حمص- عروة المنذر
شهدت أجور الخزن والتبريد في محافظة حمص ارتفاعًا غير مسبوق، وصلت نسبته إلى ثلاثة أضعاف عن عام 2021، نظرًا إلى ارتفاع تكاليف الطاقة ومستلزمات الصيانة، ما قلّل كميات المحاصيل المخزنة من قبل المزارعين، على حساب زيادة بالكميات لمصلحة التجار.
ويعتبر محصولا البطاطا والبصل من أبرز المحاصيل التي تدخل غرف التبريد في المحافظة، وارتفعت تكلفة تخزين الكيلو الواحد منها إلى 100 ليرة سورية شهريًا، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 400% عن عام 2021، إذ كانت تكلفة التخزين 25 ليرة للكيلو شهريًا.
وفي عُرف مستودعات التبريد، يُوقّع عقد التبريد لمدة ثلاثة أشهر دفعة واحدة، ويُمدد بشكل شهري باتفاق جديد على السعر بين صاحب منشأة التبريد وصاحب البضاعة.
زيادة ساعات التقنين الكهربائي، وارتفاع أسعار المازوت، وتضاعف تكاليف الصيانة، ثلاثة عوامل مجتمعة أسهمت في هذا الارتفاع ليخرج أغلب المزارعين من حقل التبريد على حساب دخول التجار بهدف الاحتكار والتحكم بالأسوق خلال الفترة المقبلة.
المازوت والطاقة البديلة وتكاليف الصيانة
تعتمد مستودعات التبريد بشكل رئيس على المحركات الضخمة التي تشغل المولدات الكهربائية للحصول على التيار الكهربائي، بعد ارتفاع ساعات التقنين لأكثر من أربع ساعات قطع مقابل ساعة أو أقل وصل في محافظة حمص.
بينما تحتاج محركات وضواغط البرادات للتيار على مدار 24 ساعة خلال الشهر الأول على أقل تقدير.
ويضطر أصحاب البرادات لشراء المازوت من السوق السوداء بأسعار مضاعفة عن التسعيرة الرسمية التي تحددها حكومة النظام.
عبد الله، أحد أصحاب البرادات في سهل الحولة بريف حمص، قال لعنب بلدي، إن تكلفة تشغيل البرادات مرتفعة جدًا بعد ارتفاع سعر برميل المازوت ليتجاوز المليون و200 ألف ليرة، موضحًا أن المحركات المستخدمة لتشغيل البرادات من أضخم المحركات (6 سلندر أو أكثر).
وأضاف عبد الله أن كل ضاغط أو محرك يحتاج إلى 15 أمبيرًا عن كل فاز، أي أن الغرفة الواحدة تحتاج إلى 45 أمبيرًا لتشغيلها، ما يدفع لاستخدام المولدات الضخمة التي يزيد مصروفها على البرميل ونصف البرميل في اليوم الواحد.
وتحتاج ضواغط التبريد لصيانة دورية تضمن استمرارية عملها، فخروج أي ضاغط عن الخدمة يهدد بتلف البضاعة داخل الغرفة. وتتأثر تكاليف الصيانة وقطع الغيار بتغير سعر الصرف لأن جميع القطع مستوردة بالقطع الأجنبي.
ميشيل إسماعيل، أحد أصحاب ورشات الصيانة في مدينة حمص، قال لعنب بلدي، إن أسعار قطع تبديل ضواغط التبريد تخضع بشكل كلي لأسعار صرف الدولار، لأن أغلب الأجهزة المستخدمة في سوريا ذات منشأ ألماني أو فرنسي، وترتفع أجور الصيانة مع ارتفاع أسعار القطع لدى أغلب أصحاب الورشات.
أزمة أسعار مقبلة
تُحمّل تكلفة أجور التبريد والتوضيب والنقل على سعر السلعة عند خروجها من البرادات، ما يعني أن ارتفاع تكلفة التبريد وأجور النقل وأجور التحميل سيتحملها المستهلك النهائي.
أحد تجار سوق “الهال” في حمص (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع هذه الأجور سينعكس في النهاية على سعر السلعة، فالبطاطا التي تدخل البرادات جرى شراؤها بـ900 ليرة للكيلو كسعر وسطي، ويُضاف إليها أجور التبريد والنقل والتحميل فيكون سعر الكيلو الواحد بعد ثلاثة أشهر نحو ألف و600 ليرة، مشيرًا إلى أنه في عام 2021، وبسبب الاحتكار، وصل سعر كيلو البطاطا إلى أربعة آلاف ليرة في الشتاء.
وأضاف التاجر أن عملية إدخال المحاصيل إلى البرادات هي عملية احتكارية لها سلبياتها وايجابياتها، فالأسعار كانت ستنخفض أكثر في الموسم ما يعرّض الفلاحين للخسارة لولا دخول قسم من المحصول إلى البرادات، وبعد نفاد المحصول تعدّل البرادات الأسعار، وتضمن عدم فقدان المادة بشكل نهائي خاصة بالنسبة للمحاصيل الرئيسة مثل البطاطا والبصل.
وتطرح حكومة النظام أغلب براداتها في المزادات العلنية لتأجيرها لتجار، ما يفقد الحكومة دورها في التدخل لمصلحة المستهلك، ويبقي قرار تسعير المادة بيد التجار بشكل كامل.