يخفي عبد العظيم (44 عامًا) أوراقه الثبوتية الصادرة عن مؤسسات “الإدارة الذاتية” عند وصوله لأول الحواجز الأمنية بمناطق سيطرة النظام السوري، في بلدة الدبسي بريف الرقة الغربي.
وقال إنه كان يتخوف من أن يلاحظ عناصر النظام السوري على الحاجز الأوراق التي كان يخفيها، لكن هذا ما حدث بالفعل، إذ فتش العناصر الرجل الأربعيني، ليجدوا ثبوتيات صادرة عن “الإدارة الذاتية” بين أوراقه.
وأشار عبد العظيم، تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، إلى أن عناصر النظام بدأوا بابتزازه وتخويفه، عندما طلبوا منه النزول من الحافلة، وأبلغوا السائق أن يتابع رحلته المُتجهة نحو مدينة حلب، لكن الرجل سرعان ما استدرك الأمر، وقدم للعناصر مبلغًا من المال مقابل تركه، وهو ما حدث بالفعل.
الأوراق الثبوتية الصادرة عن مؤسسات “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، ويحملها مسافرون نحو مناطق الداخل السوري، تجعلهم عرضة للابتزاز، ولمخاطر أمنية على الحواجز العسكرية التابعة للنظام.
ويضطر مسافرون نحو الداخل السورية من مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية” إلى الداخل السوري، لحمل أوراق ثبوتية صادرة عن “الإدارة”، مثل أوراق الكفالة، ورخص القيادة، أو السجلات التجارية والصناعية، ليتمكنوا من العودة إليها في حال خروجهم باتجاه مناطق نفوذ النظام.
حالات متكررة
سعيد البالغ من العمر 50 عامًا، ويعمل كسائق حافلة نقل ركاب في محافظة الرقة، قال لعنب بلدي، إن حوادث الابتزاز تتكرر خلال معظم الرحلات التي قطعها من مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” نحو مناطق سيطرة النظام.
وأشار سعيد، طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، إلى أن حوادث اعتقال حاملي أوراق ثبوتية صادرة عن مؤسسات “الإدارة الذاتية” على حواجز النظام السوري قليلة جدًا وأحيانًا نادرة، لكن حوادث الابتزاز والحصول على الرشوة من حاملي تلك الأوراق تتكرر كثيرًا.
وعادت رحلات النقل بين مدينة الرقة ومناطق الداخل السوري للعمل بعد سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على المدينة، أواخر العام 2017، بعد خروج تنظيم “الدولة الإسلامية” من المنطقة، إذ سبق وأن أوقف التنظيم الرحلات نحو مناطق نفوذ النظام بشكل شبه نهائي.
ووفقًا بعض الحالات التي رصدتها عنب بلدي، فإن معظم المسافرين نحو مناطق نفوذ النظام من شمال شرقي سوريا، هم من المرضى، وطلاب الجامعات، والتجار، إضافة إلى أشخاص يرغبون باستخراج الأوراق الرسمية من مؤسسات النظام.
وقال مصدر أمني في “قوى الأمن الداخلي” (أساييش)، التابعة لـ “قسد”، إن القوات الأمنية تتساهل مع المسافرين القادمين من مناطق سيطرة النظام، لكن بذات الوقت تركز على “فعالية” الإجراءات، ومنها ضرورة حمل الراغبين بدخول المنطقة لأوراق ثبوتية صادرة عنها.
واعتبر المصدر، طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالتصريح للإعلام، أن حوادث الابتزاز التي تقوم بها قوات النظام للمسافرين، لا تقتصر على حاملي أوراق ثبوتية صادرة عن مؤسسات “الإدارة الذاتية”، إنما يتذرع عناصر الحواجز العسكرية التابعة للنظام بأي حجة لابتزاز المسافرين ماديًا.
وتوجد عدة معابر تربط “الإدارة الذاتية” مع مناطق سيطرة النظام السوري، بينها معابر للتهريب تخضع لأحكام المهربين والميليشيات، لا سيما في دير الزور مثل معبر “الشحيل” الواقع على نهر “الفرات”، إضافةً إلى وجود معابر رسمية مثل معبر “التايهة” في منبج، ومعبر “الطبقة” بالقرب من مدينة الطبقة، ومعبر “العكيرشي” في ريف الرقة الجنوبي الشرقي.