درعا- حليم محمد
أظهرت نتائج الشهادة الإعدادية للعام الحالي مدى تراجع سويّة التعليم في مدارس التعليم الأساسي والإعدادي في منطقة اللجاة شرقي محافظة درعا، جنوبي سوريا، وسط ارتفاع معدلات الرسوب وتدني علامات الطلاب.
وأرجع ناشطون من سكان المنطقة هذا التراجع لعدة أسباب، منها قلة وجود مدرّسين للمواد الأساسية، وعدم اهتمام مديرية تربية درعا بمدارس منطقة اللجاة، ما انعكس على المستوى العام في الشهادة الإعدادية.
نقص المدرّسين
الناشطة ريما العلي المقيمة في منطقة اللجاة، قالت لعنب بلدي، إن النسبة الكبرى في الرسوب كانت بمادة اللغة الفرنسية، وإن أغلب مدارس المنطقة تفتقر لمدرّسي هذه المادة.
وبعد عام 2011، خسرت اللجاة معظم مدرّسيها من فئة الشباب بسبب الملاحقات الأمنية، والطلب للخدمة العسكرية، بالإضافة إلى سعي الشباب للهجرة، كما يعتبر معظم المدرّسين في المنطقة من قاطني المناطق الأخرى في محافظة درعا، ما يجبرهم على دفع مصاريف النقل للوصول إلى أماكن عملهم.
هيام معلمة في إحدى مدارس درعا، طلبت عدم ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، قالت لعنب بلدي، إن أي عملية تنقل بين المناطق في المحافظة باتت تكلّف المدرّسين مصاريف إضافية، ما جعلهم يرغبون في التدريس بمناطق سكنهم نفسها.
ولا تصرف مديرية التربية في محافظة درعا أي تعويضات إضافية عن الرواتب الشهرية للمدرّسين، لقاء تدريسهم في قرى ومناطق بعيدة عن أماكن سكنهم.
وأرجعت هيام سبب نقص مدرّسي مادة اللغة الفرنسية لإلغاء قسم اللغة الفرنسية في جامعة “درعا” منذ عام 2012، ما أدى إلى ندرة في مدرّسي هذه المادة على مستوى المحافظات.
موقع “اللجاة برس“، المهتم بنشر أخبار سكان اللجاة، قال إن طلاب الشهادة الإعدادية أنهوا العام الدراسي بنقص في مدرّسي بعض التخصصات كالفرنسية والإنجليزية والرياضيات، ورصد الموقع رسوب ما لا يقل عن 80% بمادتي اللغة الإنجليزية والفرنسية.
وحول سبب عدم توفر المعلمين، أشار الموقع إلى أن ارتفاع أجور النقل وتدني رواتب المدرّسين، من أبرز أسباب ذلك.
ووصل سعر ليتر البنزين في محافظة درعا إلى نحو سبعة آلاف ليرة سورية، بينما وصل سعر ليتر المازوت إلى نحو خمسة آلاف و500 ليرة، في السوق السوداء، وسط قلة توفر “المدعوم” منهما.
وقالت الناشطة ريما العلي لعنب بلدي، إن نقص معلمي بعض الاختصاصات دفع مديري المدارس للاستعانة بوكلاء ممن يحملون الشهادة الثانوية، والذين بدورهم لا يملكون الخبرة الكافية للتدريس.
مديرية التربية “تهمل” قطاع التعليم
اشتكى سكان منطقة اللجاة من إهمال مديرية التربية عمل المدارس، من خلال عدم إرسال كادر تدريسي كافٍ، وعدم متابعة أعمال المدارس، فضلًا عن عدم إجراء دوريات تفتيش ومراقبة ومعاقبة إدارية على التقصير، دون أن تثمر حتى الآن.
واعتبرت الناشطة العلي أن تقصير مديرية التربية هو أحد أهم أسباب فشل العملية التربوية في اللجاة، فهي المسؤولة عن تأمين مدرسين، وكذلك توفير الكتب، وترميم المدارس، وإجراء زيارات دورية للتفتيش وتقييم عمل المدرّسين، وهذا ما لم يحصل منذ سيطرة النظام عام 2018.
وقال أحد الوجهاء في اللجاة لعنب بلدي، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن المجمع التربوي المسؤول عن العملية التربوية بالمنطقة مهمل، ولا يكترث بواقع التدريس في المنطقة، موضحًا أنه يستند إلى فرضية دمرت المنطقة تعليميًا، وهي أن “منطقة اللجاة غير آمنة”، ما أدى إلى انتشار الفساد الإداري داخل المدارس مع غياب الرقابة من قبل المديرية، بحسب تعبيره.
ولا تتوفر إحصائية حديثة عن عدد سكان اللجاة أو عدد الطلاب فيها، وتتناثر على مساحتها عشرات القرى الموزعة بين محافظتي درعا والسويداء.
ويبلغ عدد سكان القرى في الجانب الغربي من اللجاة، الواقعة إداريًا ضمن محافظة درعا، عشرة آلاف و330 نسمة، حسب دراسة أُعدت لنيل درجة الماجستير في الجغرافيا الإقليمية بجامعة “دمشق” عام 2014.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قدّرت، في كانون الثاني الماضي، عدد الأطفال المحرومين من التعليم في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، بأكثر من مليوني طفل.
ويوجد أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، حوالي 40% منهم من الفتيات، وفق بيان أممي أشار إلى ارتفاع الرقم بسبب تأثير فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) وما نتج عنه من تفاقم تعطل التعليم في سوريا.
وفي آذار الماضي، وخلال حديث إلى إذاعة “ميلودي إف إم“، لفت رئيس “دائرة التعليم الأساسي” في وزارة التربية بحكومة النظام السوري، رامي ضللي، إلى أن نسبة الأطفال المتسربين من المدارس، تصل في بعض المحافظات إلى 12% من أصل عدد طلاب المحافظة.