“رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية”.. بناء الأدلة لتحقيق العدالة
عنب بلدي- صالح ملص
في 22 من آب عام 2013، بعد يوم واحد من استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي ضد أهالي غوطتي دمشق الشرقية والغربية، أصدرت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا” بيانًا صحفيًا طالبت فيه بالتحقيق بهذه الجريمة، التي تسببت باختناق أكثر من ألف فرد من أهالي المنطقة، تمهيدًا لمحاسبة الضالعين بارتكابها.
ومنذ ذلك التاريخ حتى الآن، تستمر المطالب الحقوقية بمناهضة إنكار حقيقة هذه المجزرة، والعمل على توثيق الأدلة لتشكيل مسؤولية جنائية مباشرة ضد أشخاص أشرفوا على الهجوم الكيماوي أو شاركوا بتنفيذه، لبناء شكاوى قضائية بحقهم، وتقديمهم إلى العدالة.
نحو عمل ممنهج
في ذكرى المجزرة عام 2021، أنشأت مجموعة من الضحايا وذوي الضحايا والناجين من جرائم الهجمات الكيماوية “رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية” لمحاسبة القيادات الأمنية والعسكرية في النظام السوري على ارتكاب تلك الهجمات، التي بلغت حتى تاريخ إعداد هذا التقرير 222 هجومًا موثقًا لدى “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
وبحسب ما قاله نائب رئيس الرابطة، ثائر حجازي، لعنب بلدي، فإن “الرابطة مرخصة في فرنسا، نعمل منذ تشرين الأول 2020 على جمع وتوثيق والتحقيق بالمعلومات المرتبطة باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا”.
بعد عام كامل من تأسيسها، تحاول الرابطة حاليًا “بناء استراتيجية كاملة لمحاسبة النظام على جرائم الكيماوي، مع ضبط سقف التوقعات، خصوصًا لدى أعضاء الرابطة وضحايا تلك الجرائم”، وفق حجازي.
تحديات حقيقية
أوضح حجازي أن ملف مجزرة الكيماوي في 21 من آب 2013 ليس بالأمر السهل، “نواجه معوقات بجمع الأدلة لتحديد المسؤولية، وعدم إحالة الملف السوري لمحكمة الجنايات الدولية، وحماية القانون السوري رؤساء الأفرع الأمنية وإعطائهم الحصانة ضد أي شكوى قضائية”.
إثبات المسؤولية الجنائية التي يتحملها الضالعون في الهجوم الكيماوي في 21 من آب، يتطلّب من الادعاء العام في أي محاكمة بشأن هذه القضية تقديم أدلة قوية على أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والقيادات العسكرية التابعة له، قد قصدوا بالتحديد القضاء على أهالي الغوطة الشرقية من المدنيين.
وكونها جريمة جماعية، سيلزم تقديم أدلة من أماكن متعددة للجريمة، ومن شأن هذه العوامل أن تطرح تحديًا أمام أعضاء الرابطة.
كذلك، يمتلك عناصر الأمن السوريون حصانة قانونية استنادًا إلى مراسيم تشكيل الأفرع الأمنية، وفقًا للمادة رقم “16” من قانون “استحداث إدارة أمن الدولة”، الصادر بالمرسوم التشريعي رقم “14” تاريخ لعام 1969.
يتبيّن من هذه المادة أن عناصر الأجهزة الأمنية محميون من الملاحقة القضائية في حال ارتكابهم جرائم تعذيب، وهم على رأس عملهم، رغم أن القانون يصفها بـ”الجرائم”.
مشاركة برفع شكاوى
في 2 من آذار 2021، قدمت مجموعة من الناجين من الهجمات الكيماوية في سوريا و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” (SCM) بدعم من “مبادرة عدالة” و”مبادرة الأرشيف السوري”، شكوى لفتح تحقيق جنائي في فرنسا حول هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا ومحاربة الإفلات من العقاب.
كانت تلك المجموعة من الناجين هي ضمن أعضاء الرابطة، “منهم من فقد جميع أفراد عائلته بسبب الهجمات الكيماوية. أعضاء الرابطة هم من مختلف المناطق السورية، متوزعون بعدد من البلدان خارج سوريا، عددهم حاليًا 18 شخصًا، وسينضم إلى الفريق أعضاء آخرون قريبًا من داخل سوريا”، وفق ما قاله حجازي.
بناء أدلة موثقة
تعتمد الرابطة في جمع الأدلة المرتبطة بالهجمات الكيماوية بالأساس على إفادات الشهود من الضحايا الذين انضموا إلى الرابطة، وجمع الصور والمقاطع المسجلة من قبلهم في وقت ارتكاب الهجوم والآثار المترتبة عليه من حيث أسباب الوفاة والأضرار الصحية نتيجة الاختناق بالغاز السام.
كما توجد مشاركة وتعاون حقوقي بين الرابطة وعدة منظمات سورية معنية لإعداد ملف متكامل عن جميع الهجمات الكيماوية في سوريا، وتوثيق أي شيء من شأنه توفير المعلومات حول تلك الهجمات، بحيث يثبت كل دليل من الأدلة حقيقة ما، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا العمل بمنزلة المادة الأولية التي يستخدمها القضاة خلال مساعيهم الهادفة إلى التثبت من الحقيقة.
وتعد عملية توثيق مجزرة 21 من آب جهدًا مركبًا ومعقدًا، يهدف إلى تعزيز سردية الضحايا بشأن الهجوم، لذلك يجب أن تكون المعلومات مباشرة، ومفصلة، ومتكاملة، ومترابطة، ومدعومة بالأدلة، تمهيدًا لمساءلة ومحاسبة الضالعين وإنصاف الضحايا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :