.
“الدفاع المدني السوري” قال حينها، إن القصف خلّف 14 قتيلًا بينهم خمسة أطفال، وأكثر من 30 جريحًا بينهم 11 طفلًا “على الأقل”، كـ”حصيلة أولية” للاستهداف، مشيرًا إلى إمكانية ارتفاعها مع استمرار فرقه بإسعاف الجرحى.
سبق ذلك، في 22 من حزيران الماضي، مقتل سبعة مدنيين بينهم أطفال وجرح آخرين، إثر قصف جوي روسي استهدف أطراف بلدة الجديدة واليعقوبية في ريف مدينة جسر الشغور غربي محافظة إدلب.
وقال “الدفاع المدني“ حينها، إن سبعة مدنيين بينهم أربعة أطفال من عائلة واحدة قُتلوا، وجُرح 12 آخرون بينهم ثمانية أطفال، باستهداف روسي لمزرعة خاصة بتربية الدواجن يقطنها مهجرون على أطراف قرية الجديدة، ومنازل مدنيين على أطراف قرية الجانودية في ريف إدلب الغربي.
العبء يحمله مدنيون
أشار تقرير اللجنة إلى أن العائلات التي تعيش على الخطوط الأمامية لخط المواجهة، تتحمل العبء الأكبر من القصف القادم من مناطق نفوذ النظام السوري، حيث سجل التقرير مقتل أطفال وهم في طريقهم إلى المدرسة، إضافة إلى رجال قُتلوا في أثناء توجههم إلى متاجرهم، وقُتلت عائلة بأكملها في أثناء تجمعها خارج منزلها لتناول الشاي بعد الظهر.
وتطرق التقرير إلى الحملة الأمنية الموسعة التي بدأتها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) قبل أكثر من 20 يومًا في مخيم “الهول” بالحسكة، لملاحقة من أسمتهم خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وجاء في التقرير، أن الوضع الأمني في مخيم “الهول” يزداد سوءًا، إذ أُبلغ عن 34 جريمة قتل بين 1 من كانون الثاني و31 من آب الماضيين داخل المخيم، إضافة إلى عدة اشتباكات دامية بين “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) وسكان المخيم.
وأشار إلى أن الأطفال في “الهول” ومخيمات أخرى بشمال شرقي سوريا باتوا في “وضع مقلق”، إذ إنهم يفتقرون للرعاية الصحية والتعليم الكافيين.
ويعاني العديد من سكان المنطقة من العنف داخل المخيمات، بمجرد وصولهم إلى سن البلوغ، ويتعرض الأطفال وصغار السن لخطر نقلهم إلى مراكز الاحتجاز العسكرية جنبًا إلى جنب مع مقاتلين سابقين من تنظيم “الدولة”.
وتواصل “قسد” تنفيذ حملة أمنية داخل مخيم “الهول” شرقي الحسكة لليوم الـ21 على التوالي، بحسب أحدث صور نشرتها وكالة “هاوار” المقربة من “قسد”.
كما عرض التقرير الأممي تحقيقًا شاملًا حول أكبر هجوم للتنظيم على الأراضي السورية منذ أن فقد سيطرته الفعلية على مناطق شمال شرقي سوريا، في إشارة إلى أحداث سجن “غويران” في مدينة الحسكة، في 20 من كانون الثاني الماضي.
وهاجمت حينها خلايا من تنظيم “الدولة” السجن الذي يحوي على عدد كبير من عناصره الأسرى لدى “قسد” والتحالف الدولي، بغرض تحريرهم، ما خلّف مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل المئات، وهروب أعداد كبيرة من عناصر التنظيم.
جرائم التعذيب مستمرة
لفت تقرير اللجنة الدولية، إلى أن جرائم الحرب المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة التي تُرتكب في سجون النظام السوري لا تزال مستمرة حتى اليوم، إذ وصل التعذيب في السجون إلى حد وفاة بعض المعتقلين.
ووثّق التقرير جرائم الحرب والوفيات في أثناء الاحتجاز بمرافق الاحتجاز التي تسيطر عليها جماعات مسلحة مختلفة.
وتبيّن أيضًا أن عشرات الأشخاص الذين فُقدوا منذ فرارهم من الغوطة الشرقية عبر الممرات الإنسانية التي أنشأها الاتحاد الروسي في عام 2018، قد أُعلن عن وفاتهم، ومن المرجح أن بعضهم قُتل بإعدام ميداني، بحسب التقرير.
وفي حين لا يزال عشرات الآلاف من السوريين مختفين قسرًا أو مفقودين، يستمر النظام بممارسة “المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة بحق أقارب المفقودين”، من خلال تعمد إخفاء مصيرهم ومكان وجودهم.
كما تتأثر النساء والفتيات بعواقب الاختفاء القسري، إذ تعرضن لانتهاكات جنسية وانتهاكات لحقوقهن، بما في ذلك حرية التنقل والتعبير وتكوين الجمعيات والسكن وحقوق الملكية.
المفوضة لين ولشمان قالت، إن النساء في سوريا عانين من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في الاعتقال والمعسكرات وفي حياتهن اليومية.
وبناء على ما سبق، قال رئيس اللجنة، باولو بينيرو، إن حديث الدول المجاورة عن خطط للعودة الجماعية للاجئين السوريين، يجب أن يكون اختياريًا وبطريقة آمنة وكريمة وطوعية.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :