يلجأ عناصر مجندون من أبناء درعا، جنوبي سوريا، ممن التحقوا بقوات “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات النظام السوري، لدفع مبالغ مقابل عدم الالتحاق بقطعاتهم العسكرية بدمشق، عبر ما يعرف بـ”التفييش”، وهو تسجيل العنصر حضوره بشكل غيابي، أو استخراج “مهمة مفتوحة” من أحد الضباط.
محمد (26 عامًا) وهو أحد عناصر “الفرقة الرابعة”، قال لعنب بلدي، إنه بعد انسحاب “الفرقة” من درعا، نهاية عام 2021، وجد نفسه أمام احتمال التخلف عن الخدمة، وبذلك يصبح مطلوبًا للنظام، أو دفع مبلغ لأحد الضباط لتسجيل حضور غيابي.
وأضاف أن الضابط المسؤول عنه ابتزه بمبلغ ضخم، قياسًا بمستوى الدخل في سوريا، وصل إلى 600 ألف ليرة سورية (134 دولارًا أمريكيًا).
عدم التحاق محمد بالخدمة الإلزامية في “الفرقة الرابعة” لم يضمن له الراحة رغم الابتعاد عن الخطر، فهو مضطر لمزاولة أعمال زراعية بشكل يومي، ليتمكن من تأمين المبلغ للضابط المسؤول، وبات يبذل جهدًا مضاعفًا، بحسب قوله.
ورصدت عنب بلدي حالات مشابهة لـ”تفييش” عناصر يدفعون أجورًا شهرية، بمبالغ لا تقل عن 500 ألف ليرة سورية.
وفي تشرين الثاني من عام 2021، وبعد انتهاء “تسويات” شملت جميع مناطق درعا، انسحبت “الفرقة الرابعة” من محافظة درعا إلى دمشق، وأبقت فقط على مكتبها الأمني بضاحية درعا.
القرار كان مفاجئًا لعناصر “التسوية”، ممن انضموا للخدمة العسكرية بغية البقاء في درعا وعدم الزج بهم على جبهات القتال في محافظة أخرى.
اقرأ أيضًا: انسحاب “الفرقة الرابعة” من درعا.. تفاهمات دولية “لإقصاء الإيرانيين”
ومع سيطرة النظام السوري على الجنوب السوري عام 2018، فتحت “الفرقة الرابعة” باب الانتساب إليها للمقاتلين السابقين بفصائل المعارضة، لكن لم يلتحق بها سوى عدد قليل من حملة بطاقات “التسوية”، بحسب ما قاله علي (30 عامًا) لعنب بلدي، وهو من منتسبي “الفرقة الرابعة”.
وأضاف أن قرار نقل مقاتلي “الفرقة” من درعا إلى “الفوج 666” في دمشق، دفع بعدد كبير من العناصر إلى الهرب من الخدمة العسكرية، بينما قرر آخرون الاستعاضة عن الالتحاق بدفع الرشى للضباط المسؤولين عنهم.
وتعرض عناصر “التسوية” ممن انضموا لـ”الفرقة الرابعة” لخديعة ضباط الفرقة، إذ لم تُحسب لهم الخدمة التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات في درعا من إجمالي الخدمة العسكرية.
ما مجموعات “التسوية”
خلّفت سيطرة النظام على محافظتي درعا والقنيطرة تنافسًا محمومًا بين أفرع النظام الأمنية، و”الفرقة الرابعة”، و”اللواء الثامن”، على استقطاب الشباب، وخاصة المتخلفين عن الخدمة، والمقاتلين السابقين بفصائل المعارضة المحلية.
وكون “الفرقة الرابعة” تعتبر من مرتبات الجيش النظامي، فقد شكّل ذلك دافعًا مغريًا للشباب، ظنًا منهم أن مدة بقائهم في “الفرقة” ستُحسب من مدة الخدمة الإلزامية الإجمالية، كما وافقت “الفرقة” على خدمة عناصر “التسوية” في مناطقهم.
واشترطت “الفرقة” مع فتح أبواب الانتساب لها، تسليم قطعة سلاح فردي عن كل عنصر يريد الانتساب.
وأحدثت مركزي تدريب للمستجدين في معسكر “زيزون”، ومعسكر “صاعقة المزيريب” بريف درعا الغربي، دربت فيهما الآلاف من شباب المحافظة من حملة بطاقات “التسوية”.
الانتشار الأوسع لهذه المجموعات كان في ريف درعا الغربي، حيث كانت تشرف “الفرقة الرابعة” على الطرق الرئيسة والفرعية من خلال حواجز أمنية يديرها عناصر “التسويات”.
–