عدسات تنقل لسوريي الخارج صور بيوتهم وحاراتهم.. حنين أم فضول؟

  • 2022/09/06
  • 5:31 م

بعد سنوات أمضاها آلاف السوريين خارج بلادهم، يدفع الحنين كثيرًا منهم للبحث عن صور للأحياء والمناطق التي أمضوا فيها سنوات طويلة من عمرهم، بينما يرغب آخرون برؤية صور حقيقية توثّق واقع البلاد لأسباب مختلفة، قد يكون أبرزها الفضول لمعرفة إلى أين آلت الأحوال في مناطقهم.

في المقابل، تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الحسابات التي تنقل صورًا ومقاطع مصوّرة، ترصد بعض الشوارع والأحياء ضمن مناطق سيطرة النظام.

ويلقى كثير من تلك المقاطع تفاعلًا كبيرًا من قبل السوريين في الخارج، يظهر بتعليقات تذكر أسماء الأحياء والذكريات في كل منها، إلى جانب طلبات برؤية المزيد من المناطق التي لم يروها منذ سنوات، وفق ما رصدته عنب بلدي.

بعض التعليقات على مقطع مصوّر يوثّق حالة إحدى المناطق في سوريا (لقطة شاشة/يوتيوب)

بين التوثيق وتغيير الحقائق

في ظل انتشار حسابات تنقل هذا النوع من المحتوى، يحاول بعضها نقل الحقيقة من خلال تسليط الضوء على جميع المناطق، بما في ذلك المناطق المدمرة والتي ما زالت آثار القصف حاضرة في معالم شوارعها.

بينما تعنون المقاطع المصوّرة في حسابات أخرى بـ”سوريا بخير” و”عودة الحياة”، وغيرها من العناوين التي تحاول أن تنقل صورة ناقصة عن مناطق سيطرة النظام، تصوّر الحياة هناك على أنها “مريحة وآمنة”.

تحدثت عنب بلدي إلى صاحب أحد الحسابات التي لاقت رواجًا كبيرًا مؤخرًا، وتصوّر مختلف المناطق الغائبة عن عدسات الكاميرات جرّاء انتشار مظاهر الدمار فيها.

صاحب الحساب (تحفظت عنب بلدي على ذكر اسم الحساب لأسباب أمنية) قال، إن حنينه بعد سنوات من نزوحه من حلب، دفعه للبحث عن مقاطع أو صور للمدينة، لكنه لم يجد المحتوى الذي ينشده، ليدرك أن العديد من مناطق من حلب وغيرها من الأماكن المدمرة، شبه غائبة عن الحسابات التي تسعى لتوثيق واقع سوريا.

وبعد عثور الشاب على تسجيل مصوّر لأحد شوارع مدينة حلب، بدأ العمل على توثيق بصري أرشيفي لهذه المناطق بمجرد عودته لزيارة مدينته.

“لحتى كل مشتاق يقدر يشوف مدينته”، بهذه الكلمات برر الشاب قرار إنشاء الحساب، مشيرًا إلى أن قراره كان عفويًا، دون توقعات مسبقة بأن يلقى الحساب تفاعلًا كبيرًا.

وحمّل التفاعل الكبير والطلبات المتواصلة بتصوير المزيد من المناطق الشاب مسؤولية العمل على نقل الصورة الحقيقية لواقع العديد من المناطق، بما فيها المدمرة، والتي يصعب الوصول إليها، ما جعل بعضًا من دائرة معارفه الضيقة الذين دعموا فكرة الحساب يشاركونه بتصوير مقاطع إضافية، وفق قوله.

ورغم الأهمية الكبيرة التي يشكّلها نقل صور حقيقية لواقع مناطق سيطرة النظام، استطاع النظام السوري استغلال العديد من “اليوتيوبرز” الأجانب والسوريين، لنقل الصورة التي يريدها عن المناطق الخاضعة لسيطرته عبر حساباتهم.

هذه الحسابات اعتمد محتواها على الترويج لسوريا “الآمنة” و”المنتصرة”، إلى جانب الحديث عن واقع معيشي “جيد” من خلال التركيز على الأسعار “الزهيدة”، رغم وجود العشرات من التقارير الشهرية التي تؤكد استمرار تدهور المعيشي في سوريا.

في حين يستنكر السوريون المقيمون في مناطق سيطرة النظام هذه المقاطع، ويسخرون من فكرة الترويج لصورة يشكّك بعضهم بوجودها.

ويعمل النظام السوري على تقييد محتوى هذه الحسابات، والسيطرة على محتوى “اليوتيوبرز”، خاصة الحسابات التي يظهر أصحابها هويتهم الشخصية.

وينعكس ذلك بكثافة المقاطع التي تظهر الحياة الطبيعية في سوريا، وقلة المقاطع التي تصوّر الأحياء الفقيرة والمدمرة، أو الأشخاص الذين يعانون الفقر والجوع وانعدام الأمن.

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه مختلف مناطق سيطرة النظام ضعفًا بعملية البناء والإعمار، ما دفع العديد من الأشخاص إلى ترميم أو إعادة إعمار مساكنهم المدمرة، إثر قصف الطيران السوري والروسي تلك المناطق في أثناء سيطرة المعارضة.

كما تشهد البلاد ترديًا في الواقع المعيشي والاقتصادي، في ظل انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، وانخفاض متوسط الدخل الشهري للسوريين، تزامنًا مع ارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية.

وفي 5 من نيسان الماضي، أعلن برنامج الأغذية العالمي أن ثلاثة من كل خمسة سوريين يعانون “انعدام الأمن الغذائي”، بعد الارتفاع المستمر بأسعار المواد الغذائية، وتدهور الاقتصاد في جميع أنحاء سوريا، وفق معطيات عام 2021 التي تناولها التقرير.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع