طفس.. بوابة ريف درعا الغربي وهدف متكرر للنظام

  • 2022/08/21
  • 9:45 ص

مدينة طفس غربي محافظة درعا (تعديل عنب بلدي)

عنب بلدي- خالد الجرعتلي

اتخذ النظام السوري في العديد من المناسبات وجود خلايا لتنظيم “الدولة” ذريعة لاقتحام مدينة طفس غربي درعا، كان أحدثها في 27 من تموز الماضي.

سبق ذلك خلال عام 2021 حصاره المدينة للأسباب نفسها، مطالبًا بترحل مطلوبين إلى الشمال السوري، إذ عقد بموجب هذه الاتهامات مفاوضات مع “اللجنة المركزية” انتهت بفك الحصار، بينما تخلى عن شرطه الوحيد بترحيل المطلوبين، مقابل كفالة من قبل الوجهاء لضبط سلوك المطلوبين حينها، إضافة إلى تسليم عدد من قطع السلاح الفردي من قبل سكان المنطقة، ودخول “شكلي” للجيش إلى المدينة دون تثبيت نقاط.

حصار النظام مدن درعا بحثًا عن مطلوبين فيها تكرر عدة مرات، كما هدد بفترات زمنية مختلفة مدنًا أخرى بالحصار والاقتحام بحثًا عن مطلوبين، في المحافظة التي لم يتمكن من بسط سيطرته الفعلية عليها رغم حضوره العسكري فيها.

لماذا طفس

منذ “تسوية” تموز 2018، نص الاتفاق بين قياديين سابقين بفصائل المعارضة والنظام السوري، بوساطة روسية، على السماح لقوات النظام بدخول المدينة دون تثبيت نقاط داخلها، مقابل تسليم سلاح الفصائل الثقيل والمتوسط، والإبقاء على الأسلحة الفردية.

ومع تطبيق الاتفاق، شهدت المدينة حالة من الاستقرار، مكّنت سكانها من التنقل بين مناطق درعا.

ونظرًا إلى حالة الاستقرار في طفس على عكس بقية مناطق درعا، صارت المنطقة ملاذًا آمنًا للمطلوبين للنظام والرافضين لعمليات “التسوية”، إذ لا وجود لقوات النظام أو حواجزه الأمنية فيها.

المحلل السياسي حسام البرم قال لعنب بلدي حول أهمية المنطقة، إن مدينة طفس تعتبر جغرافيًا بوابة الدخول لريف درعا الغربي وصولًا إلى محافظة القنيطرة.

ويضاف إلى ذلك التركيبة السياسية والاجتماعية التي تشكّلت بعد تموز 2018، وتجلّت بـ”اللجنة المركزية للريف الغربي”، إذ تمكّنت هذه اللجنة من خوض مفاوضات مع النظام قادت الريف الغربي حتى حدود الجولان إلى نوع من الاستقرار.

وكانت مدينة نوى تمثّل مركز ثقل محافظة درعا في أثناء سيطرة المعارضة على المنطقة الجنوبية، لكن هذه المعادلة تغيرت عقب سيطرة النظام على المنطقة، وظهور “اللجنة المركزية” في طفس، بحسب البرم الذي ينحدر من محافظة درعا.

ومع مرور الوقت، وعدم قدرة النظام على ضبط المحافظة نظرًا إلى رفض وجوده فيها، تشكّل تصور لسكان الريف الغربي لدرعا أن سقوط مدينة طفس بات يمثّل سقوطًا كاملًا للريف الغربي.

وحول حصار النظام الأخير لطفس قال البرم، إن النظام يعاني أزمة اقتصادية تتمثّل في عدم قدرته على تلبية مطالب مؤيديه بالدرجة الأولى، ومن ثم أزمة مجتمعية تتمثّل في تذمّر سكان الساحل السوري من عمليات الاغتيال التي تحدث في درعا، فهو يريد كسب هذه الحاضنة بحجة محاربة الإرهاب.

ولا يكاد يمر يوم في محافظة درعا دون عمليات استهداف، تطال عناصر من قوات النظام السوري يقف خلفها مجهولون.

وفي أحدث إحصائية صادرة عن “مكتب توثيق الشهداء” في درعا، خلّفت عمليات الاستهداف بعموم المحافظة 18 قتيلًا، من بينهم عناصر من قوات النظام، وآخرون من المقاتلين السابقين بفصائل المعارضة.

أبناء المنطقة في الواجهة

في 24 من تموز الماضي، اجتمعت “اللجنة الأمنية” التابعة للنظام السوري في محافظة درعا مع وجهاء من مدن درعا البلد، وطفس، واليادودة، بشكل منفصل، للمطالبة بتسليم أو ترحيل مطلوبين للنظام السوري في هذه المناطق باتجاه الشمال السوري.

وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من أحد المطّلعين على الاجتماعات، فإن ضباط “اللجنة الأمنية” أخبروا الوجهاء بوجود خلايا من تنظيم “الدولة” تعمل على مهاجمة نقاط وعناصر لقوات النظام العسكرية والأمنية، وطالبوا بإخراجهم من المحافظة.

وبحسب المصدر الذي تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، فإن النظام هدد وجهاء المناطق المذكورة بعمل عسكري ضد درعا البلد، وطفس، واليادودة، في حال لم تُنفذ مطالبه بترحيل أسماء محددة باتجاه الشمال السوري.

هذه الاجتماعات تكررت بطلب من مندوبين عن النظام في فترات زمنية مختلفة، منها ما طالب النظام عبرها سكان المنطقة بقتال خلايا التنظيم، حتى لا يضطر لشن حملة أمنية تستهدف مدنًا ومناطق في درعا.

ورغم أن الحملة الأخيرة التي شنها النظام على طفس انتهت بخروج مطلوبين منها دون معرفة الوجهة التي ذهبوا إليها، قُتل آخرون قيل إنهم قياديون بتنظيم “الدولة” على أيدي مقاتلين محليين.

لكن النظام عاد بدوره ليعلن مسؤوليته عن استهداف خلايا التنظيم، وهو ما نفاه لعنب بلدي مقاتلون محليون ممن شاركوا باستهداف هؤلاء القياديين، خصوصًا أن القتيل الوحيد الذي سقط من طرف المقاتلين المحليين خلال حصار “أبو سالم العراقي” (القائد العسكري للتنظيم في الجنوب) كان مجردًا من أي صفة أمنية أو عسكرية تابعة للنظام.

آثار الحصار على مزارعي طفس

منذ تقدم قوات النظام باتجاه الأحياء الجنوبية لمدينة طفس، في 27 من تموز الماضي، لم يتمكّن مزارعو هذه المنطقة من مزاولة أعمالهم الزراعية بشكلها المعتاد، إذ تضررت محاصيلهم، وأدى ذلك إلى خسائر تقدّر بمئات الملايين، بحسب ما قاله بعضهم لعنب بلدي.

وزار، في 5 من آب الحالي، وفد من مزارعي طفس فرع حزب “البعث”، للمطالبة بسحب قوات النظام نقاطها التي تقدمت إليها في أثناء الحملة العسكرية الأخيرة، بسبب تعطل أعمالهم الزراعية.

والتقى الوفد مع حسين الرفاعي، أمين فرع الحزب، الذي وعد المزارعين بحل الإشكالية، وانتهى الأمر دون تنفيذ الوعود.

محمد الزعبي، وهو مزارع يملك مشروعًا زراعيًا جنوب طفس، قال لعنب بلدي في وقت سابق، إن التوترات الأخيرة دفعت مزارعي المنطقة لترك محاصيلهم، خوفًا من استهداف عشوائي لقوات النظام المنتشرة على مقربة منها.

وأضاف أن استمرار انتشار قوات النظام في المنطقة، وترك محصوله الزراعي، يعود عليه بخسارة حوالي 100 مليون ليرة سورية، كون المحاصيل بحاجة إلى السقاية وتزويدها بالأدوية الزراعية اللازمة، خصوصًا أن المحاصيل كانت في ذروة إنتاجها خلال فترة الحصار.

ترافقت مخاوف المزارعين مع ضغوطات مارستها حواجز النظام، لإجبارهم على دفع مبالغ لا تقل عن 500 ألف ليرة سورية (121 دولارًا)، للسماح لهم بتحميل سيارة خضار واحدة من المنطقة.

وزاد في المخاوف وجود معدات زراعية في هذه الأراضي، يقدّر ثمنها بمئات الملايين، كألواح الطاقة الشمسية، والمضخات، وشبكات التنقيط، إذ يخشى أصحابها من تعرضها للسرقة.


شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا