درعا – حليم محمد
يتخوف عدد من سكان محافظة درعا جنوبي سوريا من قدوم فصل الشتاء، وسط انعدام خياراتهم لتأمين وسائل التدفئة، إثر غلاء أسعار الحطب والمازوت “الحر”، يضاف إلى ذلك عدم ثقتهم بتوزيع مديرية المحروقات مخصصات المازوت “المدعوم” في موعدها، وهو الأمر الذي يجري في كل عام.
الشاب أنس (36 عامًا)، من سكان ريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إنه رغم اقتراب فصل الشتاء، لم تبدأ الحكومة بعد بتوزيع قسائم المازوت “المدعوم”، موضحًا أن روتين توزيع القسائم يأخذ وقتًا يمتد لثلاثة أشهر في توزيع كل دفعة.
وأضاف أنس أن المازوت المدعوم خارج حسابات السكان حاليًا، بعد خيبة الأمل التي تعرض لها السكان خلال الشتاء الماضي، إذ لم توزع مديرية المحروقات سوى دفعة واحدة (50 ليترًا) من أصل 200 ليتر كان مقررًا توزيعها على أربع دفعات.
كما لا يعوّل الرجل المسن محمد (65 عامًا)، من سكان بلدة المزيريب، على المازوت “المدعوم” كحل للتدفئة، وذلك لأسباب تتعلق بروتين الدولة “الذي استغرق عامًا كاملًا في توزيع 50 ليترًا فقط”.
لذا قرر الرجل، بحسب ما قاله لعنب بلدي، تأمين بدائل عن المازوت “المدعوم”، عبر انتظار بيع محصول أرضه الزراعية من الرمان، وشراء المازوت بسعر “حر” من السوق المحلية.
20 ألف ليرة يوميًا للمازوت “الحر”
خلال العام الحالي، وصل سعر ليتر المازوت في السوق المحلية إلى ستة آلاف و500 ليرة سورية، وتحتاج الأسرة بالحد الأدنى مع التقنين إلى ثلاثة ليترات على الأقل.
إيمان (40 عامًا)، من سكان تل شهاب، قالت لعنب بلدي، إنها لا تملك القدرة المادية على شراء المازوت بكميات كبيرة دفعة واحدة، لذا ستكون تدفئة أسرتها خلال الشتاء مرتبطة بوضعها المالي، وهو ما قد لا يمكنها إلا من شراء بضعة ليترات دفعة واحدة.
واعتبرت السيدة الأربعينية، أن فصل الشتاء تحوّل إلى “كابوس” في ظل انعدام قدرة العديد من العائلات على تأمين وسائل التدفئة، موضحة أنها اعتمدت خلال الشتاء الماضي على مدفأة حطب، تضع فيها ما تجمعه العائلة من بقايا حطب وأخشاب من الحقول المجاورة لمنزلها.
أسعار الحطب في ارتفاع
تزامنًا مع ارتفاع أسعار المازوت “الحر”، وصلت أسعار الحطب إلى مستويات قياسية أيضًا، ما يجعله خارج حسابات السكان الذين كانوا يعوّلون عليه لتأمين تدفئة الشتاء.
ووصل سعر طن حطب الزيتون الناشف إلى نحو مليون و200 ألف ليرة سورية، وطن حطب الكينا إلى نحو مليون ليرة.
ويختلف سعر الحطب باختلاف درجة جفافه، إذ يرتفع سعره كلما كان أكثر جفافًا، ويقل في حالة رطوبته نتيجة لانخفاض قدرته على الاشتعال بسرعة.
ودفع الارتفاع المتوقع بأسعار الحطب السكان لإيجاد بدائل عن شرائه، إذ تخزن بعض العائلات في درعا بقايا تقليم أشجار الرمان والعنب والزيتون، أو البلاستيك، وأوراق الكرتون والنايلون.
إسراء (30 عامًا)، من سكان حوض اليرموك، قالت لعنب بلدي، إنها خزنت بقايا جذوع السرو والرمان، وقالت، “قديمًا كنا نخزّن هذه البقايا لتشغيل موقد الحطب، سواء للخبز أو الطبخ، أما حاليًا فبتنا نلجأ لها كوسيلة تدفئة بعد غلاء وسائل التدفئة”.
وبين أكوام القمامة، تجمع “أم زياد” (55 عامًا) بقايا البلاستيك والأحذية، وتضعها في أكياس كبيرة، موضحة أنها تجمع البلاستيك لتضعه في المدفأة شتاء، رغم معرفتها بخطورة هذا الأمر من الناحية الصحية، لكن عدم مقدرتها على شراء الحطب أو المازوت، يجبرها على ذلك.
وتحتاج الأسرة بالحد الأدنى إلى ثلاثة أطنان من الحطب خلال فصل الشتاء، أي ما يقارب ثلاثة ملايين ليرة سورية، وهي كمية يصعب تأمينها قياسًا بثمنها المرتفع وضعف المداخيل والقدرة الشرائية، بحسب مختلف الشهود الذين قابلتهم عنب بلدي، وأغفلت أسماءهم الكاملة حفاظًا على أمنهم وسلامتهم.