حمص – عروة المنذر
رغم اقتراب نهاية فصل الصيف الحالي، لا تزال معظم مستودعات مزارعي ريف حمص ممتلئة بالمحاصيل لأسباب، منها فرض الحواجز الأمنية إتاوات على سيارات نقل المحاصيل لا يستطيع جميع المزارعين دفعها، بالإضافة إلى تراجع الحركة التجارية، نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية.
وخلال العام الحالي، شهد ريف محافظة حمص كسادًا غير مسبوق في عدد من المحاصيل الزراعية، ما جعل أرباح الفلاحين عرضة للتآكل مع انخفاض قيمة الليرة السورية، وزيادة تكاليف التخزين والتعقيم التي يدفعونها لقاء بقاء محاصيلهم في المستودعات.
ويعتمد مزارعو أرياف حمص على محاصيل اليانسون وحبة البركة والكمون بشكل أساسي، بالإضافة إلى المحاصيل الاستراتيجية التي تشرف الحكومة على زراعتها وتسويقها، كالقمح والشعير، وعدد من الأشجار المثمرة التي تراجعت زراعتها مع تناقص منسوب المياه الجوفية.
وتضيّق الحواجز الأمنية وحواجز “الفرقة الرابعة”، بالإضافة إلى الجمارك، حركة التجار بين المدن والبلدات، وتفرض عليهم الإتاوات، ما أدى إلى تراجع الحركة التجارية بشكل عام.
كما أخرج تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار، والترويج لانهيارها، العديد من التجار من الأسواق، بسبب الخوف من عدم إمكانية تعويض خسائرهم.
حواجز تشل الحركة التجارية
تنتشر حواجز أمنية تابعة لجيش النظام والمفارز الأمنية على المفارق والطرق الرئيسة، وتفرض الإتاوات على التجار والمزارعين، مقابل عدم إفراغ السيارة وتعبئتها من جديد.
“أبو محمود”، وهو من أبناء من قرية الفرحانية، وأحد أبرز تجار الحبوب في ريف حمص الشمالي، قال لعنب بلدي، إنه اضطر لتخفيض معدل تجارته إلى النصف، بعد التضييق الذي بدأت الحواجز بفرضه على تجارة الحبوب.
وأوضح التاجر، الذي تحفظ على نشر اسمه الصريح لأسباب أمنية، أن سيارة نقل الحبوب عند مرورها من الحاجز الأمني تكون محمّلة بعدة أطنان، ويطلب عنصر الحاجز تفريغها للتأكد من حمولتها ما لم يتم دفع مبالغ تصل أحيانًا إلى 25 ألف ليرة.
واعتبر التاجر أن هذا التضييق دفع التجار الصغار للخروج من سوق الحبوب، ما خفض حركة بيع وشراء المواسم الزراعية.
وخلال فصل الصيف الحالي، كثفت الضابطة الجمركية دورياتها على الأوتوستراد الدولي حمص- حماة، بالتزامن مع بدء بيع المواسم الزراعية، إذ تفرض إتاوات على التجار والمزارعين على حد سواء.
يوسف الخليل، أحد مزارعي مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، إن الحواجز ودوريات الجمارك لا تميّز بين تاجر ومزارع، وتفرض مبالغ على الجميع، ما شلّ حركة المواسم الزراعية، وجعلها تكسد في المستودعات حتى الآن.
هاجس سعر الصرف
وتشهد الليرة السورية تذبذبًا في سعر الصرف، ما جعل العديد من التجار يخرجون من سوق الحبوب خوفًا من انهيارات قد تلحق بالليرة، وتتسبب لهم بخسائر فادحة.
سومر، أحد تجار الحبوب في سهل الحولة، قال لعنب بلدي، إن تذبذب سعر الصرف، والخوف من انهيارات كبيرة في قيمة الليرة، أخرج عددًا من التجار من سوق العمل، لعدم قدرتهم على البيع والشراء إلا بالليرة السورية.
وأضاف سومر أن بيع الدولار وشراءه من جديد أمر معقد، لعدم وجود مكاتب أو أشخاص يمتهنون هذه المهنة، ما يصعب العملية بشكل كبير، وإذا حصل انخفاض بقيمة الليرة لا تلحق المواسم بهذا الانخفاض بشكل سريع، ما يعرّض التجار لخسائر كون تقييم رأس المال يكون بالدولار الأمريكي.
كساد وخسارة
يضطر المزارعون في حال عدم قدرتهم على بيع مواسمهم إلى تخزينها وتعقيمها خوفًا من تلفها، ما يزيد تكلفتها، فيما يحتاج أغلب المزارعين لبيع مواسمهم في شهر أيلول.
عبد الرحمن، أحد المزارعين من مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، إن كساد المواسم يضعنا أمام مشكلة كبيرة بسبب حاجتنا للمال، وبسبب صعوبة التخزين والتعقيم خوفًا من التلف، مع عدم وجود مخازن مجهزة عند أغلب المزارعين.
وتناول تقرير لبرنامج “GEOGLAM” الدولي لمراقبة الزراعة العالمية، آثار النزاع في سوريا، خلال العقد الماضي، على الواقع الزراعي وإنتاج المحاصيل.
وتحدث التقرير، الصادر في 21 من كانون الثاني 2012، عن ثمانية آثار للنزاع على مختلف القطاعات المتعلقة بالزراعة والإنتاج والتسويق الزراعي، منها عدم توفر البذور والسماد ومواقع التخزين، وتضرر البنية التحتية وأنظمة الري، وارتفاع تكاليف النقل ومحدودية التسويق.
”GEOGLAM” هو برنامج دولي معتمد من منتدى “مجموعة العشرين”، يهدف إلى تعزيز استخدام عمليات رصد الأرض، لتعزيز صنع القرار واتخاذ الإجراءات والسياسات في مجالات الأمن الغذائي والزراعة المستدامة.