أصدر اتحاد كرة القدم في سوريا تعميمًا، في 9 من آب الحالي، أبدى فيه عدم ممانعته تعيين كوادر تحكيمية من خارج سوريا، لإدارة وتحكيم منافسات كرة القدم خلال الموسم الجديد.
قرار الاتحاد الذي يترأسه صلاح الدين رمضان، المُنتخب في 23 من أيار الماضي، يأتي بعد سلسلة من القرارات التي اتخذها في سبيل تطوير الكرة في سوريا، وسط اتهامات للاتحاد بفقدانه منظومة الكرة، وتحميل الفشل والمسؤوليات على الحلقات الأضعف في الاتحاد.
وطرح القرار العديد من التساؤلات حول أثر التعيين على الحكام المحليين، ومدى امتلاك الحكم المحلي القدرة على إدارة دفة تحكيم المباريات، ومكامن الخلل في الأخطاء التحكيمية الحاصلة.
نقص إمكانيات.. لا تأثير على الحكم المحلي
يفتقر الحكام في سوريا إلى العديد من التدريبات العملية، بالتزامن مع ضعف المردود المادي من عملهم كحكام، بالإضافة إلى غياب الحماية لهم مما يعترضهم من تدخلات إدارات الأندية، أو من تدخلات اتحاد كرة القدم أو الاتحاد الرياضي العام.
وسبق أن كُشف عن قضايا فساد سُحبت إثرها شارات الحكام وأُوقفوا عن العمل عام 2009 بعد ابتزاز من لجنة الحكام.
وترافق قرار الاتحاد الأخير بعدة مطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها مطالب بوجود خطوات موازية على صعيد رفع مستوى التحكيم المحلي وتأمين مقومات نجاحه وتطوره، ومن بينها التجهيزات ورفع الأجور، وإقامة الدورات التثقيفية لمتابعة كل جديد ومستحدث في القوانين والتقييم المستمر للمستويات.
الحكم الدولي السوري فراس محمد الخطيب، وهو حكم كرة قدم في الدوري الهولندي، قال لعنب بلدي، إن جميع اتحادات الرياضة في العالم وخاصة لجان التحكيم تعمل بطاقة كبيرة على تطوير حكامها للحد من المشكلات والأخطاء التي يقع بها أو يرتكبها الحكام.
وأضاف أن الاتحادات الرياضية تعمل على توفير الحماية والتجهيزات والأجور العالية للحكم مقارنة برواتب اللاعبين كي يبقى الحكم بأعلى جاهزية، ويتشكل لديه دافع لكي يقدم أفضل ما يملك من قوة وخبرة وحنكة للمباريات.
لا يرى الحكم الخطيب أي تأثير على الحكم المحلي بوجود الحكم الأجنبي، إنما العكس تمامًا، وأعطى مثالًا عما يحدث في أقوى الدوريات العربية التي تستعين بحكام أجانب لتحكيم المباريات، وهذا جانب إيجابي بحسب الخطيب، لأن الحكم الأجنبي يملك ثقافة التحكيم الأكاديمي الذي تفتقده معظم الدوريات والبطولات العربية.
الخلل من رأس الهرم
باتت حوادث الشغب والتعدي على الحكام بالشتائم أو برمي الحجارة، أو حتى الاعتداء الجسدي، ظاهرة منتشرة في معظم منافسات الرياضة في سوريا، ودائمًا ما يكون الحكم شمّاعة وذريعة تقع عليه مسؤولية الخسارة أو في حال اتخذ أي خطأ تحكيمي سواء أكان مؤثرًا أو غير ذلك.
كان آخر هذه الحوادث الشغب والتوتر والتعدي على الحكم الذي شهدته مباراة ناديي تشرين والوثبة في ملعب “الباسل” باللاذقية، في 9 من آب الحالي، وتداولت الشبكات المحلية تسجيلًا مصوّرًا يعرض بصق لاعب من نادي تشرين على حكم اللقاء في المباراة التي لُعبت ضمن منافسات دور نصف النهائي من بطولة كأس “الجمهورية”.
اقرأ أيضًا: أحداث شغب ترافق مباراة تشرين والوثبة في سوريا
وتطال العديد من الحكام المحليين انتقادات واسعة لتدني الخبرة، وعدم القدرة على التحكيم في المباريات القوية.
الحكم الدولي الخطيب يرى أن الحكم المحلي لا يملك الحماية الكافية والدعم الكامل مقارنة مع الحكام الأجانب وبالأخص الحكم الأوروبي، مشيرًا إلى الفرق الشاسع بينهما.
واعتبر الخطيب أن الخلل يبدأ من أعلى سلطة رياضية تمثّل رياضة البلد حتى أصغر عامل في المجال الرياضي، كون لعبة كرة القدم لعبة جماعية تحتاج إلى عمل جميع القائمين عليها وليس فقط إلى لجنة حكام أو أفراد.
وتتعرض المنافسات الرياضية في سوريا لانتقادات واسعة حول تدني المستويات، وانتشار “الفساد والواسطة”، وعقب كل حادثة تظهر تعليقات من المشجعين وموجات سخرية، ومطالب بإغلاق الدوري وبقية المنافسات، واحترام الجماهير المتابعة والمترقبة، وشهد الدوري السوري الموسم الماضي حالات شغب جماهيرية كثيرة.
اقرأ أيضًا: فساد التحكيم.. سوس ينخر جسد كرة القدم السورية
وفي تموز 2020، أعدّت عنب بلدي ملفًا عن مسألة فساد الحكام في سوريا وعلاقتهم باتحاد كرة القدم، والاتحادين الآسيوي والدولي وكيفية حمايتهما، وكيف تنجو السلطة الرياضية من العقوبات، متحدثة في هذه المحاور مع حكام دوليين ومحليين سابقين.
–