درعا – حليم محمد
لا يعوّل سكان محافظة درعا على عمل المجالس المحلية، ومنها البلديات المزمع انتخاب أعضائها في 18 من أيلول الحالي.
لم تشهد الدورة الماضية من عمل المجالس المحلية، بعد سيطرة النظام على محافظة درعا، في تموز عام 2018، أي تحسن في تقديم الخدمات المتعلقة بواجباتها ومهامها، كحل مشكلات تراكم القمامة على جوانب الطرق والمطبات والحفر في الشوارع، وإنارة الطرق، وغيرها.
وكبديل عن ذلك، ولتحسين الواقع الخدمي، لجأت بعض المناطق في درعا إلى جمع التبرعات المحلية بهدف صيانة بعض المرافق.
البلديات “دون تمويل”
يعتبر “عدم وجود التمويل المالي” الرد الأول والأكثر تكرارًا على لسان موظفي البلديات في عدة مناطق من درعا، وذلك عقب طلبات السكان بتحسين الخدمات في الشوارع العامة، بحسب حديث عنب بلدي إلى عدد من أهالي المحافظة.
أم أحمد (45 عامًا) من سكان مدينة داعل، قالت لعنب بلدي، إن وجهاء المدينة طالبوا البلدية أكثر من مرة بتحمّل مسؤولياتها في تنفيذ الخدمات، إلا أن جوابها كان، “ما في رصيد مالي للبلدية”.
واعتبرت السيدة الأربعينية أن من أساسيات عمل البلديات ترحيل القمامة بالدرجة الأولى، لكن البلديات عاجزة عن تأمين الأجور المناسبة للعمال الذين يتقاضون أجورهم من السكان.
حسان محمد (30 عامًا) يقيم في منطقة اللجاة، قال لعنب بلدي، إن البلديات لم تقدم أي خدمات تُذكر لمناطق اللجاة، مضيفًا أن جواب المسؤولين للوجهاء ردًا على طلبات تحسين الخدمات، كان دومًا يتعلق بغياب التمويل الذي يعوق عملهم.
غياب الخدمات يؤرّق السكان
تنتشر القمامة في معظم مناطق أرياف درعا منذ سنوات دون حلول، وسط تخوف السكان من انتشار الأمراض المعدية الناتجة عن تفسخ النفايات.
عبد الرحمن (45 عامًا) من سكان بلدة تل شهاب بريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إن انتشار القمامة الكبير بالمنطقة، تنتج عنه روائح مزعجة تؤثر على صحة السكان، مضيفًا أن “حجة البلديات” حول عدم إزالتها إما تعطل الجرار، وإما غياب المازوت لتشغيله.
واعتبر عبد الرحمن أن بلدة تل شهاب كانت من أجمل مناطق درعا، لكونها مقصد العديد من السياح، لكنها أصبحت اليوم بلا خدمات طرقية، كإنارة الشوارع، أو تعبيد الطرقات، وغيرهما.
تبرعات المغتربين
قدّمت بعض بلديات الريف الشرقي من محافظة درعا خدمات محلية للمنطقة، خلال العام الحالي، منها الاهتمام بترحيل القمامة، وتعبيد مطبات الطرق، وذلك بالاعتماد بشكل رئيس على كتل مالية مقدمة من سكان المنطقة أنفسهم على شكل تبرعات.
“أبو محمد” (50 عامًا)، من سكان بلدة المسيفرة قال لعنب بلدي، إن بلديات الجيزة وصيدا والغارية الشرقية، قدمت خدمات في المنطقة على نفقة متبرعين محليين ومغتربين.
من جهته، محمد المفعلاني (28 عامًا) من سكان ريف درعا الشرقي، اعتبر أن أعمال البلديات المدعومة من قبل السكان تعتبر خدمات غير كاملة، وذلك بحسب المقدرة المالية للأهالي.
قامت البلديات في العام الحالي، بتمويل من السكان، بتعبيد عدة طرق في ناحتة والمليحة الغربية، بالإضافة إلى ترحيل القمامة من المناطق.
وقال إن الأهالي جمعوا مبلغ مليون ونصف المليون لإصلاح الجرار الخاص بورشات النظافة.
محمود (50 عامًا) من سكان بلدة صيدا، قال لعنب بلدي، إن البلدية قامت بالأعمال الخدمية في صيدا على نفقة السكان، وبدعم من المغتربين، كما رممت بعض المدارس وعبّدت الطرق، وقامت بصيانة شبكات الكهرباء وترميم آبار مياه الشرب.
وحول آلية جمع “التبرعات”، أوضح محمود (تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، أن الأموال تُحوّل لرئيس البلدية الذي يقوم بدوره بتوجيه تنفيذ هذه الأعمال، مضيفًا أن حملات التبرع بدأت منذ أن شعر السكان بعجز مؤسسات النظام عن القيام بهذه الأعمال بعد سيطرته على المحافظة في تموز 2018، مشيرًا إلى أن التبرعات طوعية، وتعتمد بشكل رئيس على المغتربين والمقتدرين ماليًا.
وأشار محمود إلى أن التبرعات تأتي بناء على طلب من الأهالي للوجهاء، أو لمعالجة أمر خدمي ضروري.
بدورهم، يطلق الوجهاء نداءات التبرعات في كل بلدة، كما يشكّلون لجنة من الأهالي مكلفة بالإشراف على جمع هذه التبرعات.
ورغم أن الأموال مقدمة من الأهالي، تتبنى البلدية هذه الأعمال وتسجلها “كإنجاز” لمجلس المحافظة، بحسب محمود.
الريف “مهمّش”
يركّز مجلس محافظة درعا، بما يخص الواقع الخدمي، على دعم مجلس مدينة درعا بالاعتمادات المالية والآليات والرقابة الصحية المستمرة، الأمر الذي تفتقده ضواحي درعا، وكذلك أرياف المحافظة.
ويشهد مركز المدينة حملات تنظيف، وصيانة دورية للمرافق العامة، وترحيلًا لأنقاض الحواجز الأمنية التي انسحبت من المدينة نهاية عام 2021، إذ نشر المكتب الصحفي لمجلس المدينة، في 17 من آب الماضي، صورًا لأعمال ترحيل القمامة من أحياء المدينة.
في حين تشهد ضواحي المدينة وأرياف درعا إهمالًا من المجالس المحلية، إذ نشرت صحيفة “الثورة” الحكومية، في 18 من آب الماضي، مناشدة من أهالي الضواحي قالت فيها، “يأمل سكان ضواحي درعا ألا تقتصر أعمال النظافة على مركز المحافظة وأحيائها”، إذ تزعج الرائحة الكريهة الناتجة عن تكوّم النفايات سكان الضواحي أيضًا.