يخوض الشاب السوري من أصل فلسطيني، عبد الله مرعي، الانتخابات البرلمانية المحدد موعدها في السويد الأحد، 11 من أيلول الحالي، عن مقاطعة العاصمة السويدية، استوكهولم، في ظل تصاعد الخطاب العنصري تجاه اللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي، ومساعي بعض الدول لترحيلهم أو تخفيف أعدادهم على الأقل، في الوقت الراهن.
عنب بلدي تحدثت إلى المرشح مرعي، والذي وصل إلى السويد لاجئًا من دمشق عام 2013، وحصل على جنسيتها عام 2017، ويعمل اليوم محاسبًا في شركة هندسية في استوكهولم، وهو عضو مجلس إدارة إحدى المنظمات التي تعمل في الإطار الأممي داخل السويد.
وحول أسباب الترشح، أوضح عبد الله مرعي، أن هناك ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الجالية العربية عمومًا، والسورية تحديدًا، في السويد، مقابل ضعف التمثيل السياسي والاجتماعي، وانخفاض مستوى نقل الصورة المعاشة، جراء الفجوة بين السياسيين والمهاجرين، معتبرًا أن وجود من ينقل الصورة من وإلى البرلمان قد يقلّص تلك الفجوة، ويسهم في إيصال الصورة بشكل أوضح للمجتمع السويدي، كون من عاش التجربة ربما يمتلك حلولًا عملية، بعيدة عن التنظير والخطاب السياسي الصرف، استنادًا للتجربة الشخصية، عبر طرح المشكلة وحلّها في الوقت نفسه.
المرشح عن حزب “الوسط” (Centerpartiet)، وشعاره الوردة، لفت في الوقت نفسه إلى التحديات التي يعيشها اللاجئون في السويد، في ظل الحديث عن “خطة وطنية” طرحها أحد الأحزاب السويدية لبدء ترحيل اللاجئين، دون توضيح تفاصيل “الخطة” أو آلية العمل بها، لكن مع تعهدات بتنفيذ خطة “صفر لجوء” وترحيل اللاجئين الموجودين، حال الوصول لقيادة الحكومة.
الحزب الذي يحمل اسم “ديموقراطيو السويد” (SD)، والذي يتبنى خطابًا عنصريًا بحق اللاجئين، طرح في وقت سابق أيضًا فكرة منح اللاجئ مبلغًا ماليًا لترحيله، بصرف النظر عن جنسيته، وذلك جراء التغيرات الكبيرة التي طرأت على البلاد خلال السنوات القليلة الأخيرة.
الظروف تؤثر
عبد الله مرعي قال، إن المؤشرات المرتبطة بتدني تقبل اللاجئ، مرتبطة إلى حد بعيد بظروف مؤثرة في السويد، كالحرب على أوكرانيا، والتهديد الروسي، والتضخم الاقتصادي، وعدم كفاية الرواتب، وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن، لدرجة أن تسديد فواتير الكهرباء وغيرها بات يتطلب قرضًا، كل ذلك دفع المواطن للتفكير بذاتية أكبر، إلى جانب استخدام خطاب عاطفي ولغة تحاكي الشارع من قبل الأحزاب الرافضة للاجئين، عبر ربط مشكلات المجتمع (جريمة، وبطالة، وارتفاع أسعار الكهرباء والغذاء، بشكل مباشر أو غير مباشر) بالمهاجرين.
ولا يعني ذلك غياب الأخطاء بشكل كلي عن المهاجرين، لكن تلك الأخطاء يجري ربطها لا باختلاف الثقافة، بل إنها تُصور كأخطاء مقصودة، والخطاب القومي أيضًا يستهدف اللاجئ ويؤثر على السياسة الداخلية، إلى جانب حوادث عنف وإطلاق نار يشهدها المجتمع السويدي مؤخرًا، ما أفقد شريحة من الشارع السويدي الشعور بالأمان.
وهناك حالة بطالة مرتفعة، لم يستوعب الشارع ارتباطها بالظروف التي خلقها تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد 19)، الذي أفقد الكثيرين أعمالهم وأشغالهم، باعتبار أن شريحة واسعة من الناس يمارسون المهن البسيطة، وفق عبد الله مرعي الذي شدد على دور عوامل من هذا النوع في رفع صوت العنصرية تجاه اللاجئ، جراء التعامل معه كـ”شمّاعة” لأخطاء الآخرين.
برنامج انتخابي
بالنظر لارتفاع حظوظ الأحزاب المعارضة، بما فيها العنصري منها، في الوصول إلى الحكم، واستخدام خطاب مؤجج للشارع تجاه اللاجئين، يتصدر موضوع الهجرة جدول البرنامج الانتخابي لبعد الله مرعي، شاملًا اللاجئين الموجودين في السويد حاليًا، والقادمين الجدد أيضًا.
كما لفت لوجود شريحة من السوريين تحمل إقامات مؤقتة لم تتحول بعد إلى دائمة، ما يضعهم تحت خطر الترحيل في حال وصول المعارضة للحكم، مع مصاعب تجديد الإقامات، ووجود لاجئين منشقين عن قوات النظام السوري، حُرموا من الجنسية السويدية لـ25 عامًا، باعتبار أن السويد تصنف ضمن قانونها “جيش النظام السوري” منظمة إرهابية، رغم الحديث عن إلزامية الخدمة العسكرية، وأن انشقاق الكثيرين دافعه تجنب الانخراط في العمل العسكري.
والموضوع الثاني الذي يتصدر البرنامج الانتخابي هو العمل، باعتباره وسيلة تحقيق الذات، وتأمين المتطلبات، وامتلاك القرار الشخصي، والاستقرار المالي والنفسي، وهناك أيضًا محاربة العنصرية، ومناهضة اليمين المتطرف كجزء من هذا المشروع، وهو نضال متواصل يمكن التعامل معه إعلاميًا وسياسيًا، والرد عبر الصحافة على المغالطات التي تنشر حول اللاجئين بالمنطق والأرقام، وفق عبد الله مرعي.
إلى جانب ما سبق، وبالنظر لاستفحال الجريمة، وتضرر المجتمع السويدي منها، بمواطنيه، ولاجئيه أيضًا، من خلال الاعتداء على المحلات، وإغلاق بعض المطاعم، بسبب الاعتداءات وفرض الأتاوات عليها من قبل عصابات محلية، وانخفاض مستوى التكاتف الاجتماعي وجودة التعليم، ومغادرة الناس بعض المناطق نحو أخرى ينخفض بها عدد اللاجئين، فكل تلك الموضوعات حاضرة في البرنامج الانتخابي وفق المرشّح.
عقبات اندماج
عند سؤاله عن أبرز العقبات أمام اندماج اللاجئين، شدد عبد الله مرعي على أن العملية تبادلية، وأن ما يُطلب من السوري للاندماج لا تقابله خطوات من المواطن السويدي، ما يعني غياب أحد طرفي الاندماج، إلى جانب الوقت الطويل الذي يتطلبه تعل اللغة، وتعديل الشهادات، وصعوبة دخول سوق العمل.
“طبيعة السكان مختلفة، والحالة الاجتماعية التي يخلقها مواطنو دول مثل إسبانيا وإيطاليا مع الآخر، بعيدة عن المجتمع السويدي، ما يعني وقتًا أطول في السويد لتكوين العلاقات الاجتماعية والصداقات وغيرها، وهذا كله بحضور العنصرية”.
وحول مدى إمكانية محاسبة متورطين بارتكاب انتهاكات بحق السوريين ممن يقيمون في السويد، على غرار المحاكمات التي جرى بعضها في ألمانيا، وفتح هولندا بابها مؤخرًا، بيّن المرشح أن محاولات من هذا النوع جرت في وقت سابق، دون أن تسفر عن نتائج، مرجعًا الأسباب لحالة حيادية الدولة تجاه بعض الملفات رغم ارتفاع الخطاب الإنساني، إلى جانب ضعف المنظمات السورية المعارضة على حساب حضور وقوة منظمات تدعم النظام.