عاد أحمد المصري (32 عامًا) إلى منزله عقب جولة أجراها في سوق إدلب “مكسور الخاطر” بعد أن فوجئ بأسعار الخضار مع رداءتها، إذ وصلت إلى حدود لا تمكّنه من شراء وجبة طعام كاملة، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
أحمد يعمل في أعمال المياومة، لكن تكلفة الطبخة البسيطة أصبحت تزيد على أجر يومه، وذلك دون حساب المصاريف الضرورية الأخرى كالخبز والغاز ولوازم الطهو.
واعتبر أن الوضع المعيشي في إدلب أصبح كارثيًا، إذ يحتار رب الأسرة في كيفية تأمين لقمة العيش مع انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار والارتفاع الجنوني للأسعار، ولا سيما أسعار الخضار والفواكه التي أصبحت لا تدخل البيت إلا في مناسبات خاصة جدًا، على حد تعبيره.
سحر سعدو (41 عامًا)، ربة منزل، تقيم في مدينة إدلب، قالت لعنب بلدي، إن خيارات إعداد الطعام اليوم لعائلتها ولزوجها الذي يعمل طوال اليوم، وأجره لا يكفي لشراء الخضار اللازمة لوجبه الطعام، أصبحت محدودة جدًا، بعد أن بات طبق السلطة من “الرفاهيات” التي لا تستطيع معظم الأسر الحصول عليها.
وأضافت سحر أنها كانت تعتمد قبل موجة ارتفاع الأسعار على إعداد الأطعمة المؤلفة من الخضار كونها أقل تكلفة من اللحوم، ولكن مع الارتفاع الحالي لأسعار الخضار، اضطرت للاستغناء عن الطبخ بشكل يومي، وصارت تعتمد على المؤن المتوفرة في المنزل من السلال الإغاثية التي تحصل عليها من المنظمات الإنسانية.
وخلال الأيام الماضية، شهدت مناطق إدلب ارتفاعًا حادًا في أسعار الخضراوات والفواكه، تزامنًا مع انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على حياة المدنيين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها أساسًا.
الاستيراد متوقف
عبد الله الحمصي (45 عامًا)، تاجر خضار في إدلب، قال لعنب بلدي، إن أسعار الخضراوات والفواكه ارتفعت بنسب كبيرة خلال الأيام الماضية، نتيجة توقيف حكومة “الإنقاذ” استيرادها من تركيا وقلة الكميات المتوفرة في الأسواق.
واعتبر التاجر أنه إيقاف الاستيراد جرى حفاظًا على مصالح المزارعين الذين تكبدوا خسائر فادحة هذا العام، لكن ذلك أثّر بشكل سلبي على المدنيين العاجزين عن تأمين قوت يومهم في ظل تدني الأجور وغياب فرص العمل.
وبحسب عبد الله، فإن الشريحة الأكثر تضررًا تمثّل نسبة كبيرة من الناس الذين باتوا عاجزين تمامًا عن تأمين الخضراوات اللازمة لإعداد مؤونة الشتاء كالباذنجان والفليفلة.
الإنتاج المحلي لا يكفي الحاجة
تعرض فلاحو إدلب هذا العام لخسائر كبيرة في المحاصيل الزراعية، نتيجة عدة أسباب، منها موجة الصقيع التي ضربت الزراعات الصيفية.
المهندس الزراعي سامر المجدي، المقيم في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن تراجع إنتاج الخضراوات الصيفية هذا العام نتج في غالبه عن موجة الصقيع التي ضربت الزراعات الصيفية خلال آذار الماضي، ما أدى إلى خسائر فادحة تكبدها المزارعون وصلت نسبتها لدى بعضهم إلى 100% من المحاصيل.
وأضاف سامر أن المزارعين يعانون ظروفًا قاسية، بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة وأجور النقل وتراجع الليرة التركية أمام الدولار وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية، وهذه كلها أسباب تؤدي إلى تراجع الزراعة وارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه.
وأشار المهندس الزراعي إلى أن بعض الخضراوات لا تزال في بداية موسم إنتاجها، مرجحًا أن تزداد كمياتها في الأسواق وتنخفض أسعارها خلال الأيام المقبلة كالفليفلة.
–