“القيصر”.. وموسم العودة إلى دمشق

  • 2022/08/28
  • 10:46 ص

الفنان السوري عمر سليمان الملقب بـ "الكيصر"

نبيل محمد

رغم جمهوره العريض من السوريين المقيمين في الخارج السوري، ممن لا يفوّتون حفلاته في برلين واسطنبول وغيرهما من المدن التي يكرر عمر سليمان (الملقب بـ”القيصر”) حضوره فيها، فإن عودته إلى سوريا وإحياءه حفلًا غنائيًا في وادي النصارى، ونيته إقامة حفلات أخرى في مدن سورية، مرت مرور الكرام.

ولعل مصدر غض النظر عن حفلات “القيصر” في سوريا، في ظل أحكام متكررة الإطلاق على أي فنان سوري أو عربي يقيم الحفلات في سوريا اليوم، يعود إلى سببين أساسيين، أولهما إعلانه المباشر عدم تدخله بأي قضية سياسية، ورفضه إقحامه في أي موقف أو رأي، والثاني وهو الأهم تلميحه المباشر إلى رفضه “الحرية” مقابل عودته إلى بلاده. تلك الجملة التي كررها مرارًا في إحدى أغانيه “والله ما بي وطن من بعد سوريا، أريد أرجع للوطن بس ما ريد حرية”، ذلك السبب الذي يلغي مسألة عدم تدخله في السياسة، فهو موقف معلَن بلا شك.

يستحق فنان مثل عمر سليمان ألا تكون عودته لإحياء الحفلات في سوريا ذات أثر يستأهل الجدل، فتلك الهالة التي ارتسمت حوله، بعد شهرة عالمية نالها خلال السنوات السابقة بمشاركته فنانين عالميين على خشبات المسارح، وغنائه في مهرجانات عالمية كبرى، جاءت غريبة نسبيًا، مردّها إلى استخدام اللون الشعبي السوري التجاري في مواقع لم تعتد استضافة هذا الشكل من الفن.

ولو أن “القيصر” أمضى سنين عمره في الداخل السوري، لما حظي بما حظي به جراء تنقله في الخارج. الغريب هو موقف ساد بالأوساط السورية في الخارج، بات يقدم عمر سليمان سفيرًا للفن السوري تارة، ويُخضع موسيقاه وأغانيه لتقييمات تتعدى قدرة فنه على الاستيعاب. إنها جمل موسيقا مكرورة في أغانيه وأغاني سواه ممن احترفوا هذا الشكل الغنائي، لا أكثر ولا أقل. لكنه استطاع بارتدائه الجلابية، والنظارة السوداء، أن يصعد مسارح عالمية توّاقة لشكل مختلف وموسيقا مغايرة، يمكن تصنيفها كتراث شرقي قادر على جذب الجمهور.

تواكبت عودة سليمان إلى “حضن الوطن” مع “عودة” فنانين عرب لإحياء الحفلات في دمشق، بعد سنوات غياب، فكاد أن يغمى على نجوى كرم قبل اعتلائها مسرح قلعة “دمشق” حسب تعبيرها، على الرغم من أنه لا مبرر لهذا الإغماء، فغيابها عن دمشق لم يطل، ولم يكن لدواعٍ سياسية، إنما غيّبها “كوفيد- 19” ثلاث سنوات عن البلد الذي لم يحظَ فنان لبناني بما حظيت كرم فيه، ولم يتكرر اسم الأسد بنسختيه على لسان فنان كما تكرر على لسانها. الغريب في التعامل مع حفلة نجوى كرم هو حديث الإعلام المحلي عن “عودة” “شمس الغنية اللبنانية” إلى سوريا، وكأن غيابها كان دهرًا.

هاني شاكر أيضًا، سيكون ضيفًا على “دار الأسد للثقافة والفنون” في حفل غنائي، يتم تداوله اليوم في “الميديا” السورية كحدث جلل، بشكل يشابه أو يزيد قدسيّة على حدث “عودة” نجوى كرم. ولعل شاكر يمثّل نسخة مصرية من نجوى كرم، في رؤيته وعلاقته مع دمشق بشكلها الحالي، فقد كان سبّاقًا إلى التضامن مع النظام السوري، وداعيًا في وقت كانت تهتز فيه حلب على وقع براميل الجيش السوري، وتدفن العشرات من أهلها يوميًا، إلى عدم تضييع القضية في تسمية الظالم والمظلوم، حين غنّى “رمضان كريم يا حلب” وقال فيها “”متقولش مين السبب أو مين بيظلم”. لم يكن غريبا ذلك أيضًا على شاكر الذي طالما ارتمى في الأحضان السورية، وأخذ “الأسد” من لسانه الكثير.

كانت “العودة” طبيعيّة، إن صحت تسميتها بهذا الاسم أصلًا. إن دمشق بيت من بيوت شاكر ونجوى كرم وسواهما ممن حفظوا للنظام السوري علاقة قديمة، ولم تتغير مواقفهم بطوارئ السياسة والحروب.

مقالات متعلقة

  1. "الكيصر" العالمي
  2. عندما يلغي الفنان حفله في "دار الأسد"
  3. من جديد.. "الكيصر" مثال للفن السوري في العالم
  4. نقابة الفنانين ترفض إقامة حفل لمحمد رمضان في دمشق

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي