عروة قنواتي
جولة واحدة ويحسم أصحاب القمصان البيضاء لقب الدوري المصري لكرة القدم مجددًا، وهم حاملو اللقب في الموسم الماضي أيضًا، في مشهد جديد يدل على تعافي الزمالك محليًا وقاريًا، فيما يغيب الأهلي عن الساحة المحلية في الكأس والدوري منذ عامين، ويكتفي بالنضال على الساحة الإفريقية ليكون سيدًا لها، على الرغم من هزيمته في المواجهة الختامية قبل أشهر أمام الوداد البيضاوي المغربي، بطل القارة الإفريقية للأندية الموسم الماضي.
ولا يختلف عشاق الكرة المصرية والعربية والإفريقية على أن المنافسة في الدوري المصري، منذ انطلاقته تاريخيًا في العام 1948 حتى اليوم، تقتصر على الأهلي والزمالك، بحسب تعافي وإمكانية الفريقين، وبحسب التطورات الاقتصادية وقدرة جلب المحترفين وإبرام العقود واختيارات ناجحة للكوادر الفنية.
في الألفية الجديدة حقق الأهلي بطولة الدوري 15 مرة مقابل ست للزمالك، ومرة واحدة للإسماعيلي الذي حقق لقب الدوري ثلاث مرات فقط، ومعه كل من الترسانة و”المقاولون العرب” والأوليمبي وغزل المحلة بلقب واحد لكل فريق، ولا يبدو مشهدهم جميعًا إلا بجزء من الصورة في الكرة المصرية أمام عملاق ومارد باللون الأحمر سجل اللقب باسمه 42 مرة، ومدرسة يطلق عليها أبناؤها شعار “فن ولعب وهندسة” باللون الأبيض تحفر هذه الأيام رقم 14 في الخزانة المخصصة للكؤوس والألقاب.
وبالتأكيد فإن الاستقرار الفني في صفوف أصحاب القمصان البيضاء أفضى إلى نتيجة ثنائية في الدوري والكأس على حساب الغريم التقليدي، النادي الأهلي، فعودة البرتغالي فيريرا لقيادة دفة الفريق الفنية بعد رحيل كارتيرون كان لها أثر مهم، خاصة مع المغامرة بإشراك الأسماء الجديدة الشابة التي حصدت الكأس، وها هي تجهز على الدوري إن لم يكن بلقاء “المقاولون العرب” بعد أيام فسيكون الحسم في الجولة التي تليها، فأقرب ملاحقي الزمالك هو بيراميدز والفارق بينهما سبع نقاط مع بقاء ثلاث جولات لنهاية الموسم.
وعلى الرغم من إثارته للجدل دائمًا، ووجوده في ساحات المحاكم للدعاوى أو الشكاوى أو تقديم الإفادات، وبصرف النظر عن أن اسمه يجلجل وسائل الإعلام المصرية والعربية، ولم يُعرف له أي حوار هادئ منذ سنوات طويلة إلا فيما ندر، فإن وجود المستشار السيد مرتضى منصور على رأس مجلس نادي الزمالك يمنح الفريق الأول استقرارًا طيبًا واستمرارًا وإصرارًا على المنافسة على الألقاب، وهذا ما حصل قبل سنوات بنيل لقب الكونفدرالية والسوبر الإفريقي، والوصول إلى المباراة النهائية من دوري أبطال إفريقيا لمواجهة الأهلي المصري، وحلوله بالمرتبة الثانية حينها.
يلفت نادي الزمالك وأجياله التي مرت خلال 40 سنة انتباهك إلى قدرتهم على التحدي واستعدادهم للمواجهة حتى في أصعب الظروف، وصحيح أنهم يخسرون، لكنهم يدخلون اللعبة ونياتهم تكتب نشيد الفوز والنصر.
وبإمكان أي منا أن يشاهد شعار النادي الحديث، وهو درع أبيض محاط بخطين أحمرين، وفي داخله رجل يأخذ وضع الاستعداد لرمي قوس، مكتوب تحته نادي الزمالك، رامي السهم يرتدي ملابس فرعونية، وهذا تعبير عن انتماء الزمالك واعتزازه بالحضارة المصرية، بينما جرى اختيار محارب للتعبير عن هدف الفريق للقتال حتى الرمق الأخير، وعدم الاستسلام والشغف الدائم إلى الانتصار.
الزمالك يعبر إلى المنصة المحلية ليكون فيها ضيفًا ثقيلًا مجددًا، وحتى لو تجاوزت ألقاب النادي الأهلي الـ50 لقبًا في الدوري، فإذا كان الأهلي عبر التاريخ ملك الكرة المصرية في البطولات المحلية، فإن الدوري لا يطيب ولا يبدو زاهيًا إلا بنكهة وعبق الزمالك وإصراره على المنافسة في كل موسم.