د. أكرم خولاني
ذكرنا في العدد 202 أن الحصبة الألمانية هي مرض فيروسي شائع بين الأطفال، لكنه يمكن أن يصيب الكبار أيضًا، والمشكلة الكبرى التي يمكن أن تحدث بسبب هذا المرض هي عند إصابة المرأة الحامل خلال الثلث الأول من الحمل؛ إذ إنها قد تسبب الإجهاض أو تشوه الجنين، وقد تستمر الإصابة لبضعة أشهر بعد الولادة عند هؤلاء الرضع، وبالتالي فإن هؤلاء الأطفال يمكن أن يشكلوا مصدرًا مهمًا من مصادر العدوى إلى الأطفال الآخرين أو إلى النساء الحوامل. ولذلك فإنه من الضروري تشخيص الإصابات واتباع سبل الوقاية لمنع العدوى بهذا المرض.
كيف تشخص الحصبة الألمانية وكيف تعالج؟
عن طريق القصة المرضية والموجودات السريرية المميزة، ويمكن تأكيد التشخيص عن طريق الفحوص الدموية بكشف وجود أضداد الحصبة الألمانية في الدم، وقد يبقى هذا الاختبار إيجابيًا لأكثر من سنة بعد الإصابة أو بسبب تلقي اللقاح، إلا أن وجود الأضداد بنفس الوقت أو بعد فترة قصيرة من ظهور طفح جلدي يؤكد التشخيص.
وبالنسبة للعلاج؛ فإنه لا يوجد علاج نوعي للحصبة الألمانية، وإنما علاج عرضي لتقليل الانزعاج؛ عن طريق الراحة التامة في الفراش، والإكثار من تناول السوائل والعصائر، وتناول خافضات الحرارة والمسكنات.
وينبغي على النساء الحوامل اللواتي لم يتلقين لقاحًا ضد المرض أن يأخذن حقن غلوبولين مناعي في حال التعرض للفيروس؛ هذا الغلوبولين لا يمنع المرض لكنه قد يساعد في التخفيف من حدة الأعراض والتقليل من خطر ظهور التشوهات الخلقية، رغم أنه لا يوفر حماية تامة ومطلقة من هذه التشوهات.
وبالنسبة للمواليد المصابين بمتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية فيتم تصحيح التشوهات جراحيًا قدر الإمكان (كجراحة الساد العيني والجراحة القلبية).
ما سبل الوقاية من العدوى؟
يجب أن يظل الشخص المريض بعيدًا عن الآخرين حتى لا يعديهم، خاصة النساء الحوامل والأشخاص ضعيفي المناعة كمرضى السكري مثلًا.
وتبقى أفضل طريقة للوقاية هي أخذ اللقاح الخاص بالحصبة الألمانية؛ وهو عبارة عن فيروسات حية مضعفة، وتعطى جرعة واحدة منه للفرد مناعة طويلة الأمد بنسبة تزيد على 95% مماثلة لتلك المكتسبة من الإصابة بعدوى المرض طبيعيًا.
وعادة ما يعطى لقاح الحصبة الألمانية ضمن برامج التلقيح الروتينية كجزء من لقاح يسمى MMR، يحتوي أيضًا على لقاح الحصبة والنكاف (والذي تحدثنا عنه في العدد 202)، ويعطى منه جرعتان؛ الأولى بعمر سنة واحدة، والثانية بعمر سنة ونصف أو بعمر 4-5 سنوات.
وينصح بإعطاء اللقاح للأطفال، ولغير الملقحين من النساء في سن الإنجاب والأشخاص العاملين في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية ومراكز رعاية الأطفال و المدارس والأشخاص الذين يخططون للسفر إلى بلدان أخرى أو للسفر بحرًا.
ولا يوصى بإعطاء اللقاح للحوامل ولا للأشخاص الذين لديهم حالات صحية أو الذين يتناولون أدوية مضعفة للمناعة، لذلك على المرأة التي تنوي الحمل ولا تعرف إن كانت قد تلقت لقاحًا ضد الحصبة الألمانية أم لا، أن تتأكد من ذلك بواسطة إجراء فحص دم، وفي حال تبين عدم وجود حصانة ضد الحصبة الألمانية فيجب أخذ اللقاح قبل حدوث الحمل بشهر كي يأخذ جسمها الوقت الكافي للقضاء على الفيروس الذي تم حقنها به، وكي لا يتعرض الجنين لخطر التقاطه، فاللقاح الذي يتم تلقيه قبل شهر من بدء الحمل هو آمن وموثوق.
ما الفرق بين الحصبة العادية والحصبة الألمانية؟
تكون الأعراض في الحصبة أشد منها في الحصبة الألمانية، وتستمر لفترة أطول.
إلا أن التأثيرات عند إصابة المرأة الحامل تكون أكثر قسوة في الحصبة الألمانية منها في الحصبة العادية.
وبعد الشفاء فإن الطفح الجلدي في الحصبة يترك آثارًا بنية اللون قد تبقى لأشهر على الجلد، أما في الحصبة الألمانية فإن الطفح يختفي دون أن يترك أثرًا.