عنب بلدي – خاص
حملات إعلامية وتنديد دولي، إضافة إلى مطالبات من المنظمات الحقوقية ووقفات احتجاجية داخل مدن عدة داخل سوريا وخارجها، جاءت ردًا على الصور الإنسانية الصادمة التي أظهرت عددًا من أهالي بلدة مضايا، في ريف دمشق الغربي، “عظامًا” من شدة الجوع.
وحظيت قضية حصار البلدة باهتمام الآلاف من الناشطين السوريين، ودعوا الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين الذين يموتون جوعًا.
الائتلاف يدعو لتدخل دولي إنساني في مضايا
أصدر الائتلاف الوطني السوري بيانًا، الخميس 7 كانون الثاني، وجه فيه رسالة إلى الأمم المتحدة مشيرًا إلى أن المطلوب منها “إخطار النظام فقط وليس موافقته والترحيب بقبوله”.
وسلم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عبر سفارته في الولايات المتحدة، رسالة إلى مجلس الأمن في اليوم ذاته، عبر بعثة ليتوانيا، “آسفًا” فيها لقرار الترحيب بموافقة الأسد، على حد وصفه.
كما طالب الأمم المتحدة بضرورة تصنيف الوضع في مضايا والزبداني ومعضمية الشام (90 ألف مدني محاصر)، على أنه “كارثة إنسانية”، داعيًا إلى تقديم المساعدات عبر الجو “في حال مواصلة الميليشيات منعها من الدخول برًا”، داعيًا الجامعة العربية لبحث الوضع ووصفه بـ”الطارئ”، خلال الاجتماع الوزاري، الأحد 10 كانون الثاني، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تساعد على إنهاء الحصار وإدانته وتجريمه.
دعوات دولية لفك الحصار
نددت الحكومة الفرنسية بما يجري في مضايا، الأربعاء 7 كانون الثاني، وقال المتحدث باسم وزير الخارجية الفرنسية، رومان نادال إن فرنسا تدعو إلى وقف فوري للحصار ووصول المساعدات الإنسانية “بشكل عاجل” إلى مضايا وجميع المناطق المحاصرة في سوريا.
واتهم نادال النظام السوري أنه يمنع وصول المنظمات الإنسانية إلى المدينة، مشيرًا إلى وجوب فك الحصار عنها “وفقًا لقراري 2254 و2258 لمجلس الأمن الدولي”.
بدورها، حثّت بريطانيا نظام الأسد، من خلال مبعوثها الخاص إلى سوريا غاريث بايلي، على رفع الحصار عن البلدة وغيرها، “كخطوة نحو إنهاء الوضع المستمر منذ حوالي خمس سنوات”.
الأمم المتحدة: ستدخل المساعدات تزامنًا مع كفريا والفوعة
على خلفية المناشدات بفك الحصار عن مضايا، أصدرت الأمم المتحدة بيانًا، الخميس 7 كانون الثاني، وقالت إن النظام السوري وافق على إدخال المساعدات إلى بلدة مضايا في ريف دمشق الغربي، على أن تدخل إلى كل من مضايا وكفريا والفوعة “في أسرع وقت ممكن”.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين مطلعين، السبت 9 كانون الثاني، إن المساعدات الإغاثية ستسلم لبلدة مضايا المحاصرة إضافة إلى قريتي كفريا والفوعة في إدلب، الاثنين المقبل، بموجب الاتفاق بين الأمم المتحدة والنظام السوري.
مؤيدو النظام السوري وحزب الله يشمتون
لاقى الاهتمام الدولي الواسع بحصار بلدة مضايا، استهجان عدد كبير من مؤيدي النظام السوري وحزب الله اللبناني، ونشر المؤيديون عبر حساباتهم وسم “متضامن مع حصار مضايا”، مرفقًا بصور أطعمة بمختلف أنواعها، تعبيرًا عن تهكمهم.
قناة المنار عرضت تقريرًا، الخميس 7 كانون الثاني، واعتبرت فيه أن الصور التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتظهر الأجساد الهزيلة للرجال والأطفال “مفبركة”.
وعرضت القناة بيانًا صادرًا عما وصفته بـ “الإعلام الحربي” التابع لحزب الله، وأشار إلى “حملة افتراءات واسعة ضد المقاومة المتهمة بتجويع المدنيين في مضايا بسبب حصار الحزب “.
الحملة “تهدف لتشويه صورة المقاومة”، وفقًا للبيان الذي اعتبر أن ما يجري في البلدة “مسؤولية الجماعات المسلحة التي تتخذ من مضايا رهينة لها ولداعمي المسلحين من جهات خارجية”.
بدوره نشر أحمد شلاش، عضو مجلس الشعب، عبر صفحته في فيسبوك، الأربعاء 6 كانون الثاني، قال فيه “أنا الشيخ أحمد شلاش أعلن من هنا عن رفضي القاطع لسياسة التجويع المطبقة على المناطق الخارجة عن السيطرة ولا سيما مضايا، وأقترح تطبيق سياسة الحرق الكامل حتى لا يبقى من يجوع في تلك المناطق”، وأضاف “اليوم مضايا و بكرا الغوطة والحبل على الجرار”.
كما نشر مراسل قناة الميادين، علي مرتضى، عبر صفحته في فيسبوك تسجيلًا مصورًا معلقًا على الحصار، واقترح فيه على ما وصفها بـ “المقاومة” أن تنشئ فرعًا جديدًا وتسميه “حزب الله ديلفيري”، مشيرًا إلى أن الفرع سيكون مسؤولًا عن “توزيع المناقيش على المسلحين في مضايا مع ترمس شاي صباح كل يوم، وقتالهم وهم شبعانين”، وختم “هذا ما يريده جماعة الإنسانية”.
مرتضى اتهم في منشور آخر، الناشطين السوريين بأنهم “يهيّجون” الإعلام والرأي العام، وقال “بدهم يصوروا المقاومة اللي فتحت ممرات إنسانية ولاتزال إنها متلهم.. المقاومة أدخلت مساعدات سرقتها النصرة وهيي أشرف من إنو يتم اتهامها بهكذا تفاهة”.
63 مدنيًا “ضحايا الجوع” في مضايا
تواردت عشرات الصور من مضايا تظهر أجسادًا عارية هزيلة، إضافة إلى هياكل عظمية لجثث رجال وأطفال قضوا إثر حصار البلدة ومنع إدخال المساعدات إليها منذ نهاية عام 2013. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 63 مدنيًا فيها منذ بداية تموز 2015 وحتى كانون الثاني الجاري بعد أن منعت الحواجز العسكرية المحاصرة للبلدة وبعض الثكنات العسكرية الأهالي من إدخال أي مواد غذائية أو طبية أو محروقات، كما قامت قوات النظام السوري بزرع مئات الألغام المضادة للأفراد في الأراضي الزراعية المحيطة بالبلدة، قضى منهم 29 شخصًا إثر نقص المواد الغذائية والطبية، بينما لقي 34 آخرين حتفهم أثناء محاولتهم الخروج من البلدة عبر الأراضي الزراعية نتيجة انفجار الألغام، أو برصاص الحواجز العسكرية والقناصة في المناطق المحيطة بالبلدة.
وخلال 6 أشهر من اشتداد الحصار تدهورت الحالة الإنسانية في البلدة التي تضم قرابة 43 ألف شخص، بينهم قرابة 300 عائلة نزحت من مدينة الزبداني، الأمر الذي أدى إلى ندرة المواد وبالتالي ارتفاع الأسعار حتى تجاوز سعر كيلو الأرز 115 دولارًا، وسعر كيلو حليب الأطفال 180 دولارًا بحسب الشبكة.
وقال أحد أصحاب المحلات في سوق مضايا لعنب بلدي إن السوق تحول إلى “تجار حرب” من عشرة أشخاص تابعين لنظام الأسد وحزب الله يحتكرون كافة المواد الغذائية ويرفعون أسعارها حسب رغباتهم.
من جهته ذكر فارس، وهو اسم حركي لأحد المخبريين العاملين في المشفى الميداني في مضايا، أن المشفى الوحيد في مضايا يعمل بطاقة 9 أفراد فقط وهم بحاجة لتغطية احتياجات 40 ألف نسمة والمشفى يفتقر بشدة للأدوية والسيرومات، وأضاف فارس: “تصل للمشفى قرابة 20 -30 حالة إغماء يوميًا ولا يوجد أدوية للأمراض المزمنة. توفي 8 أطفال وثلاثة مسنين نتيجة نقص الغذاء بينما توفي 12 مدنيًا وهم يحاولون فك الحصار إثر انفجار الألغام بهم وبترت أطراف 12 آخرين.