استهداف ثانٍ لمطار “حلب الدولي” خلال أسبوع.. ما القصة؟
تتعرض مواقع ومنشآت عديدة في مناطق النظام السوري لاستهدافات متكررة، يُقال إن إسرائيل المسؤولة عنها، كان آخرها مطار “حلب الدولي”، مساء الثلاثاء 6 من أيلول، في حين لا تعترف إسرائيل أو تعلّق عادة على ضرباتها في تلك المناطق.
تتعدد الروايات عقب هذه الضربات، إذ تحاول وسائل إعلام النظام السوري الحديث عن أن الأهداف التي يطالها القصف الإسرائيلي تابعة له، أو أهداف مدنية بالمجمل، وتتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الأهداف تعود لـ”الحرس الثوري الإيراني” المصنف على قوائم “إرهاب” دولية.
مطار “حلب” خارج الخدمة
تعرّض مطار “حلب الدولي” لاستهداف بصواريخ إسرائيلية، أدى إلى خروجه عن الخدمة مؤقتًا، ولحقت أضرار مادية بمدرجه، وفق ما نشرته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا).
وأفاد مراسلو عنب بلدي شمال غربي سوريا، أن أصوات الانفجارات عقب الاستهداف وصلت إلى معظم مناطق الشمال السوري.
وتحولت الرحلات الجوية المقررة والمبرمجة عبر مطار “حلب الدولي” إلى مطار “دمشق الدولي”، بعد قصف مطار “حلب” للمرة الثانية خلال أسبوع.
غاب الحديث عن طبيعة الأهداف التي طالها القصف داخل المطار، في منشور الوكالة التي اكتفت بالقول إن الأضرار كانت مادية فقط.
وذكرت وكالة “تسنيم” الإيرانية للأنباء، أنه تم استهداف مطار “حلب” بثلاثة صواريخ، وأفادت بعض المصادر بإطلاق خمسة صواريخ ألحقت أضرارًا بالمدرج.
وقالت الوكالة، إن إسرائيل استخدمت لقصف المطار أجواء شرق الفرات الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوات التحالف الدولي، وكان على الطائرات الإسرائيلية استخدام الأجواء الأردنية لدخولها.
وتداول ناشطون وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلًا مصوّرًا قيل إنه لآثار القصف.
للمرة الثانية خلال أسبوع
في 31 من آب الماضي، استهدف الطيران الإسرائيلي مواقع في مطار “حلب” وفي محيط العاصمة السورية دمشق، وسط تضارب الأنباء حول الأهداف من الضربات.
وقالت مصادر ميدانية لوكالة “تسنيم“، إن طائرة هبطت في مطار “حلب الدولي”، وفي تصرف انفعالي، ردت إسرائيل “على هذا الأمر باستهداف مدرج هذا المطار، في حين أن هذه الطائرة كانت قد هبطت قبل عشر دقائق في المطار”.
وبعد انتهاء القصف الصاروخي، غادرت الطائرة المذكورة مطار “حلب الدولي” باتجاه دمشق، وعاودت إسرائيل إطلاق الصواريخ باتجاه مطار “دمشق” ردًا على هذا الأمر، حسب “تسنيم”.
وفقًا لبيانات تتبع الرحلة، التي قالت وكالة “تسنيم” إنها كانت هدفًا للضربات، يبدو أن طائرة إيرانية خاضعة لعقوبات أمريكية كانت تهبط في حلب قبل الضربة الإسرائيلية، وهي مرتبطة بشركة الشحن الجوي الإيرانية “بويا إير”، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات بسبب صلاتها المزعومة بـ”الحرس الثوري الإيراني”.
ويعلن النظام السوري مع كل استهداف تصديه للهجمات عبر المضادات الأرضية، إلا أن صور الأقمار الصناعية تظهر دمارًا في بعض مواقع النظام العسكرية ومنشآت البحوث العلمية بعد الاستهداف.
ولا تعلن إسرائيل عادة عن هجماتها في سوريا، وتتعامل وسائل إعلامها مع الضربات بنقل الأخبار عن الوكالات السورية، في حين تشير إحصائيات التقارير السنوية للجيش الإسرائيلي إلى ضربات نفذها في سوريا.
أهداف إيرانية؟
مع كل استهداف، تتجه الأنظار إلى مكان القصف والخسائر، وإلى الوكالات الإيرانية التي تتناول الاستهداف وتدلي بمعلومات أكثر مما ورد في وسائل إعلام النظام الرسمية، كون معظم القصف مرتبطًا بالوجود الإيراني في سوريا.
وتعمل الميليشيات الموالية لإيران على توسيع وجودها في المطارات العسكرية والمدينة بريف محافظة حلب منذ منتصف العام الماضي، في حين كانت تتشارك التمركز بمطار “حلب الدولي” مع القوات الروسية.
وتعتبر قواعد الميليشيات الإيرانية بريف حلب من أهم القواعد العسكرية في سوريا، حيث يُشرف عليها كبار ضباط “الحرس الثوري الإيراني” و”فيلق القدس”، وتضم مجموعات من نخب “حزب الله” اللبناني وحركة “النجباء” العراقية و”فيلق القدس” الإيراني.
اقرأ أيضًا: حلب.. أذرع إيران تتمدد في مطارات الشرق
الباحث المختص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، قال لعنب بلدي، إن إيران ماضية بتعزيز قدراتها العسكرية في كامل الجغرافيا السورية، غير مكترثة بما يلحق البنية التحتية السورية.
