راجع فهد الصالح (47 عامًا)، مزارع من ريف الرقة، شركة “تطوير المجتمع الزراعي” في مدينة الرقة عدة مرات خلال آب الحالي، لتسلّم فاتورة مبيعاته من محصول القمح، لكنه لم يتمكن من ذلك حتى الآن.
وقال فهد لعنب بلدي، إنه كان من المفترض أن يتسلّم ثمن أربعة أطنان من القمح منذ منتصف تموز الماضي، لكن الموظفين في شركة “تطوير المجتمع الزراعي” أخبروه بأن الشركة غير قادرة في الوقت الحالي على سداد فواتير المزارعين.
وأثار تأخر فواتير القمح من قبل “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا استياء المزارعين في الرقة، الذين قالوا إن التأخر في التسديد، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية، يؤثران سلبًا على إمكانية سداد الديون المترتبة عليهم خلال الموسم الزراعي.
وتُعنى شركة “تطوير المجتمع الزراعي” التابعة لـ”هيئة الاقتصاد” في “الإدارة الذاتية” بتسلّم المحاصيل من المزارعين، وتسليمهم ثمنها، إلى جانب تسليمهم البذور وبعض أنواع المبيدات والأسمدة.
من جهته، استدان سعيد الخضر (40 عامًا)، مزارع من ريف الرقة، مستلزمات موسم القمح من إحدى الصيدليات الزراعية، بحسب ما قاله لعنب بلدي، مضيفًا أن صاحب الصيدلية بدأ بمطالبته بالوفاء بالتزاماته المالية، التي سجلت عليه دينًا بالدولار الأمريكي.
وقال سعيد، إن المزارعين غالبًا ما يضطرون لاستدانة تجهيزات الموسم ومستلزماته من الصيدليات والمستودعات الزراعية، مضيفًا أن تأخر الفواتير وارتفاع سعر الدولار يؤثران سلبًا عليهم، ويتسببان بخسارتهم.
التجار خسروا أيضًا
خصصت شركة “تطوير المجتمع الزراعي” صوامع مجفف الذرة على أطراف مدينة الرقة الشمالية لتسلّم القمح من التجار، إذ تسلمت منهم هذا الموسم نحو 40 ألف طن، ومعظمهم لم يتسلّم فواتير القمح، وفقًا لما قاله طلال إبراهيم لعنب بلدي.
وأشار طلال إلى أن التجار اشتروا القمح من المزارعين بسعر يتراوح بين 1950 و2050 ليرة سورية، وكان من المفترض أن يبيعوه لـ”الإدارة الذاتية” بـ2200 ليرة للكيلو، ولكن التأخير في تسلّم الفواتير أثّر أيضًا على ربح التجار، على اعتبار أن الليرة السورية خسرت جزءًا من قيمتها أمام الدولار بسبب ارتفاع سعر الصرف.
“الطوارئ” هي السبب
عضو في “اللجنة الاقتصادية” بـ”مجلس الرقة المدني” قال لعنب بلدي، إن “الإدارة الذاتية” تواجه شحًا في السيولة النقدية، بسبب التركيز على وضع مخزون استراتيجي من بعض المواد الغذائية، واتخاذ إجراءات أخرى تنفيذًا لحالة “الطوارئ” المعلَنة في مناطق شمال شرقي سوريا منذ مطلع تموز الماضي.
وأشار إلى أن “الإدارة الذاتية” تحاول الآن الحصول على سيولة من عائدات مبيع المحروقات، وضخها في خزينة “هيئة المالية” لتحويلها لاحقًا لفروع شركة “تطوير المجتمع الزراعي”، التي بدورها تسدد فواتير القمح.
وفي 23 من أيار الماضي، حددت “الإدارة” سعر مادة القمح في مناطق نفوذها بـ2200 ليرة سورية (نحو 50 سنتًا أمريكيًا) لكل كيلوغرام من القمح، وبلغ إجمالي الأراضي المزروعة ثلاثة ملايين دونم.
كما أطلقت “الإدارة” وعودًا بتسهيلات في فرق درجات الجودة، محددة بدء تسلّم المحصول في كل من الرقة ودير الزور والطبقة في 25 من أيار، وفي منطقة الجزيرة بدءًا من 28 من الشهر نفسه.
وفي تصريح لوكالة “نورث برس” أواخر حزيران الماضي، قال مصطفى إبراهيم، رئيس شركة “تطوير المجتمع الزراعي”، إن عملية الشراء “تسير بسلاسة هذا العام”، وإن فواتير القمح ستسلّم بعد 20 يومًا من تسلّم المحصول من قبل “الشركة”، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
–