بلغت حصيلة الضحايا في البناء المنهار بحي الفردوس جنوب شرقي حلب، الأربعاء، 13 ضحية بينهم سبع نساء وخمسة أطفال، بينما أُنقذ طفل وامرأة من تحت الأنقاض، وبحسب مجلس مدينة حلب، فإن سبب انهيار البناء ذي الطوابق الخمسة، هو عدم وجود أسس هندسية.
وقال رئيس مجلس مدينة حلب، معد مدلجي، للوكالة الرسمية السورية للأنباء (سانا)، الأربعاء 7 من أيلول، إن المبنى يقع ضمن منطقة مخالفات “تعرضت للدمار جراء الإرهاب”.
في حين أمر محافظ حلب، حسين دياب، الخميس، بتشكيل لجنة من الفنيين من الأمانة العامة لمحافظة حلب، ومجلس المدينة، ونقابة المهندسين، والخدمات الفنية، للكشف على البناء المنهار، وبيان أسباب انهياره، وتحديد عمره، وتقديم التقرير خلال 24 ساعة.
كما وجه المحافظ بإخلاء الأبنية المجاورة خوفًا من سقوطها، وتأمين سكن بديل في منطقة هنانو للمتضررين من أصحاب البناء المتهدم والأبنية المجاورة.
أمطار و”أعمال إرهابية”.. الانهيارات مستمرة
حادثة انهيار مبنى حي الفردوس بحلب ووقوع ضحايا كانوا قاطنين فيه ليست الأولى، فمنذ سيطرة قوات النظام السوري على المدينة أواخر عام 2016، وإخراج فصائل المعارضة منها، توفي أكثر من 30 شخصًا، بانهيارات لعدة مبانٍ، بحسب الإحصائيات الرسمية لكل حادثة.
وفي آب 2020، توفيت امرأة وأصيب شخص إثر انهيار بناء سكني في حي الصالحين بحلب، وبرر مدلجي حينها الحادثة بنفس الطريقة، وقال إن البناء مخالف وأقيم على أرض زراعية، وقد تعرض لأضرار جراء “الاعتداءات الإرهابية”.
وفي كانون الأول 2020، بلغت حصيلة ضحايا انهيار مبنى في حي المعادي بحلب 12 شخصًا، بينهم طفل وامرأتان، وأصيب ثلاثة أشخاص بجروح.
وأوضح مدلجي حينها، أن سبب الانهيار يعود لـ”الأمطار الغزيرة التي هطلت في المنطقة”، مضيفًا أن “المبنى مخالف ومتهالك ومشاد على أرض زراعية في منطقة سكن عشوائي تعرضت خلال الحرب الظالمة لأضرار كبيرة”، على حد تعبيره.
وفي شباط 2019، قضى 11 شخصًا من المدنيين جراء انهيار مبنى سكني في منطقة صلاح الدين بحلب، وعزا مدلجي حينها أسباب انهيار المبنى إلى ما اعتبره “التصدع جراء الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها المنطقة قبل سنوات”.
وأضاف مدلجي أن البناء مخالف ولم تراعَ معايير السلامة والشروط الهندسية في أثناء بنائه، إلى جانب الأمطار الغزيرة التي هطلت وسارعت في سقوطه، على حد قوله.
وتقع معظم المباني المنهارة في الأحياء الشرقية للمدينة، بسبب تصدعها وانهيار أجزاء منها بعد القصف الكثيف الذي تلقته من قوات النظام وروسيا عندما كانت تحت سيطرة المعارضة، والذي وصل إلى حد استخدام أسلحة روسية ارتجاجية، وبراميل متفجرة وصواريخ فراغية من الطيران الحربي السوري.
ونبّه نائب رئيس مجلس مدينة حلب، أحمد رحماني، الخميس، في حديث لصحيفة “البعث” الحكومية، أن ثلث مساحة حلب منطقة مخالفات، وأن هناك أكثر من عشرة آلاف و200 مبنى سكني مخالف ممتد على هذه المساحة.
ومنذ شباط 2019، أخلت محافظة حلب أكثر من أربعة آلاف عائلة تسكن في نحو عشرة آلاف بناء، كثير منها آيل للسقوط، بحيث يتم الإخلاء مع تأمين سكن بديل لتلك الأسر ريثما ترمم منازلها ويهدم ما تتعذر صيانتها بسبب خطورتها العالية.
وبحسب تقرير نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب عام 2019، شهدت محافظة حلب أكبر نسبة دمار في سوريا، بوجود 4773 مبنى مدمرًا كليًا، و14680 مدمرًا بشكل بالغ، و16269 مدمرًا بشكل جزئي، ليبلغ مجموع المباني المتضررة 35722.
فساد يتوقف عند المطالبات
يتداول مواطنون على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقادات ومطالبات بمحاسبة المسؤولين والمقصرين بعد كل حادثة انهيار مبنى، والكف عن تعليق الأسباب على “شمّاعة الحرب”.
ونشر مراسل قناة “الميادين” الموالية للنظام رضا الباشا، على صفحته في “فيس بوك”، تعليقًا على حادثة الفردوس، إحصائية توضح عدد الأبنية المنهارة خلال السنوات الأخيرة، حيث انهار منذ العام 2018 إلى الآن حوالي 24 بناء في حلب، بلغ عدد ضحاياها 47 شخصًا، وأصيب 22 آخرون، بحسب الإحصائية، مطالبًا بمحاسبة المسؤولين.
وفي حين أن أسباب انهيار معظم الأبنية السابقة كانت تعلل على لسان المسؤولين بـ”الاعتداءات الإرهابية”، أوضح أحد ذوي الضحايا وقاطني الحي لموقع “تلفزيون الخبر”، أن بناء الفردوس المنهار حديث، وعمره لا يتجاوز سنة وشهرين، وهو ما أكده رئيس مجلس مدينة حلب، أي أنه بني بعد سيطرة قوات النظام على الحي وتوقف المعارك في المدينة نهائيًا.
ولا يجري عادة بناء أي مبنى دون علم بلدية محافظة حلب، وتصنف الأبنية في سوريا بشكل عام ضمن فئتين: الأولى مرخصة، والثانية عشوائية (مخالفة)، ويتحمّل المهندسون مسؤولية الأبنية ضمن الفئة المرخصة في حال كان سبب الانهيار العوامل الطبيعية، أما بالنسبة إلى الأبنية العشوائية فيتحمل صاحب البناء (صاحب العلاقة) مسؤوليته.
وأقرّ مدلجي بفحص مبنى الفردوس سابقًا من قبل مجلس البلدية، وجرى “تشميعه” بالشمع الأحمر وتحديده كمبنى مخالف غير صالح للسكن بعد فترة وجيزة من بنائه، لكن لا تتم متابعة تلك الأبنية بشكل مستمر، وفق حديثه مع إذاعة “المدينة إف إم”، الخميس.
واحتلت سوريا المرتبة قبل الأخيرة (المرتبة 178) برصيد 13 نقطة، بحسب تقرير منظمة “الشفافية الدولية” لعام 2021، الذي يرصد مستوى الفساد بين الدول.
ويعتمد مؤشر الشفافية على مسح وتقييم خبراء مختصين، ويرصد مدى انتشار الرشوة والاختلاس والمحسوبية في البلدان المعنية، ويرصد أيضًا ما إذا كانت هناك قوانين لمكافحة الفساد وما إذا كانت تطبق أم لا.
ولا يزال هناك العديد من الأبنية المتضررة والملاصقة لأبنية منهارة في الحي الشعبي، الذي يعد من الأحياء القديمة في حلب، إذ يحتوي على مدرسة وجامع “الفردوس” الذي بني في عهد الأيوبيين.
–