تشهد مدينة اللاذقية غربي سوريا نشاطًا واضحًا لتركيب المولدات الكهربائية، بغرض بيع الكهرباء (الأمبيرات) في المحافظة من قبل شخصيات نافذة.
ورغم وعود حكومية بمنع المولدات، ترافقت ظاهرة انتشارها مع زيادة قطع التيار الكهربائي عن بعض الأحياء، في وقت تشهد فيه المدينة ارتفاعًا في درجات الحرارة، وساعات تقنين طويلة.
من يديرها؟
عبر موزعين وعمال يشرفون على تمديد “الأمبيرات” للعديد من أحياء مدينة اللاذقية، تتبع هذه المولدات إلى حافظ منذر الأسد، وهو من أبناء عمومة رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وبحسب مصدرَين متقاطعَين تحدثت إليهما عنب بلدي، أكدا أن تبعية الشركة، التي تجري التمديدات ولا تحمل اسمًا، تعود لحافظ منذر الأسد.
وصار تمديد “الأمبيرات” ظاهرة منتشرة في العديد من أحياء المدينة، منها العوينة، ومشروع القلعة، ومشروع الزراعة، والمشروع السابع.
ويتراوح سعر “الأمبير” الواحد بين 20 ألفًا و30 ألف ليرة سورية أسبوعيًا، ويختلف الاشتراك بحسب كل حي، وفق المصدر.
وزادت ساعات تقنين الكهرباء التي تشهدها المدينة منذ بدء عملية تمديد الاشتراك بالمولدات الكهربائية، ويصل التيار إلى أحياء المدينة حوالي ساعة ونصف أو أقل أحيانًا خلال 24 ساعة.
وأوضحت المصادر أن التيار الكهربائي كان يصل قبل الاشتراك بـ”الأمبيرات” إلى نصف ساعة وصل مقابل خمس ساعات ونصف قطع، بمعدل ساعتي وصل كل 24 ساعة، ورغم أن فرق التقنين حاليًا ليس كبيرًا عن السابق، اقترب من أن يصبح روتينًا يوميًا.
قرارات لا تطال آل الأسد
لم تمنع القرارات الصادرة عن جهات حكومية حافظ منذر الأسد من تمديد “الأمبيرات”، الذي بدأ منذ حوالي شهر تقريبًا، إذ بدأ التمديد منذ ثلاثة أسابيع في حي مشروع القلعة، ومنذ عشرة أيام في حي العوينة.
في 11 من نيسان الماضي، أصدر محافظ اللاذقية، عامر إسماعيل هلال، قرارًا بمكافحة ومنع ظاهرة تركيب المولدات الكهربائية، بقصد بيع الكهرباء (الأمبيرات).
ونشرت صفحة محافظة اللاذقية عبر “فيس بوك” صورة القرار، ووجهته لرؤساء الوحدات الإدارية في المدن والبلدات والبلديات، بغرض منع ومكافحة ظاهرة بيع “الأمبيرات”، وحمّل هلال رؤساء الوحدات الإدارية مسؤولية التنفيذ، ملوّحًا بالعقوبات بحق المخالفين.
تبع قرار المحافظ بيوم تأكيد من عضو المكتب التنفيذي لقطاع الكهرباء في اللاذقية مالك الخير، أن قرار منع تركيب المولدات الكهربائية بغرض بيع الكهرباء (الأمبيرات) في المحافظة، لا يمكن التراجع عنه، وستكون هناك اجتماعات أخرى مستقبلًا لوضع حد لهذا الموضوع.
وأوضح الخير خلال اتصال هاتفي مع إذاعة “شام إف إم” المحلية، في 14 من نيسان الماضي، أن تعميم منع تركيب المولدات جاء ليوضح غياب أي قانون ينظم عمل “الأمبيرات” أو مولدات الكهرباء بالكامل، معتبرًا أن “الأمبيرات” تشكّل خطرًا على أفراد المجتمع، ما لم يجرِ تركيبها بشكل فني وعبر تمديدات صحيحة، بعد دراسة خاصة.
ونوّه إلى وجود تشديد ضد تركيب المولدات في اللاذقية منذ البداية، ذاكرًا أن عددها قليل، مشيرًا إلى أن المحافظ رأى ضرورة تصحيح هذا الخطأ وإزالة المولدات.
في 21 من تموز الماضي، أكد وزير الكهرباء في حكومة النظام، غسان الزامل، أن الوزارة لن تشرّع “الأمبيرات” حاليًا أو في المستقبل، وسينتهي أمرها تلقائيًا عندما تعود كميات الكهرباء إلى ما كانت عليه سابقًا.
حافظ منذر الأسد هو حفيد جميل الأسد، شقيق رئيس النظام السوري السابق، حافظ الأسد.
عُرف بنفوذه الواسع وسلطاته النافذة في اللاذقية، وإشرافه على عمليات تهريب المخدرات. في حزيران 2018، داهمت قوات تابعة للنظام السوري مرفأ “اللاذقية”، بعد بلاغ من إدارته بوجود كميات كبيرة من حبوب “الكبتاجون” ضمن حاويات كبيرة من مخلل الفليفلة. وتعود البراميل المستوردة إلى تاجر يعمل تحت غطاء حافظ منذر الأسد في الاستيراد والتصدير. وداهمت المرفأ قوات مشتركة من فروع أمنية متعددة، ووصل وزير الداخلية حينها إلى المرفأ، على خلفية ضبط كمية كبيرة من حبوب المنشطات، ومخالفات أخرى تعود إلى حافظ منذر الأسد. في تموز 2020، كشفت شبكات محلية في السويداء وجود مساعٍ من حافظ منذر الأسد لإقامة شركة شحن ونقل، يُعتقد أنها غطاء لتحويل محافظة السويداء إلى معبر لتهريب المخدرات وحبوب “الكبتاجون”. وعرض من خلال مندوبين له، تجنيد شبان من السويداء ضمن ميليشيا مهمتها الإشراف على حواجز “ترفيق” بين دمشق والسويداء، وحماية القوافل التجارية. |
مشكلات الكهرباء مستمرة
تشهد مناطق سيطرة النظام ظروفًا اقتصادية ومعيشية صعبة، إلى جانب تقنين كهربائي صعب، يصل في أفضل أحواله إلى ساعتي وصل، تتخللها عدة انقطاعات، مقابل 22 ساعة قطع خلال اليوم.
وتتراوح كمية توليد الكهرباء في مناطق سيطرة النظام بين ألف و900 ميغاواط وألفين و200 ميغاواط، وفقًا لكميات المشتقات النفطية المتوفرة من جهة، ولجاهزية المحطات التي تعمل على توليد الكهرباء في سوريا من جهة أخرى.
وفي مطلع تشرين الأول 2021، بدأت وزارة الكهرباء في حكومة النظام السوري بتطبيق رفع أسعار الكهرباء في معظم شرائحها، بنسب تراوحت بين 100% و800%.
وكان مدير التخطيط في وزارة الكهرباء بحكومة النظام السوري، أدهم بلان، برّر قرار رفع أسعار العدادات الكهربائية بنسبة تصل إلى خمسة أضعاف سعرها السابق، بتغطية التكاليف لاستمرارية قطاع الكهرباء، نافيًا أن تكون له علاقة بالاستهلاك، في 26 من كانون الثاني الماضي.
–