رسوم "الإدارة" تزيد الضغط على المستودعات
النقل و”الرابعة” والدولار ترفع أسعار الأدوية في القامشلي
القامشلي – مجد السالم
يحاول شعلان الحسن (55 عامًا)، منذ نحو ثلاثة أشهر، تسجيل اسم ابنته المريضة، ذات الـ20 عامًا، في إحدى المنظمات الإنسانية التي “تقدم مساعدات في المجال الطبي”، دون أن تثمر جهوده حتى الآن، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وأوضح شعلان، وهو من سكان مدينة القامشلي، أن ابنته الشابة تعاني نوبات اختلاج متكررة منذ أن كانت طفلة، وهي بحاجة لتناول دواء “مدى الحياة”، تكلفة العلبة الواحدة منه نحو 30 ألف ليرة سورية، وتكفيها لمدة 20 يومًا.
وأضاف الرجل الخمسيني، أنه كان يؤمّن وصفة الدواء سابقًا عبر عدة منظمات لم تعد تعمل اليوم في المنطقة، منها “أطباء بلا حدود” و”الهلال الأحمر”، مشيرًا إلى أنه بات مجبرًا الآن على دفع كامل تكلفة الدواء لحين تأمين جهة تكفل له تأمينه بشكل دوري.
وتابع شعلان أنه لا يوجد سعر ثابت للأدوية التي يشتريها، إذ غالبًا ما يرتفع بين شهر وآخر، وقد يجبره فقد الدواء من بعض الصيدليات على دفع مبالغ إضافية، بهدف تأمين الصيدلاني علبة الدواء من أجله فقط.
ويعاني سكان مدن مختلفة في محافظة الحسكة غلاء الأدوية وتفاوت أسعارها من صيدلية إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى، بالإضافة إلى فقدان بعض منها، خاصة تلك التي يحتاج إليها ذوو الأمراض المزمنة كالسكري والقلب والضغط والأعصاب.
كما قد يضطر بعض السكان إلى استخدام أدوية أجنبية بديلة، وتحمّل مخاطرها، “كونها مجهولة المصدر”، أو قد يلجؤون إلى تأمينها من دمشق أو حلب عن طريق “توصية” بعض المسافرين القادمين من تلك المناطق.
مستودعات الأدوية وراء تباين الأسعار
الصيدلاني محمد النعيم (38 عامًا) المقيم في مدينة القامشلي، قال لعنب بلدي، إنه لا يمكن تثبيت سعر واحد للدواء لمدة طويلة مهما كان نوعه.
وأكد الصيدلاني وجود فرق في أسعار نفس الأدوية بين صيدليات المنطقة الواحدة، مرجعًا أسباب ذلك إلى تباينها بين الموردين، الذين يرفعون الأسعار بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.
وقال النعيم، إنه مع تذبذب أسعار الأدوية وارتفاعها، يحاول أصحاب الصيدليات تثبيت أسعارها قدر الإمكان، “على حساب أرباحهم”، تجنبًا للشكاوى التي تُقدم بحقهم نتيجة أمور “خارجة عن إرادتهم”، معتبرًا أن من الأجدى ضبط أسعار المستودعات نفسها.
ضغوط على أصحاب المستودعات
بدوره، قال صاحب مستودع أدوية لعنب بلدي (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، إن هناك قانونًا يلزم المستودعات ببيع الأدوية بأسعار موحدة، “لكن لا يمكن الالتزام بذلك دائمًا”، بسبب صعوبة جلب الدواء من مناطق سيطرة النظام إلى محافظة الحسكة، خصوصًا إلى مدينة القامشلي.
يضطر أصحاب المستودعات إلى دفع رشى تصل إلى ملايين الليرات السورية لحواجز النظام المنتشرة، ابتداء من خروج الأدوية من العاصمة دمشق وبقية المحافظات، حيث توجد معامل الأدوية، حتى تصل إلى محافظة الحسكة.
ووفق صاحب المستودع، تختلف قيمة الرشى بين صاحب مستودع وآخر، بحسب كمية ونوعية الأدوية المستجلبة، وطريقة الشحن، سواء كانت جوًا عبر مطار “القامشلي” أو برًا، وبحسب عدد الحواجز التي تجتازها شاحنات الأدوية، ولا سيما تلك التابعة لـ”الفرقة الرابعة”، إذ تفرض إتاوات ورسومًا تختلف من فترة لأخرى، و”بالدولار حصرًا”، ما يجبر صاحب المستودع على إضافة “كل هذه التكاليف” إلى سعر الدواء ونسبة أرباحه.
وقد يستغرق وصول طلبيات الأدوية أحيانًا من شهرين إلى ثلاثة أشهر، وذلك يعرضها للفقد والتلف، أو السرقة أحيانًا بحجة عمليات التفتيش المستمرة، ما يضع أصحاب المستودعات تحت ضغوطات “كبيرة”، مخافة خسارة الأدوية التي تُقدّر قيمتها بملايين الليرات السورية، إذ إن كل تلك الخسائر يتحملها المستودع.
كما اشتكى صاحب المستودع من غياب التأمين على طلبيات الأدوية، وأن معامل الأدوية لم تعد تقبل البيع الآجل، وأنهم باتوا ملزمين بتسديد ثمن الطلبيات مسبقًا.
بينما يقتصر دور “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا على محاولة تنظيم العمل وضبط أسعار مستودعات الأدوية، دون أي حلول مجدية، بل تطالب “الإدارة” المستودعات بدفع نسبة تعادل 2% من قيمة أي فاتورة لمصلحتها تحت مسمى “ضرائب ورسوم”، بالإضافة إلى إلزام المستودعات الجديدة برسوم ترخيص تُدفع بشكل سنوي، وتُقدّر بمئات الآلاف من الليرات السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :