أزمات قلبية وسكتات دماغية.. احذروا ارتفاع الشحوم الثلاثية
د. أكرم خولاني
كثيرًا ما نسمع عن أخطار ارتفاع الدهون في الجسم، ويُقصد بها عادة كل من الكوليسترول والشحوم الثلاثية، لذلك يهتم الأطباء عند قيامهم بتحليل دم لشخص ما بشكل روتيني، أو لمريض بسبب معاناته من مرض قلبي أو تصلّب الشرايين أو نقص عمل الكلى، بمعرفة نسبة الشحوم الثلاثية إلى جانب نسبة الكوليسترول في الدم، وبناء على النتائج يمكن تحديد الحاجة إلى العلاج.
ما الشحوم الثلاثية
الشحوم الثلاثية، التي تسمى أيضًا “ثلاثي الغليسيريد” (Triglycerides)، هي أكثر أنواع الدهون شيوعًا في الدم، وتتكون من ثلاثة جزيئات دهون أو أحماض دهنية وجزيء جليسرول.
عند تناول الطعام، يحوّل الجسم أي سعرات حرارية لا يحتاج إلى استخدامها على الفور إلى شحوم ثلاثية تُخزن في الخلايا الدهنية، وفي وقت لاحق، تطلق الهرمونات الشحوم الثلاثية للإمداد بالطاقة بين الوجبات.
تنتقل الشحوم الثلاثية إلى الخلايا مصحوبة بنوعين من البروتينات الدهنية: البروتين الدهني المنخفض الكثافة جدًا (VLDL)، والذي يحمل جزيئات الشحوم الثلاثية التي يصنعها الكبد، والكيلوميكرون (Chylomicron)، الذي ينقل الشحوم الثلاثية إلى الأنسجة من أجل تخزينها أو استعمالها كمصدر طاقة.
ما مصادر الجسم من الشحوم الثلاثية
يحصل الجسم عليها من مصادر الغذاء المختلفة، حيث تعد المكوّن الرئيس للزيوت النباتية والزيوت المهدرجة.
كذلك، تصنع الدهون الثلاثية داخل الجسم بواسطة الكبد، ويتم تخزينها في الخلايا الدهنية وخلايا الكبد، وعند استهلاك سعرات حرارية زائدة على الحاجة، يقوم الجسم كذلك بتحويلها إلى دهون ثلاثية لتخزينها واستعمالها عند الحاجة.
ما الفرق بين الشحوم الثلاثية والكوليسترول
يمكن تلخيص الفرق بين الشحوم الثلاثية والكوليسترول بالنقاط التالية:
يحصل الجسم على الكوليسترول بشكل رئيس من الحمية الغذائية عند تناول الأطعمة الدهنية، وخصوصًا التي تحتوي على الدهون المشبعة مثل الزبدة واللحوم، أما الشحوم الثلاثية فيأتي غالبها من السعرات الحرارية الزائدة على حاجة الجسم، حيث يحولها الجسم إلى دهون مشبعة تخزن إلى حين الحاجة إليها.
تعمل الشحوم الثلاثية في الدم والأنسجة على توفير الطاقة للخلايا لأداء العمليات الحيوية، أما الكوليسترول فيعد ضروريًا لتصنيع الخلايا والهرمونات، مثل الهرمونات التناسلية، ويسهم في تصنيع عصارة الكبد الصفراوية.
كيف يُقاس مستوى الشحوم الثلاثية في الدم
يتم إجراء هذا الفحص من خلال تحليل عيّنة من دم المريض تبيّن كمية الشحوم الثلاثية الموجودة في كل مل من الدم، ويجب على المريض الصيام عن الطعام والمشروبات عدا الماء لمدة 12 إلى 14 ساعة قبل أخذ عينة الدم لتجنب أن يكون سبب الارتفاع في الشحوم ارتفاعًا طبيعيًا بعد وجبة غذائية وهو ما يشوش على دقة النتائج.
تستغرق نتائج الاختبار يومًا أو يومين على الأكثر حتى تصدر، ويقاس مستوى الشحوم الثلاثية في الدم بالميلي غرام في الديسيليتر أو بالميلي مول في الليتر.
كيف تفسّر النتائج
- تكون النسبة طبيعية إذا كانت أقل من 150 ملغ/دل.
- تكون النسبة عند الحد الأعلى للمستوى المثالي إذا تراوحت بين 150 و199 ملغ/دل.
- تعتبر النسبة مرتفعة إذا تراوحت بين 200 و499 ملغ/دل.
- تعتبر النسبة مرتفعة جدًا إذا وصلت إلى 500 ملغ/دل أو أكثر من ذلك.
ما أسباب ارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية
- أسباب وراثية، مثل: فرط الشحوم الثلاثية العائلي.
- البدانة.
- تناول الكحول بكثرة.
- الإصابة بداء السكري.
- قصور الغدة الدرقية.
- الإصابة بأمراض في الكلى.
- الإصابة بالمتلازمة الاستقلابية.
- الإكثار من الأطعمة الدهنية والسكرية.
- تأثير جانبي لبعض الأدوية، مثل: مدرات البول، حبوب منع الحمل، الريتينويد، الستيرويدات، حاصرات مستقبلات بيتا، وبعض مثبطات المناعة.
ما المضاعفات المحتملة لارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية
يمكن أن يسهم ارتفاع الشحوم الثلاثية في زيادة سمك جدران الشريان (تصلّب الشرايين)، ما يزيد من أخطار الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية كالأزمة القلبية والسكتة الدماغية.
وقد يتسبب ارتفاع الشحوم الثلاثية بالإصابة بتشحم الكبد (fatty liver disease).
يمكن أن يؤدي الارتفاع الشديد في الشحوم الثلاثية إلى الإصابة بالتهاب حاد في البنكرياس (التهاب البنكرياس).
ما أعراض ارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية
لا تُسبب حالة ارتفاع الشحوم الثلاثية أو فرط ثلاثي غليسيريد الدم (Hypertriglyceridemia) الخفيفة والمتوسطة أي أعراض لدى المصابين عادة.
تظهر الأعراض بارتفاع مستوياتها بشكل كبير (1000- 2000 مغ/دل أو أعلى)، بحيث تظهر كنتيجة للمشكلات الصحية التي سببها هذا الارتفاع الشديد في مستوياتها، والتي تشمل تشحم الكبد والتهاب البنكرياس الحاد والمزمن وتصلّب الشرايين.
وعندما ترتفع نسبة الشحوم الثلاثية في الدم بشكل شديد جدًا (5000 مغ/دل أو أعلى)، ويحدث ذلك عادة عند الإصابة ببعض الاضطرابات الوراثية مثل متلازمة الكيلومكرونات العائلية وغيرها، فمن الممكن أن يؤثر ذلك في أعضاء الجسم المختلفة فتظهر الأعراض الآتية:
- ظهور عقد صفراء غير مؤلمة على الفخذين والجذع والأرداف تسمى الأورام الصفراء البركانية.
- ظهور عقد على الركبتين والمرفقين.
- اصفرار باطن الكف.
- ظهور بقع صفراء مرتفعة نسبيًا حول الجفون.
- فرط شحميات الدم في الشبكية (Lipemia retinalis)، وفيه تظهر الشبكية بمظهر أبيض حليبي.
- تضخم الكبد والطحال.
- أعراض عصبية: تشمل الخرف وفقدان الذاكرة والشعور بأعراض الاكتئاب.
- التهاب البنكرياس الحاد.
كيف يعالَج ارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية
يشمل العلاج محورين:
- تغيير نمط الحياة: ويتضمن القيام بنشاط بدني بشكل دائم (المشي 30– 60 دقيقة يوميًا) والمحافظة على تغذية صحية ومتوازنة.
- العلاج الدوائي، ويشمل:
- أدوية الفيبرات (Fibrates)، مثل الفينوفايبرات (تريكور، وفينوجليد، وغيرهما) والجمفيبروزيل (لوبيد).
- نياسين أو ما يعرف بحمض النيكوتينيك (Nicotinic acid)، وهو يخفض مستوى الشحوم الثلاثية والكوليسترول السيئ (LDL).
- زيت السمك، والذي يعرف بأحماض “أوميغا 3” الدهنية، وهو يساعد بخفض نسبة الشحوم الثلاثية.
ما سبل الوقاية من ارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية ومضاعفاته
- نظام غذائي صحي: التركيز على الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة واللحوم البيضاء والأسماك الغنية بـ”أوميغا 3″ (مثل السلمون أو الماكريل)، والحد من السكريات والكربوهيدرات المكررة، وتناول الدهون الأحادية غير المشبعة الصحية الموجودة في النباتات مثل زيوت الزيتون والكانولا بدلًا من الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم الحمراء، وتجنب تناول الدهون المتحولة أو الأطعمة المحتوية على زيوت أو دهون مهدرجة.
- وزن مثالي: التخلص من الوزن الزائد.
- الإقلاع عن التدخين والكحوليات.
- ممارسة التمارين الرياضية أو المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا على الأقل معظم أيام الأسبوع، ويمكن إدخال المزيد من النشاط البدني إلى المهام اليومية، مثل الصعود على الدرج في العمل أو الاعتماد على المشي بدل ركوب السيارة.
- ضبط مستوى سكر الدم عند مرضى السكر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :