هل تسد فصائل السويداء المحلية غياب أجهزة الأمن؟

  • 2022/08/29
  • 4:16 م

مقاتلون محليون في أحد شوارع بلدة قنوات بمحافظة السويداء- آب 2022 (الراصد/ فيس بوك)

بعد سيطرة الفصائل المحلية على مقار مجموعات مسلحة تتبع لـ”الأمن العسكري” في محافظة السويداء مطلع آب الحالي، تابعت الفصائل تفكيك بقية المجموعات في صلخد وقنوات والمزرعة.

وفرضت الفصائل، بدعم من الطائفة الدرزية متمثلة بزعيمها الروحي الشيخ حكمت الهجري، واقعًا جديدًا أخلى المحافظة من سيطرة مجموعات “الأمن العسكري”.

كذلك لم يتدخل النظام السوري في حماية المجموعات الرديفة له، واقتصر الدور الروسي على وفد زار مدينة السويداء في 7 من آب الحالي، وتلقى مطالب باسم سكان المحافظة.

سكان يباركون

أبدى سكان من محافظة السويداء تأييدهم لمحاربة المجموعات التابعة لـ”الأمن العسكري”، ممن تعتبر على الصعيد الشعبي في المحافظة “الراعي الرسمي للجريمة وعمليات الخطف وتجارة المخدرات”.

وقال الناشط فادي الجبل، المقيم في مدينة السويداء، لعنب بلدي، إن اجتثاث هذه المجموعات كان خطوة مهمة تجاه الحد من انتشار الجريمة المنظمة والمباركة من قبل أجهزة الأمن الداعمة لهذه العصابات.

من جانبه، حمّل الشيخ الهجري رؤساء الأفرع الأمنية التابعين للنظام مسؤولية الفلتان الأمني في المحافظة، مطالبًا بعزلهم من مناصبهم بعدما تسببوا بـ”الفوضى وزرع الشقاق في المحافظة”، على حد تعبيره في مقابلة مع شبكة محلية، منتصف حزيران الماضي.

مدنيون من السويداء قابلتهم عنب بلدي، قالوا إن “قطع ذراع (الأمن العسكري) هو قطع الطريق أمام إيران في تشييع الجنوب”.

واعتبروا أن إعلان الشيخ حكمت الهجري “النفير العام” لمحاربة هذه المجموعات، يدفع بالحاضنة الشعبية للوقوف خلفه.

البلعوس: لحفظ الأمن

بينما قال القيادي في حركة “رجال الكرامة” فهد البلعوس، نجل الشيخ وحيد البلعوس، لعنب بلدي، إن مجموعات “الأمن العسكري” لها دور كبير “بضرب السلم الاهلي في السويداء” من خلال عمليات القتل والخطف، والسرقة، وتجارة المخدرات.

وأضاف أن مجمل الانتهاكات التي تسببت فيها هذه المجموعات، وخاصة عمليات الخطف، دفعت الفصائل المحلية في السويداء لمحاربتها، وتفكيك قوتها العسكرية عبر سحب السلاح منها.

واعتبر أن الدافع الأول لمحاربة هذه المجموعات هو الحفاظ على السلم الأهلي في المنطقة، وخاصة في ظل غياب أي دور لحكومة النظام، التي تُتهم بإطلاق يد هذه المجموعات للعبث بأمن السويداء.

بينما نفى البلعوس أي طلب من الجانب الروسي لتشكيل جسم عسكري على غرار “اللواء الثامن” في درعا، مشيرًا إلى أن الروس زاروا المحافظة لسماع مطالب سكانها فقط.

وفي 11 من آب الحالي، أصدرت حركة “رجال الكرامة” عبر حسابها في “فيس بوك” بيانًا، قالت فيه إن عناصرها واصلوا مع فصائل ومقاتلي المنطقة عمليات تمشيط وتطويق أبنية في بلدة قنوات شمالي المحافظة للبحث عن “فلول العصابات التي عاثت فسادًا” فيها.

هل للفصائل قدرة على حفظ الأمن؟

مع تصدير فصائل المحافظة على أنها بديلة عن وجود النظام السوري في السويداء، بات من الضروري الحديث عن مدى قدرتها على ضبط الأمن فيها، وسط ما وصفه ناشطون من السويداء قابلتهم عنب بلدي بـ”المستقبل المجهول”.

الناشط فادي الجبل قال لعنب بلدي، إن ما يتخوف منه سكان المحافظة، هو أن تخدم هذه الفصائل سياسة النظام الأمنية، عبر حصر السلاح في مكان واحد لدى الفصائل، وعندها يسهل على النظام تجريدها منه.

بينما اعتبر القيادي فهد البلعوس من جانبه أن تفكيك فصائل “الأمن العسكري” لا يمكن أن يترك فراغًا أمنيًا في المحافظة، محددًا الحفاظ على السلم الأهلي كـ”واجب على الفصائل”.

وأشار إلى أن الأملاك العامة والخاصة محمية من قبل الفصائل المحلية التي تهدف إلى “تحقيق الأمن في السويداء”.

وعن تشكيل قوة عسكرية أو أمنية في المحافظة، قال البلعوس، إن الأجسام العسكرية الموجودة حاليًا يقودها غطاء ديني من الشيخ الروحي للطائفة الدرزية حكمت الهجري، وبالتالي يستبعد إنشاء قوى جديدة.

وتوجد في السويداء مجموعة فصائل محلية لكل منها توجه سياسي، توحد المرجعية الدينية أغلبيتها، ويُعرف منها فصائل معارضة للنظام بشكل واضح كمجموعة “قوة مكافحة الإرهاب”، بينما يعتبر فصيل “الدفاع الوطني” مؤيدًا للنظام ورديفًا لقواته.

هذان الفصيلان تصادما عدة مرات بمواجهات مسلحة انتهت بخسائر من الطرفين، إثر التوجهات السياسية المتناقضة لدى الطرفين.

“مكافحة الإرهاب” شابها الغموض

في مطلع حزيران الماضي، شهد ريف السويداء الشرقي اشتباكات بين “قوات الفجر” بقيادة راجي فلحوط، وقوات “مكافحة الإرهاب” التابعة لـ”حزب اللواء السوري”، وانتهت بسيطرة “قوات الفجر” على مقار “المكافحة” في خازمة شرقي السويداء، ومقتل قائدها سامر الحكيم.

لم تشهد السويداء حينها تحركًا لمؤازرة “مكافحة الإرهاب”، أو حتى دعمًا من وجهاء المحافظة من شيوخ الطائفة الدرزية، على عكس ما جرى خلال المواجهات بين فلحوط وفصائل عديدة في المحافظة.

الناشط فادي الجبل أرجع أسباب تفاوت هذا الدعم والتعاطف، إلى أن المجتمع المحلي في السويداء مرتبط بشكل كامل بالقرار الديني على اعتباره “المصدر الآمن” لجمع الناس على كلمة واحدة، إضافة إلى أن الفصيل “شابه الغموض”، خصوصًا حول قضية الدعم الأمريكي له، و”الماضي السيئ الذكر لقائده وارتباطه السابق مع جهاز (الأمن العسكري)”، بحسب الناشط فادي الجبل.

وكانت “مكافحة الإرهاب” أعلنت، مطلع العام الحالي، عن تحالفها مع القوات الأمريكية والمجموعات المحلية المدعومة من قبلها في منطقة الـ”55 كيلومترًا”، أو ما يُعرف باسم قاعدة “التنف” المدارة من قبل أمريكا.

مبادرات لضبط الأمن

شهدت أحياء مدينة السويداء وبلدات وقرى بريفها مبادرات من قبل السكان لتشكيل دوريات من أبناء المحافظة، وتسييرها بشكل يومي للحفاظ على ممتلكاتهم الخاصة وحتى على الممتلكات العامة منذ نهاية العام الماضي.

وفي مدينة صلخد جنوبي السويداء، قرر الأهالي تسيير دوريات يومية خلال الليل في شوارع المدينة، وذلك نتيجة انقطاع الكهرباء عن المنازل، بعد أن طالت حالات السرقة كوابل ومحولات الكهرباء.

كما اتفق أهالي قرية نمرة شهبا شمال شرقي السويداء على تسيير دوريات وحراسة المنشآت الحيوية من السرقة والعبث، مقابل مبالغ رمزية تُدفع عن كل دفتر عائلة وتصل إلى 2000 ليرة سورية فقط على الأسرة الواحدة لثلاثة أشهر.

حالة الفلتان الأمني تعود للأوضاع المعيشية والخدمية المتردية في المحافظة، حالها كحال بقية المحافظات السورية، إلا أن ذلك ليس مبررًا لاتجاه الأشخاص نحو السرقة، بحسب ما قاله المحامي رافع العيسمي، في حديث سابق لعنب بلدي.

وأشار إلى أن “تقاعس أجهزة النظام الأمنية سيؤدي إلى عدم ردع حالات السرقة التي ازدادت وتيرتها، وبناء على ذلك، قرر الأهالي حماية أنفسهم بأنفسهم، ولكن إلى متى؟”.

سبق ذلك في تشرين الأول 2021، تنظيم مجموعة من أبناء بلدة الرحى إجراءات لملء الفراغ الأمني “المتعمّد” الذي أحدثته الأجهزة الأمنية، بغية “إحلال الأمن في البلدة وحماية سكانها”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا