يهدف الأفراد عمومًا، والعاملون خصوصًا، إلى تنمية تنظيم ذواتهم خلال ممارسة مهامهم اليومية في المنزل أو داخل مكاتب العمل، وذلك من أجل الثراء العقلي والنفسي، والارتقاء إلى أعلى المستويات الوظيفية.
تتطلّب هذه التنمية، بالضرورة، رؤية حكيمة تتوازن مع التغيرات التي تطرأ على ظروف الحياة الشخصية، وإمكانية الفرد الحكم على قدراته الشخصية بكل موضوعية، واستثمار نقاط قوته، وتحسين نقاط الضعف لديه.
تعرض الكاتبة الأمريكية هارييت جريفي في كتابها “كيف أنظم حياتي”، الصادر بنسخته العربية عن دار “الساقي” عام 2020، بطريقة مبسطة من خلال الصور والرسومات، الأسباب الفعلية التي تمنع الأفراد من أن يكونوا منظمين في حياتهم الشخصية، والحلول لمعالجة ذلك.
بالنسبة للأشخاص المنظمين، فإن الشخص غير المنظم هو لغز، لا يجدون مبررًا لغياب التنظيم، لكن في هذا الأمر تجاهلًا لبعض الأسباب النفسية الكامنة وراء الشعور بأن الفوضى قد تبدو أحيانًا الخيار الأفضل، وفق الكتاب (130 صفحة).
فعند بعض الأفراد، تمثّل العقبات المادية الناجمة عن أكوام الكتب، أو رزم المستندات غير المصنفة، أو سلال الغسيل الممتلئة التي تنتظر الانتباه إليها، درعًا في وجه العالم الخارجي، وقد تكون هذه الحواجز مفيدة في الحفاظ على المساحة الشخصية ومنع الآخرين من الاقتراب أكثر مما ينبغي، حرفيًا أو مجازيًا.
العيش في الفوضى مرهق ومخيف، كما أنه يتسبب بالإدمان، لكن بالنسبة للبعض، قد تكون فكرة أن يكون الفرد محاطًا بـ”الأشياء” أمرًا مطمئنًا، ويشعرهم بالأمان امتلاكهم الكثير من الأشياء وتخزين فائض منها، من علب الفاصولياء إلى الأقلام الجديدة، الأمر الذي يساعد غير المنظم على مواجهة القلق من عدم وجود ما يكفي.
وأغلبية غير المنظمين، وفق الكتاب، ينظرون إلى الفوضى على أنها مفيدة للتحايل وملجأ للتلهي عن الشروع بالعمل، ما قد يكون شكلًا من أشكال المماطلة أو الكسل، يساعدهم على تجنب المهمات التي تحتاج إلى الإتمام أو المشكلات التي تحتاج إلى المعالجة، سواء كانت مادية أو نفسية، ففي وسط الفوضى العاطفية يكون من الأسهل أحيانًا صرف الانتباه عبر مقارنة ما يجب على الفرد القيام به بطريقة عشوائية.
وتلخص الكاتبة أساليب العلاج من فوضى الأشياء في حياة الأفراد بتقليل ممتلكات الشخص، فكلما قلّت هذه الأشياء زاد وقت الفرد، لأن المواد التي تحتاج إلى تنظيف أو تخزين أو العثور عليها تصير أقل، وتقليل الفوضى من حياة الفرد يؤدي إلى كسب فوري لأنه يمنحه مساحة أكبر.
اكتشاف الفرد أنه كلما أوجد فضاء ماديًا أكبر امتلك فسحة ذهنية أكبر للتساؤل عما فعله في وقته، هو السلعة الأثمن التي يمتلكها، بحسب توصيف الكتاب.