“الدفاع المدني” يضع قدمًا في “التعافي المبكر”.. شروط لاستكمال الخطوة

  • 2022/08/14
  • 10:17 ص

أحد العاملين في فرق إزالة الذخائر خلال عملية مسح الأراضي الزراعية شمالي حلب-4 من حزيران 2022(الدفاع المدني السوري/فيس بوك)

عنب بلدي- لجين مراد

رغم ضبابية الرؤية عند الحديث عن مرحلة “التعافي المبكر” في سوريا، برزت منظمة “الدفاع المدني السوري” كأول الساعين لتنفيذ مشاريع التعافي في الشمال السوري، لكن هذا السعي يتخلله الخوف من استغلال روسيا والنظام السوري لهذه المرحلة.

ويأتي الحديث عن مشاريع “التعافي المبكر” بعد أن جدد مجلس الأمن الدولي القرار “2585” الخاص بالمساعدات عبر معبر “باب الهوى” الحدودي بين سوريا وتركيا، لمدة 12 شهرًا على مرحلتين كل منهما ستة أشهر.

وتضمّن القرار بندًا يرحب بجميع الجهود والمبادرات الرامية إلى توسيع نطاق الأنشطة الإنسانية في سوريا، بما في ذلك مشاريع “التعافي المبكر” أو “الإنعاش المبكر”.

تحوّل جزء من عمل منظمة “الدفاع المدني” (الخوذ البيضاء)، التي بدأت كمنظمة استجابة طارئة، إلى مشاريع تحسين مستوى المعيشة من إصلاح البنية التحتية وإزالة الألغام وغيرها من المشاريع.

مدير المنظمة، رائد الصالح، أوضح في مقابلة أجرتها معه عنب بلدي في مكتبه باسطنبول، حقيقة هذا التحوّل، معتبرًا أن المشاريع التي تندرج تحت “التعافي المبكر” ضمن برامج الفريق ليست جديدة، وإنما هي جزء من الأعمال اليومية للمنظمة.

ويعتمد إدراج مشاريع “الخوذ البيضاء” ضن إطار “التعافي المبكر” على قدرة المشاريع على تحقيق ما يعين على مرحلة استغناء الأهالي عن المساعدات الأولية، وفق ما قاله مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، كرم شعار.

وأضاف الدكتور السوري في الاقتصاد، في حديث إلى عنب بلدي، أن كلمة “مستدامة” هي الكلمة المفتاحية التي تقيّم قابلية إدراج المشاريع ضمن إطار “التعافي المبكر”.

“التعافي” بحاجة إلى “البيئة الآمنة”

كثر الحديث عن “التعافي المبكر”، وبين مخاوف من استغلال النظام وروسيا لهذه المشاريع، ورغبة المنظمات والمجتمع بالوصول إلى تلك المرحلة، تبقى الرؤية المستقبلية لهذه العملية “ضبابية” حتى على المدى القريب.

ويرى الصالح أن الوقت ما زال مبكرًا للحديث عن مشاريع حقيقية تحقق تغيرًا ملموسًا في مجال “التعافي المبكر”.

وأضاف أن “التعافي” يفترض أن يبدأ بعد انتهاء الحرب، بينما لا تزال الحرب والتدمير الممنهج للبنية التحتية من قبل النظام السوري مستمرَّين في سوريا.

وتكمن الحاجة الحقيقية للسوريين بتوفير بيئة آمنة، إذ يمكن إجراء مئات المشاريع لتحقيق “التعافي المبكر”، لكنها تبقى معرضة دائمًا لخطر القصف من قبل النظام السوري، بحسب ما قاله الصالح، موضحًا أن البيئة الآمنة شرط حقيقي لمشاريع “التعافي” الكبيرة، حتى لا تخسر استدامتها.

“التعافي المبكر”: نهج يتناول احتياجات الإنعاش التي تبرز خلال مرحلة الاستجابة الإنسانية، من خلال استخدام الآليات الإنسانية التي تتوافق مع مبادئ التنمية، هذا النهج يمكّن الناس من الاستفادة من العمل الإنساني لاغتنام الفرص الإنمائية، وبناء القدرة على التكيّف، وإنشاء عملية مستدامة للتعافي من الأزمة.

مكتب الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)

كما اعتبر الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” محمد العبد الله، خلال حديث إلى عنب بلدي، أن مشاريع المنظمات في إطار “التعافي المبكر” مرتبطة بمحددات محلية، أبرزها توفر البيئة المواتية للمشروع بتنفيذ تدخلات “التعافي المبكر”، وأهمها مدى توفر البيئة الآمنة والقدرة الحكومية المناسبة محليًا.

من جهته، قال الدكتور السوري في الاقتصاد كرم شعار، إن القصف المستمر في مناطق شمال غربي سوريا يعوق مشاريع “التعافي المبكر”، لكنّه لا يعني تأجيل هذه العملية.

وأوضح شعار أن مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” تعتبر آمنة إلى حد ما من القصف، ومع ذلك لم تحقق تطورًا كبيرًا ضمن مشاريع “التعافي المبكر”.

مهام برنامج “التعافي المبكر” في “الدفاع المدني”

المصدر: “الدفاع المدني السوري”- 2022

1. إزالة الذخائر غير المنفجرة

عدد الفرق: 6 فرق إزالة، 6 فرق لمسح الأماكن الملوثة

قُتل بسبب هذه العمليات 4 متطوعين

تتمثل مهام الفرق بـ:

التخلص من 3000 ذخيرة

التخلص من 21 ألف قنبلة عنقودية

2. خدمات العامة:

تقديم أكثر من 226 ألف عملية خدمية خلال 3 أعوام

3. إنشاء المعامل:

معمل إنتاج كمامات عدد 1

معمل إنتاج بودرة طفايات الحريق عدد 8

معمل إنتاج أكسجين عدد 2

معمل إنتاج ملابس “الدفاع المدني السوري” عدد 1

4. التوعية بـ:

أخطار الحرائق

مخلّفات الحرب

إجراءات الأمن والسلامة

خطوات تمهد للمستقبل

أظهرت نتائج دراسة أجراها مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، لتقييم “التعافي الاقتصادي المبكر” في شمال غربي سوريا خلال النصف الثاني من عام 2021، تنفيذ 766 مشروعًا ونشاطًا في محافظة إدلب وريف حلب الشمالي والشرقي من قبل المنظمات، بينها منظمة “الدفاع المدني” بالتعاون مع المجالس المحلية.

ورغم تزايد عدد المشاريع، لم يظهر الأثر الكبير لـ”التعافي” على المنطقة، لكن المشاريع ظهرت بصورة خطوات تمهد لمشاريع مستقبلية.

واعتبر رائد الصالح مشاريع “الدفاع” الحالية تحضيرًا للبنية التحتية للمنظمة، لتكون أكثر قدرة على احتضان المشاريع الكبيرة في المستقبل بما يخدم الأهالي.

ويرى الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” محمد العبد الله، أن تدخلات المنظمات في عملية “التعافي المبكر” لا تزال في طور التشكيل بعد سنوات من العمل الإغاثي.

ولفت العبد الله إلى أن العديد من المنظمات أثبتت قدرتها على التنفيذ الناجح لمجموعة من التدخلات في مختلف القطاعات الاقتصادية والبنية التحتية، وسط محاولات مستمرة لتعزيز إمكانيتها الفنية والبشرية للإسهام بشكل ناجح في هذه العملية.

كيف بنت المنظمة قدراتها

منذ عام 2019، قسّمت منظمة “الخوذ البيضاء” عملها إلى برامج، من بينها  برنامج “التعافي المبكر” لزيادة خبرة وجاهزية العاملين به، بحسب ما قاله الصالح، مشيرًا إلى أن ذلك أسهم بتطوير وتنظيم هذه المشاريع بشكل أكبر.

وأضاف أن المدة الزمنية الطويلة التي قضتها المنظمة بإجراء المشاريع بمختلف المجالات، إلى جانب تعاملها اليومي مع الشارع السوري، جعلها قادرة على تطوير جميع أقسامها بشكل مستمر.

كما أسهم تطوع وانضمام العديد من الأشخاص من مختلف مجالات العمل والتعليم، بتطوير خطط عمل المنظمة وزيادة جاهزية البنية التحتية للمنظمة، وفق ما قاله الصالح.

وتجري المنظمة على مدار العام دورات تدريبية لجميع الكوادر، لتكون أكثر قدرة على التعامل مع مستويات مختلفة من المشاريع.

وتنقسم جهود “الدفاع المدني” بين المشاريع الأربعة الأساسية، الإنقاذ والإطفاء، والإسعاف والصحة، بالإضافة إلى “التعافي المبكر” والعدالة.

وقال الصالح، إن المنظمة لا تقدم برنامجًا على الآخر إلا في حالات الطوارئ التي تضع إنقاذ الأرواح أولوية تدفع “الدفاع” لتعزيز جهوده في برنامجي الإنقاذ والإطفاء، والإسعاف والصحة.

الباحث الاقتصادي محمد العبد الله قال إن “الخوذ البيضاء” أثبتت جدارتها عبر السنوات الماضية بمجال العمل الإنساني في جانبه المرتبط بحماية المدنيين.

وأضاف أن تدخلات المنظمة تندرج في عملية “التعافي المبكر” في إطار التدخلات المرتبطة بتوفير بيئة آمنة للسكان.

عقبات تعوق “التعافي المبكر”

رغم كثرة المنظمات التي تعمل على مشاريع “التعافي المبكر”، ما زال معظم أهالي شمال غربي سوريا بحاجة كبيرة للمساعدات الإنسانية لتأمين حاجاتهم الأولية، ما ترجعه المنظمات لوجود عقبات وصعوبات تعوق تحقيق أهدافها.

ومن أبرز العقبات التي تواجه “الدفاع المدني”، غياب التمويل المباشر لمشاريع “التعافي المبكر” في مناطق شمال غربي سوريا، بحسب ما قاله مدير المنظمة، رائد الصالح.

وأضاف الصالح أن هناك خوفًا من استغلال النظام السوري وحليفه الروسي في تمويل “التعافي البكر” لتحقيق مصالحهما، معتبرًا وجود ضمانات لعدم استغلال أي جهة شرطًا أساسيًا للبدء بمشاريع تحقق “التعافي المبكر” في المنطقة.

وأوضح الصالح أن روسيا قادرة على التلاعب بمصطلحات الأمم المتحدة لتمويل مشاريع النظام ومؤسساته، ما يدفع “الدفاع المدني” إلى التحذير بشكل دائم أمام المنظمات الأممية من خطر استفادة النظام من تمويل “التعافي المبكر”.

بينما قال الدكتور في الاقتصاد كرم شعار، إن العائق الأكبر أمام نجاح المنظمات بتنفيذ مشاريع “التعافي المبكر” هو العائق التنظيمي، وعجز المنظمات عن إثبات كفاءتها للدول والمؤسسات المانحة.

ويرى شعار أن العديد من الجهات المانحة مترددة بتقديم الدعم لسببين، أولهما أن المنظمات المحلية من وجهة نظرها ليست على قدر كافٍ من المسؤولية والاحترافية.

كما أن سيطرة “هيئة تحرير الشام”، المصنفة إرهابيًا، في إدلب، عزّز مخاوف المنظمات من تقديم الدعم لمشاريع “التعافي المبكر”، وفق ما قاله شعار.

وأضاف شعار أنه في ظل غياب ثقة الجهات المانحة بالمنظمة، إلا القليل منها، تكون أشد المناطق حاجة للمساعدة المستدامة، الأقل قدرة على الحصول عليها.

واعتبر الباحث محمد العبد الله أن شمال غربي سوريا في طور التهيئة للانطلاق في تدخلات “التعافي المبكر”، مؤكدًا أنها لن تكون بمستوى متقدم، إذ ترتبط بشكل أساسي بالطرف السياسي للملف السوري وحالة شبه الاستقرار الأمني.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية