حضرت الطالبة منى (18 عامًا)، المقيمة في ريف محافظة إدلب، شمالي غربي سوريا، برفقه والدها أحمد صطيف (49 عامًا)، للتسجيل على مفاضلة جامعة “إدلب” للدراسة في الجامعة، وذلك بناء على رغبتين اختارتهما، هما كلية الشريعة والحقوق وكلية الأدب العربي.
الشابة منى قالت لعنب بلدي، إنها ترغب أيضًا بدراسة الأدب الإنجليزي، إلا أن مجموع درجاتها في الشهادة الثانوية لا يسمح بذلك، لذا اقتنعت من والدها بتسجيل رغباتها في كلية الشريعة والحقوق أو الأدب العربي.
ويطمح أحمد صطيف، بحسب ما قاله لعنب بلدي، لأن تعمل ابنته معلمة في المستقبل، وأن تتابع الدراسات العليا لتكون أستاذة في الجامعة، لأن مهنة التعليم “مناسبة للإناث في مجتمعنا”، ولا تتطلب فترات غياب طويلة عن المنزل، “ما يمكنها من القيام بواجباتها المنزلية وتربيه أطفالها”، بحسب تعبيره.
إقبال على كليات دون أخرى
بحسب عدة مقابلات مع طلاب أجرتها عنب بلدي خلال جولة ترصد حركة التسجيل، داخل بهو جامعة “إدلب”، الخميس 8 من أيلول، تلعب المكانة الاجتماعية وفرص العمل والمردود المادي بعد التخرج دورًا مهمًا في تحديد رغبات الطلاب باختيار تخصصاتهم الدراسية.
سليم الزين (39 عامًا)، أستاذ متخصص في علم الاجتماع، قال لعنب بلدي، إن العملية التي تحكم تسجيل الرغبات في المفاضلة هي نسبة معدلات الثانوية، مقارنة بالمعدلات المطلوبة في بعض الكليات، إلا أن ارتفاع معدلات بعض الكليات والإقبال عليها من قبل الطلاب يعود لأسباب عديدة، كالمكانة الاجتماعية وفرص العمل والمردود المادي.
وأوضح الزين أن كليات الهندسة، ولا سيما الهندسة المدنية، كانت من الكليات التي يقبل عليها الطلاب بشدة قبل عام 2011، وذلك لما تحققه من مكانة اجتماعية ومردود مادي وفرص عمل، أما اليوم فقد تراجع الإقبال على هذه الكلية، ما دفع جامعة “إدلب” للبحث عن وسائل وخطط لترغيب الطلاب بكليات الهندسة عمومًا.
ولو أخذنا قسم الإرشاد النفسي في كلية التربية على سبيل المثال، لوجدنا أن هذا الفرع الدراسي لم يكن يشهد إقبالًا قبل عام 2011، بحسب الزين.
لكن مع اهتمام المنظمات الإنسانية المتزايد بهذا المجال، ازداد إقبال الشباب على هذا التخصص، لما يؤمّنه من فرص عمل في المنطقة.
الإمكانيات المادية عامل إضافي
كما تلعب الإمكانيات المادية دورًا إضافيًا في اختيار الرغبات الدراسية، إذ يفضّل عدد من الطلاب الكليات النظرية التي لا تتطلّب التزامًا بالدوام، أو يكون الالتزام بسيطًا قدر الإمكان، وذلك بسبب الأوضاع المعيشية القاسية، وحاجة الطلاب للعمل والمشاركة في إعالة أسرهم.
لين (21 عامًا)، طالبة تقيم في ريف إدلب، قالت لعنب بلدي، إنها اختارت رغبة التسجيل في كلية الصيدلة، على حساب طموحها ورغبتها بدراسة طب الأسنان، وذلك بسبب التكاليف المرتفعة للدراسة في هذا القسم، وارتفاع تكاليف الأدوات الطبية ومستلزمات فتح العيادة السنية.
اقرأ أيضًا: ضعف الخبرة و “المحسوبية” يقصيان خريجي إدلب عن سوق العمل
توعية باختيار التخصص
وخلال الأسبوع الماضي، نظم اتحاد الطلاب في جامعة “إدلب” حملات لتوعية الطلاب في اختيار التخصصات المناسبة خلال التسجيل على المفاضلة، بحسب ما قالته علا حلاج، مسؤولة اتحاد الطلبة لكلية التربية.
وأوضحت حلاج لعنب بلدي، أن الاتحاد نظم لجنة طلابية تضم عددًا من الطلاب الجامعيين من فروع جامعية مختلفة، لمساعدة الطلاب في اختيار التخصصات المناسبة، وإعطائهم نبذة عن الكليات في الجامعة، وطبيعة الدراسة في هذه الكليات، وفرص العمل التي يمكن للطالب العمل بها بعد التخرج.
أجواء التسجيل على المفاضلة
رئيس مركز كلية الطب البشري للتسجيل على المفاضلة (مركز التسجيل الوحيد للإناث في الجامعة)، محمد عبد العال، قال لعنب بلدي، إن رئاسة الجامعة رفدت كل مركز بعدة محاسبين ماليين، وثلاثة مدققين، وأربعة مدخلي بيانات، لمحاولة تسهيل أمور تسجيل الطلاب لرغباتهم في المفاضلة.
وتبلغ رسوم التسجيل على المفاضلة 50 ليرة تركية للطالب الذي يسجل لأول مرة، و100 ليرة تركية عند تغيير الرغبات.
وأشار محمد عبد العال إلى أن عدد الطالبات المسجلات على المفاضلة في مركز كلية الطب البشري، في اليوم الأول، بلغ 350 طالبة، ثم ازداد الإقبال على التسجيل، ليتجاوز 500 طالبة يوميًا، إذ وصل العدد الكلي للطالبات المسجلات إلى ثلاثة آلاف طالبة.
وتوجد في إدلب جامعتان للتعليم العالي فقط، هما جامعة “إدلب” التابعة لحكومة “الإنقاذ”، وجامعة “ماري” الخاصة، بينما توجد في مناطق ريف حلب حيث تسيطر “الحكومة السورية المؤقتة” ست جامعات، هي جامعة “غازي عينتاب” التركية، وجامعة “العلوم الصحية” التركية، وجامعة “الشمال” الخاصة، وجامعة “الشام العالمية”، و”الجامعة الدولية للعلوم والنهضة”، وجامعة “باشاك شهير”.
وتعاني مؤسسات التعليم العالي في الداخل السوري نقصًا في أعداد الكوادر التدريسية وحملة شهادات الماجستير في بعض الاختصاصات، ونقصًا في حملة شهادات الدكتوراه، وتعاني لوجستيًا عدم وجود الأجهزة التخصصية، كالحواسيب المتطورة والمراسم وأجهزة المخابر، إلى جانب صعوبة الاعتراف بالشهادة الصادرة عن بعض الجامعات خارج حدود سوريا.
–