الحسكة – مجد السالم
في ظل الأزمات المتكررة بالمحروقات والسلع الغذائية الأساسية، كالسكر والزيت والخبز، التي تشهدها مناطق مختلفة من محافظة الحسكة الواقعة تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، تتوفر جميع هذه السلع في حي زنود جنوبي القامشلي (جنوب سكة القطار) الواقع تحت سيطرة قوات النظام السوري، ليشكّل أكبر سوق سوداء للسلع المفقودة التي تباع بأغلى الأسعار.
“بسطات” تعمّ الحي
بحسب ما رصدته عنب بلدي، تكثر على أرصفة الشارع الرئيس في حي زنود “بسطات” لبيع معظم المواد التي تعتبر تجارتها محتكرة لدى “الإدارة الذاتية”، فهناك باعة للمحروقات بجميع أنواعها (مازوت، بنزين، كاز)، بالإضافة إلى الغاز المنزلي والخبز، وحتى الأسمدة الزراعية المفقودة والأعلاف.
أحد سكان حي زنود، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن دخول هذه المواد يجري بكل “سهولة ويسر”، ما دام هناك “دفع رشى” للحواجز التابعة للنظام السوري من جهة، والأخرى التابعة لـ”قسد”، حيث يملك كل منهما ثلاثة حواجز موزعة على مداخل الحي، “جميعها تأخذ الرشى والإتاوات من المهربين”.
يصف الشاب حي زنود بأنه “أفضل مكان لتصريف المواد المحتكرة والمفقودة”، وسط عدم وجود سلطة للنظام على المحال داخل الحي، بينما تحتكر “الإدارة الذاتية” بيع تلك المواد في مناطقها، وتحصر تجارتها بأشخاص معيّنين “محسوبين عليها”، بحسب تعبيره.
الأسعار تتضاعف داخله
صاحب “بسطة” لبيع المحروقات، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب الأمنية، قال لعنب بلدي، إنه يبيع على “بسطته” جميع أنوع المحروقات المطلوبة في السوق، كالبنزين الذي يبيعه بسعر 2000 ليرة سورية لليتر الواحد، بينما يباع في محطات الوقود التابعة لـ”الإدارة الذاتية” على شريحتين، الأولى 210 ليرات سورية لليتر الواحد، والثانية 720 ليرة سورية لليتر الواحد.
أما المازوت فيباع بـ1500 ليرة لليتر الواحد، بينما تحدد “الإدارة” سعر الليتر النظامي بـ410 ليرات، كما تباع أسطوانة الغاز بسعر 40 ألف ليرة سورية، في حين يسجل سعرها النظامي لدى “الإدارة الذاتية” 2500 ليرة سورية، أي أنها تباع في حي زنود بنحو 16 ضعفًا للسعر النظامي.
وأضاف صاحب “البسطة”، أن هذه الأسعار قابلة للزيادة أيضًا كلما زادت الأزمة على المواد داخل مناطق “الإدارة الذاتية”، وعلى الرغم من فرق السعر “الكبير”، فإن أغلب الأرباح تذهب للحواجز والتجار المتعاونين مع “الإدارة”، بينما يحصل صاحب “البسطة” على القليل منها، بحسب تعبيره.
وبحسب رصد عنب بلدي لأسعار عدد من المواد داخل حي زنود، يباع كيلو السكر بأربعة آلاف ليرة، بينما تحدد “الإدارة” سعره في صالات البيع الخاصة بـ2700 ليرة، وربطة الخبز بسعر 1500 ليرة، في حين أن سعرها النظامي يبلغ 400 ليرة سورية.
وعلى الرغم من أن مادة الطحين يمنع نقلها أو المتاجرة بها نهائيًا في مناطق سيطرة “قسد”، فإن سعر كيس الطحين (50 كيلوغرامًا) بلغ نحو 75 ألف ليرة سورية في الحي نفسه.
ما مصدر هذه المواد؟
بحسب معلومات من مصادر متقاطعة حصلت عليها عنب بلدي، يوجد “الكثير” من الطرق والأشخاص الذين يسهمون بـ”إنعاش السوق السوداء” لمختلف المواد الغذائية والمحروقات في حي زنود.
فأصحاب الأفران الخاصة، ممن يملكون رخصًا خاصة، يحصلون على الطحين والمحروقات بأسعار مدعومة من “الإدارة الذاتية”، وهم يستهلكون قسمًا منه، لكن القسم الأكبر يباع في الحي بأسعار مضاعفة، وكذلك المحروقات، “فأصحاب الأفران أصبحوا تجار طحين ومحروقات”.
بينما يتعاون أصحاب محطات الوقود مع أشخاص معيّنين من داخل الحي في بيع قسم من مخصصات المحطة داخل الحي بأسعار مرتفعة، بالإضافة إلى أن عمال المحطة نفسهم، “يسرقون الوقود من المحطات”، بمعدل 30 إلى 50 ليترًا يوميًا، وتُباع لحسابهم الخاص في الحي.
وفيما يخص الغاز المنزلي، قال أحد معتمدي بيع مادة الغاز في أحياء القامشلي لعنب بلدي، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن بعض المتنفذين من “قسد” لديهم رخص كمعتمد لبيع الغاز، ويحصلون بموجبها على مئات الأسطوانات بسعر 2500 ليرة سورية، لكنهم لا يبيعونها للأهالي، بل في السوق السوداء داخل الحي، وحتى لغير مناطق بأسعار تتراوح بين 30 و40 ألف ليرة للأسطوانة الواحدة.
كما يوجد بعض المدنيين ممن يحاولون الاستفادة من فرق السعر الكبير للمواد كمصدر للدخل، إذ يقفون في طوابير الخبز أو الغاز أو السكر والزيت، ثم يأخذون كامل الكمية إلى حي زنود لبيعها هناك بأسعار مرتفعة.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، فإن احتكار “الإدارة الذاتية” تجارة معظم السلع الغذائية وضعف الرقابة من قبلها، والأزمات المتكررة في الوقود على المحطات، وعدم انتظام مواعيد توزيع أسطوانات الغاز المنزلي على الأحياء، وقلة الأعداد الموزعة، أدت إلى انتعاش السوق السوداء لهذه السلع داخل حي زنود، وهو الحي الوحيد الذي يسيطر عليه النظام في مدينة القامشلي بعد خسارته حي طي سابقًا.
–