اعتقالات الشمال السوري.. لا ضوابط ولا حلول

camera iconعناصر في "الجيش الوطني السوري" يعتقلون أحد المطلوبين خلال حملة أمنية- 15 من تموز 2021 (عزم/ تويتر)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسن إبراهيم

تكررت حالات الاعتقال، سواء لمدنيين أو ناشطين أو عاملين في المجال الإغاثي والإنساني، التي تنفذها فصائل المعارضة والأجهزة الأمنية في مناطق سيطرتها شمال غربي سوريا، خلال الأشهر الأخيرة.

بعض حالات الاعتقال “التعسفي” التي تنفذها “هيئة تحرير الشام” أو فصائل تابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، يجري تنفيذها دون مذكرات قضائية، مع عدم السماح بتوكيل محامٍ، وسط مطالبات عديدة بالإفراج عن المعتقلين.

وتستمر المنظمات والشبكات الحقوقية بتوثيق العديد من الاعتقالات على يد فصائل “الوطني” التي تسيطر على ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي تل أبيض ورأس العين، و”تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في محافظة إدلب، وجزء من أرياف حلب الغربية واللاذقية وسهل الغاب شمال غربي حماة.

اعتقالات بلا ضوابط

في 31 من آب الماضي، اعتقلت “تحرير الشام” أحد الكوادر الطبية من مكان عمله في إحدى المنشآت الطبية بقرية كفر كرمين بريف حلب الغربي، بحسب ما وثقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، وسط مطالبات من عدة ناشطين بإطلاق سراحه.

وذكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن سبب اعتقال مصطو العمر، المعروف بـ”مصطو الأصلي”، منشور له عبر “فيس بوك”، قال فيه إنه سيقيم حفلة في القرية أسوة باحتفال المسيحيين في إدلب بعيد “القديسة أنّا”، موجهًا كلامه لـ”شرطة الأتارب”.

ويعدّ مصطو العمر من أوائل الثائرين ضد النظام السوري في ريف حلب الغربي، بحسب الناشطين، وكان يعمل سابقًا ضمن صفوف فصيل “جيش المجاهدين” التابع لـ”الجيش السوري الحر”، وترك العمل العسكري، والتحق بالمنظومة الطبية بصفته مسعفًا.

تواصلت عنب بلدي مع المكتب الإعلامي لـ”هيئة تحرير الشام”، للاستفسار عن أسباب الاعتقال، لكنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة نشر هذا التقرير.

وتحت عنوان “حملة أمنية”، شهدت قرية كوكان التابعة لمدينة عفرين بريف حلب الشمالي، توترات أمنية واشتباكات بين “الشرطة العسكرية” وأشخاص ينتمون لقبيلة “الموالي”، بعد دخول “الشرطة” إلى القرية لاعتقال عدد من الأشخاص. الشرطة العسكرية

الاشتباكات التي بدأت في 27 من آب الماضي، رافقها استنفار عسكري، حتى انتهى الخلاف بين الطرفين في 31 من الشهر نفسه، وسط حالة هلع وخوف عاشها سكان المنطقة.

وذكرت وزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة”، المظلة السياسية لـ”الجيش الوطني”، بعد انتهاء الاشتباكات، أنها ألقت القبض على عدد من المطلوبين ضمن “مجموعات مسلحة تتاجر بالمخدرات”، دون أي خسائر بشرية.

ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، خلال آب الماضي، ما لا يقل عن 186 حالة اعتقال تعسفي (احتجاز)، بينها 17 طفلًا و11 سيدة على يد أطراف النزاع في سوريا، تحوّل 139 منها إلى حالات اختفاء قسري.

وسجّلت “الشبكة” أن فصائل “الجيش الوطني” اعتقلت 43 شخصًا من مجموع الحالات، بينهم أربعة أطفال وست سيدات، أُفرج عن 26 منهم وتحوّل 17 إلى مختفين قسرًا.

واعتقلت “هيئة تحرير الشام” تسعة أشخاص من أصل الحصيلة الإجمالية، بينهم طفل واحد، أفرجت عن ثلاثة منهم، وتحوّل ستة أشخاص إلى مختفين قسرًا.

لا قيادة موحدة.. “مزاجية وأسباب انتقامية”

تعلن الفصائل أو الأجهزة الأمنية شمال غربي سوريا، بشكل دوري، عن عمليات أمنية، وتعالج بعض المشكلات كالاشتباكات، وتكرر تنفيذ حملات استهدفت من خلالها العناصر والشبكات والخلايا التي “تهدد أمن المنطقة”، وكذلك حملات ضد مروّجي وتجار المخدرات.

ممارسة هذه الفصائل عمليات اعتقال تعسفية دون مذكرة أو إجراءات قانونية، جعلها عرضة للانتقاد والاتهامات، وأعطت هذه الاعتقالات بعض الفصائل وصمة وسمعة “سيئة” لا تزال ترافقها.

المحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد، قال لعنب بلدي، إن حالة الفصائل شمال غربي سوريا ليست محكومة بخطة تدريب قتالي أو تعليمات تنظيمية شهرية أو سنوية، وهي تعمل بشكل عشوائي دون خطة واضحة.

وأرجع العميد الأسعد سبب الاعتقالات التعسفية إلى عدم وجود قيادة موحدة تضبط عمل الفصائل، واستناد معظم الاعتقالات إلى طبيعة تفكير ومزاجية وآراء بعض القيادات المؤثرة في عمليات الاعتقال، أو لأسباب انتقامية.

وذكر الأسعد أن غياب التنسيق بين المؤسسات العسكرية والمدنية والجهات الموجودة في المنطقة، سواء من “شرطة عسكرية” أو “مدنية” أو أجهزة قضائية أو مجالس محلية، من أهم أسباب فوضى الاعتقالات.

وتجري بعض العمليات الأمنية دون تخطيط مسبق، ودون تنظيم تعاوني أو تنسيق مع المجالس المدنية ومع الناس الموجودين في المنطقة نهائيًا، بحسب الأسعد الذي أشار إلى أن تنفيذ عمليات أمنية ليس من مهام الفصائل.

حلول ومقترحات

عمليات الاعتقال لا تزال مستمرة، رغم غزارة التقارير التي تصدرها المنظمات الحقوقية، والتوصيات بضرورة وجود مذكرة قضائية وتهم واضحة قبل الاعتقال، بالإضافة إلى المظاهرات والمناشدات عقب كل حالة.

طرح المحلل العسكري بعض الحلول المتاحة للحد من عمليات الاعتقال التعسفي، تمثلّت بضرورة وجود مكتب أمني يديره ضابط أمن مدرّب ولديه عناصر، يعمل وفق أسس ونظام واضح، وذلك ضمن كل فصيل أو فرقة.

ومن الحلول تشكيل قيادة عامة موحدة، تتضمن إدارات ورئاسة أركان، وتكون وفق تراتبية عسكرية، تعمل تحت مظلة واضحة كوزارة دفاع، مهمتها إعطاء جميع التعليمات، وألا يتم تنفيذ أي عملية، سواء اعتقال أو تفتيش أو أي عملية أمنية، إلا من خلال قيادة الأركان، وحسب الفروع أو الإدارات المختصة.



English version of the article


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة