أعلن حزب “المحافظين” البريطاني الحاكم، الاثنين، فوز وزيرة الخارجية، ليز تراس، بزعامة الحزب، خلفًا لبوريس جونسون المستقيل، بعد انتهاء عملية اقتراع استمرت نحو شهرين، وبذلك تتولى تراس رئاسة الحكومة البريطانية.
وقالت رئيسة الحكومة الجديدة، التي تعد ثالث رئيسة للوزراء في بريطانيا، بعد تيريزا ماي ومارغريت تاتشر، عقب إعلان فوزها، إنها ستقدم برنامجًا لخفض الضرائب، والتعامل مع أزمة الطاقة.
وكان ينافس تراس على المنصب وزير المالية السابق، ريشي سوناك، الذي توقع خسارته قبل أيام قائلًا إنه يتطلّع، في حال خسارته، إلى دعم حكومة حزب “المحافظين” قدر الإمكان، وإنه سيبقى وزيرًا فيها.
فازت تراس بنسبة 57.4% من الأصوات مقارنة بـ42.6% لمنافسها سوناك.
وسيتوجه رئيس الوزراء السابق، الذي خسر ثقة الحزب الحاكم جراء سلسلة من الفضائح، والزعيمة الجديدة للحزب، إلى قلعة بالمورال في اسكتلندا اليوم، الثلاثاء، من أجل لقاء الملكة إليزابيث الثانية، حيث سيقدم جونسون استقالته رسميًا وتكلف الملكة تراس بتشكيل الحكومة.
متغيرة المواقف
لم تبدأ تراس حياتها السياسية في حزب “المحافظين”، بل كانت في السابق منخرطة في حزب “الديمقراطيين الأحرار” ذي الاتجاهات السياسية المتعارضة، ولم تنضم إلى “المحافظين” حتى عام 1996.
وكان موقف تراس معارضًا لرئيسة الوزراء البريطانية الراحلة، مارغريت تاتشر، التي لقبت بـ”المرأة الحديدية”، فقد شاركت منذ صغرها في عدة تظاهرات ضد تاتشر، ولم تكن تخفي انتقاداتها للوزراء “المحافظين”.
وبررت تراس تحولات مواقفها بالقول، خلال المناظرة التلفزيونية بين المتبارين على زعامة الحزب، في 17 من تموز الماضي، “إن أبي وأمي كانا من ناشطي اليسار، وقد عشت رحلة سياسية منذ ولدت”.
وعلى خلفية التصويت على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، دعمت تراس في البداية حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي، وصوّتت برفض الانسحاب، لكنها لم تجد حرجًا في تغيير مواقفها بعد الانسحاب البريطاني، وإشهار دعمها العلني لـ”بريكست”، بحجة استقطابه امتيازات اقتصادية لبريطانيا، فضلًا عن دعمها حملة جونسون لتولي منصب رئيس الوزراء عام 2019.
ومن ناحية السياسة الخارجية، تسير تراس على خطى تاتشر، بتبنيها سياسة خارجية “متشددة”، وتعهدها برفع الميزانية العسكرية، والتزامها بخفض الضرائب، وهو ما جعلها تستميل أكبر عدد من أعضاء حزب “المحافظين”.
وبالنسبة إلى سياستها مع اللاجئين في بلادها ومن بينهم السوريون، تبنّت تراس موقف جونسون من ترحيل اللاجئين، ووعدت بأنها في حال ترؤسها الحكومة، ستطلب من تركيا توقيع اتفاقية كالتي جرت مع رواندا، والتي أوقفتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR).
وبحسب صحيفة “ديلي ميل“، فإن تراس أبلغت النواب سرًا، أنها ستفتح مفاوضات مع المزيد من الدول لحملهم على استقبال لاجئين يصلون إلى بريطانيا إذا فازت برئاسة الوزراء بما فيها رواندا وتركيا.
مَن ليز تراس؟
تبلغ ليز تراس من العمر 47 عامًا، وهي متزوجة من محاسب، ولديهما ابنتان، بعد أن أنهت الثانوية، التحقت تراس بجامعة “أكسفورد” حيث درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وكانت تنشط بالسياسة الطلابية في صفوف “الديمقراطيين الأحرار”، لكن قبل أن تنهي فترة وجودها في الجامعة انتقلت إلى صفوف حزب “المحافظين”.
بعد التخرج عملت محاسبة في شركة “شل” النفطية وغيرها من الشركات الخاصة، ثم ترشحت عن حزب “المحافظين” في الانتخابات العامة لعام 2001 لكنها خسرتها، كما تعرضت للهزيمة في انتخابات 2005، لكن طموحاتها السياسية لم تتراجع، فقد انتخبت عضوًا في مجلس بلدية غرينتش جنوب شرق لندن في عام 2006، وفي 2008، عملت أيضًا نائبة لمدير مؤسسة الأبحاث “إصلاح” ذات التوجهات المحافظة.
وفي عام 2010، أصبحت نائبة بمجلس العموم في انتخابات الترشح بمقعد الحزب بأغلبية الأصوات، وفي أيلول 2012، دخلت الحكومة كنائبة لوزير التعليم، لكنها واجهت انتقادات تتعلق بإصلاح المدارس، ليمنحها رئيس الوزراء الأسبق، ديفيد كاميرون، منصبًا أكثر أهمية في الحكومة عام 2014، حيث أوكل إليها منصب وزيرة البيئة.
وفي عام 2016، أصبحت وزيرة العدل في عهد رئيسة الوزراء السابقة، تيريزا ماي، وانتقلت في العام التالي لشغل منصب نائبة وزير الخزانة، وهو منصب وضعها في قلب البرنامج الاقتصادي للحكومة.
وبعد أن أصبح بوريس جونسون رئيسًا للوزراء في عام 2019، انتقلت تراس إلى منصب وزيرة التجارة الدولية، وفي عام 2021، تسلّمت واحدة من أرفع الوظائف في الحكومة، وتولت منصب وزيرة الخارجية.
–