ويرى الباحث أن إيران زادت من حجم مساحة عمليات نقل الأسلحة لتجنب الضربات الإسرائيلية، في إشارة إلى أنها باتت تنقل كميات كبيرة من الشحنات مدركة أنها ستستهدف من قبل إسرائيل، لكنها تحاول إيصال أكبر قدر ممكن منها إلى سوريا.
وبالمقابل، رفعت إسرائيل من حجم الضربات لتشمل ثلاث نقاط في العملية الواحدة، تشارك خلالها أعداد كبيرة من الطائرات، إضافة إلى أن استراتيجية “جز العشب” الإيرانية أثبتت عدم قدرتها على تجنب الاستهداف.
النعيمي أضاف أن الغارات المقبلة ستتوسع لأكثر من هدف، ولربما قد نشاهد استهدافًا إسرائيليًا لمناطق متقدمة في المنطقة الشرقية، ولا سيما في مدينة البوكمال ومحيط المعبر الحدودي مع العراق، نظرًا إلى أنه المسار المتبقي لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى الميليشيات العاملة في صفوفها في الجغرافيا السورية واللبنانية.
وفي دراسة أعدها مركز “جسور للدراسات“، أحصت القواعد العسكرية الأجنبية المنتشرة في سوريا، والتي بلغت 753 موقعًا حتى منتصف العام الحالي، من بينها 469 موقعًا عسكريًا إيرانيًا موزعًا بين مواقع عسكرية وعملياتية وأمنية.
إيران وتضليل الخصوم
القيادة المركزية الأمريكية أعلنت، في آب الماضي، أنها وبإيعاز من الرئيس الأمريكي، جو بايدن، استهدفت بضربات لها مواقع إيرانية في إطار الدفاع عن القواعد الأمريكية شمال شرقي سوريا.
واستهدفت الضربة تسعة مخابئ ذخيرة في دير الزور تابعة لجماعات مدعومة من إيران، بحسب ما ذكره المتحدث باسم القيادة الأمريكية الوسطى، جو بوتشينو، لقناة “الحرة” الأمريكية.
ارتفاع وتيرة هذه الغارات دفع بإيران إلى اتباع أساليب التضليل لإيصال شحناتها إلى سوريا، بحسب الباحث مصطفى النعيمي، عبر نقل الأسلحة، مستخدمة خطوط الرحلات الجوية المدنية من طهران إلى دمشق.
لكن من اللافت للنظر أن إيران عكفت على استخدام مطار “حلب الدولي” بعد تكثيف إسرائيل ضرباتها لمطار “دمشق” سابقًا، ما أسفر عن خروجه عن الخدمة لنحو عشرة أيام.
ورجّح النعيمي أن تعتمد إيران مستقبلًا على نقل الأسلحة عبر الجو والبر والبحر في آن واحد، لمحاولة إيصال أكبر قدر ممكن من الأسلحة إلى الميليشيات الإيرانية والعاملة معها.
الباحث أضاف لعنب بلدي، أن السرب “122 غولف ستريم نحشون” الاستخباراتي الإسرائيلي، أجرى استطلاعًا جويًا مكثفًا لعمق سوريا، مرورًا بمنطقة الساحل السوري، وصولًا إلى محافظة حلب منذ مساء الاثنين.
ويمتلك هذا السرب خمس طائرات من طراز “G 550” و”G 500″، منها طائرتان تُستخدمان في نظام “الإنذار المبكر والتحكم” (AEW & C) مجهزتان بنظام رادار متطور، وثلاث طائرات تُستخدم لجمع استخبارات الإشارات (طائرة مهام إلكترونية خاصة)، بحسب موقع “flight global” المتخصص.
وأرجع أسباب هذا الرصد إلى تخوف إسرائيل من تسرب شحنات الأسلحة تجاه الميليشيات الإيرانية المنتشرة في محافظة حلب بست نقاط هي: السفيرة، والنيرب، وعبطين، وكفر داعل، إضافة إلى محيط مركز المحافظة.
ردود حبيسة البيانات
ويكتفي النظام السوري بالتهديد بالرد على ضربات إسرائيل في سوريا، وتبقى تصريحاته حبيسة البيانات والمؤتمرات الصحفية.
وعن قصف مطار “حلب” و”دمشق” في 31 من آب الماضي، رد وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، معتبرًا أن “إسرائيل تلعب بالنار، وتعرض الأوضاع الأمنية والعسكرية في المنطقة للتفجير”.
وهدد المقداد بقوله، إن سوريا لن تسكت في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، و”سيدفع الإسرائيليون الثمن عاجلًا أم آجلًا”، وذلك في تغريدة نشرتها الوزارة عبر حسابها في “تويتر“، في 1 من أيلول الحالي.
وأضاف المقداد أن “سوريا صمدت وستصمد ولن تتراجع عن مواقفها، وعلى العدو الإسرائيلي ألا يراهن أو يخطئ في الحسابات، ويتوهم أن سوريا ستغير من مواقفها”، على حد قوله.
وطالب المقداد بأن تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية مسؤولية “تشجيع” إسرائيل على “التمادي في العدوان وتهديد السلم والأمن في المنطقة والعالم”، بحسب تعبيره.
وفي 7 من آذار الماضي، بعد استهداف محيط دمشق، قال المقداد، إنه على إسرائيل أن تعرف أن الرد “آتٍ لا محالة”، مضيفًا أن سوريا قادرة على الرد على الاعتداءات الإسرائيلية، وهي من يتحكم بالرد”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :