مشكلات تُجهز على زراعة القطن في الحسكة

camera iconحقل مزروع بمحصول القطن في ريف القامشلي الجنوبي في 3 من آب 2022 (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

القامشلي- مجد السالم

يمتلك المزارع تامر العلاوي، المنحدر من إحدى قرى ريف القامشلي الجنوبي، خمسة هكتارات مزروعة بالقطن، ورغم رغبته بالحصول على مردود مادي “مجزٍ” من محصوله للعام الحالي، لم يبدِ “أي تفاؤل” بذلك.

ويفسر تامر (49 عامًا) تشاؤمه بالارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، وحاجة محصول القطن الذي يعتبر “شرهًا جدًا للماء” للمزيد من السقايات التي لا يمكن تنفيذها في الوقت المناسب، والمحدد خصوصًا بشهري تموز وآب، وهي فترة “تحميل وامتلاء الجوزات”، نتيجة شح المحروقات.

يُضاف إلى ذلك غلاء الأسمدة، التي يجب أن تُعطى للمحصول على دفعات وبشكل ملائم مع كل سقاية، بحسب تعبيره.

ويعاني مزارعو محصول القطن في محافظة الحسكة مشكلات عديدة تهدد بانخفاض إنتاجية الموسم الحالي، وتكبدهم المزيد من الخسائر.

ولعل أبرز هذه المشكلات، بحسب ما قاله المزارع تامر لعنب بلدي، صعوبة تأمين المحروقات، على الرغم من تعهد “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، المسيطرة على المنطقة، بتوفير مادة المازوت بأسعار “مناسبة” طوال فترة حياة المحصول.

وسط الشكوك بالبيانات السورية أو غيابها عن قطاع القطن، تظهر بيانات قسم تقييم الإنتاج الدولي في وزارة الزراعة الأمريكية، أن محافظة الحسكة تنتج 38% من مجمل إنتاج القطن في سوريا، تليها الرقة بـ24%، ثم حلب بـ16%.

وانخفض الإنتاج الكلي في سوريا إلى 28 ألف طن، بحسب التقديرات الأمريكية، بعدما كان يقارب 365 ألف طن، في ذروة إنتاج سوريا عام 2000.

الأسعار لا توازي التكاليف

بينما يرى المزارع محمد حنوش (60 عامًا) أن المشكلة تكمن “إلى جانب المشكلات السابقة، في السعر المحدد لشراء طن القطن سواء من قبل النظام أو (الإدارة الذاتية)”.

وبحسب ما قاله محمد لعنب بلدي، فإن السعر المحدد بأربعة آلاف ليرة سورية (دولار تقريبًا) للكيلوغرام الواحد من القطن المحلوج، لا يكفي لتغطية تكاليف المحصول الذي يحتاج إلى “عمليات تحضير وفلاحة وري ثم تسميد ورش مبيدات وتفريد وعزق بشكل متكرر خلال مراحل نمو النبات، حتى الدخول في فترة القطاف”.

كما تحتاج فترة القطاف إلى أيدٍ عاملة بأجور “ليست قليلة”، يُضاف إليها المصاريف “المرتفعة” لنقل الإنتاج حتى المحالج.

يمتلك محمد حنوش سبعة هكتارات مزروعة بالقطن تحتاج إلى نحو ثلاثة أطنان من السماد الآزوتي بتكلفة 2100 دولار (سعر الطن 700 دولار)، وسط صعوبة يعانيها أيضًا في مسألة تنظيم فترات ري محصوله نتيجة انخفاض منسوب المياه الجوفية بفعل الجفاف الذي تعانيه المنطقة.

الحشرات تفاقم المعاناة

خطر آخر يهدد محاصيل القطن في المحافظة، بحسب ما قاله عدد من المزارعين ممن قابلتهم عنب بلدي، يتمثّل بالإصابة بالآفات والأمراض الحشرية، وعلى رأسها ديدان اللوز الشوكية والأمريكية.

وفي 27 من تموز الماضي، قال مدير دائرة الإنتاج النباتي في مديرية الزراعة التابعة لحكومة النظام السوري، جلال بلال، إن الإصابات المسجلة بالحشرات في حقول القطن بالحسكة “لا تتجاوز 1% من مجمل المساحة المزروعة بالمحصول، وهي دون العتبة الاقتصادية حتى تاريخه”.

لكن أغلب المساحات المزروعة بالمحصول هي تحت سيطرة “الإدارة الذاتية” وليست تحت سيطرة النظام، ولم تقيّم “الإدارة” مدى انتشار الإصابات بالحشرات لمحصول القطن.

تراجع “مرعب” في زراعة القطن

تراجعت زراعة القطن في محافظة الحسكة منذ عام 2011، بعد أن كان من أهم المحاصيل في المنطقة إلى جانب القمح والشعير.

المهندس الزراعي صالح الحلو (39 عامًا) من ريف الحسكة الجنوبي قال لعنب بلدي، إن زراعة القطن تدهورت “بشكل مرعب” في المحافظة، حيث تقلصت المساحة المزروعة بالقطن منذ العام 2011 وحتى الآن بنسبة 95% تقريبًا، فقد كان هناك نحو 53 ألف هكتار تُزرع سنويًا بالقطن، في حين لا تصل المساحات المزروعة الآن إلى ستة آلاف هكتار.

وأضاف المهندس أن زراعة القطن تراجعت لمصلحة محاصيل أخرى أقل تكلفة، وتحتاج إلى رعاية محدودة، إذا ما قورنت مع محصول القطن الذي يعتبر من “المحاصيل المجهدة للتربة”، ويحتاج إلى الكثير من الإجراءات طوال فترة نمو وجني المحصول.

وبحسب تصريح مدير مكتب القطن التابع لحكومة النظام السوري، أحمد جمعة، في 6 من آب الحالي، بلغت مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القطن هذا العام نحو 24 ألفًا و48 هكتارًا، بنسبة تنفيذ بلغت 40% من أصل المساحات التي كان من المخطط زراعتها.

وأرجع جمعة سبب انخفاض المساحات المزروعة عما هو مخطط له إلى غلاء مستلزمات الإنتاج، والظروف الجوية غير الملائمة، ومنافسة المحاصيل الأخرى التي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الري والسقاية والاهتمام الزراعي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



English version of the article


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة