اقتصر ظهور وزير الدفاع في حكومة النظام، علي محمود عباس، منذ تعيينه في منصبه، بموجب المرسوم رقم “115”، الصادر عن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 28 من نيسان الماضي، على مجموعة من المناسبات الشكلية.
الوزير الذي أثار بتعيينه التساؤلات حول أحقيته وفق التراتبية العسكرية، طالما أنه يحمل رتبة لواء، وليس عمادًا أو عمادًا أول، ظهر عدة مرات، تابعته خلالها كاميرا التلفزيون الرسمي في جولات روتينية غير حمّالة رسائل، في الوقت الذي لا تزال به بعض المناطق في سوريا غير مستقرة أمنيًا، وتشهد نشاطًا عسكريًا.
تعيين الوزير الجديد تسبب بحالة خلط تتعلق بهويته، في ظل وجود ضابط آخر في قوات النظام يحمل نفس الاسم، لكن مع اختلاف المحافظة التي ينحدر منها، فالوزير من أبناء قرية إفرة في وادي بردى بريف دمشق، وولد في 2 من تشرين الثاني عام 1964.
مناسبات شكلية
شارك وزير الدفاع في احتفالات يوم البحرية الروسية الذي نظمته القوات الروسية في ميناء “طرطوس”، على الساحل السوري، في 31 من تموز الماضي.
وخلال الاحتفالات، مُنع وزير الدفاع من اللحاق بضابط روسي خلال تأدية مراسم عسكرية، ما ربطه ناشطون بمنع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من اللحاق بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال زيارة أجراها إلى قاعدة “حميميم” في اللاذقية، عام 2017.
وفي 9 من تموز الماضي، زار وزير الدفاع إحدى التشكيلات العسكرية المقاتلة في المنطقة الشرقية، والتقى المقاتلين في مواقعهم بمناسبة عيد الأضحى.
وذكرت الوكالة السورية للأنباء (سانا) أن عباس اطلع على جهوزية المقاتلين وأوضاعهم وطبيعة مهامهم.
وفي 10 من حزيران الماضي، حضر وزير الدفاع تدريبًا بالذخيرة الحية لإحدى التشكيلات العسكرية المسلحة التابعة للنظام، واطلع على سير العملية التدريبية والمهام التي ينفذها المقاتلون في جميع الاختصاصات.
كما أظهرت صور نشرتها “سانا” وزير الدفاع إلى جانب العميد في قوات النظام، وقائد ما يسمى بـ”قوات النمر”، سهيل الحسن.
وبمناسبة الذكرى الـ77 لـ”الحرب الوطنية الروسية العظمى والانتصار على النازية”، شارك وزير الدفاع، في 9 من أيار الماضي، بحفل أُقيم في القاعدة الروسية بـ”حميميم”.
كما ألقى كلمة هنّأ خلالها الضباط والجنود الروس في القاعدة بـ”اليوم التاريخي”، مؤكدًا على تقدير تاريخ “الشعب الروسي العظيم”، وفق “سانا“.
وفي 2 من أيار الماضي، أجرى علي محمود عباس برفقة عدد من الضباط زيارة إلى إحدى التشكيلات العسكرية، والتقى مقاتلين بمناسبة عيد الفطر.
وذكرت وكالة “سانا” أن عباس اطلع خلال جولته على أوضاع الجرحى في المستشفيات، وظروف إصاباتهم، وأثنى على “الروح المعنوية العالية” التي يتمتعون بها.
الخامس خلال الثورة
يولي النظام السوري أهمية خاصة لوزارة الدفاع، باعتبارها واحدة من أبرز الحقائب الوزارية السيادية في حكومته المكوّنة من 29 وزيرًا.
كما تصاعد دور الوزارة منذ عام 2011، إثر انخراط قوى الجيش في قمع الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام السوري، ما ضاعف أهمية وحساسية انتقاء “الحصان الرابح” بالنسبة للنظام لتبوّء الوزارة.
ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تعاقب على الحقيبة خمسة وزراء، أطاح الأسد بثلاثة منهم عبر تعيين بديل، بينما تعرّض أحدهم للاغتيال.
هذه الأسماء تصدّرت على التوالي المشهد العسكري في سوريا، وأوكلت لها مسؤولية إدارة المعارك والعملية العسكرية في مختلف مدن وبلدات سوريا، ما أسفر عن دمار واسع في البنى التحتية، إضافة إلى نزوح ملايين السوريين داخليًا، ولجوء ملايين منهم أيضًا في دول مختلفة.
ويعتبر علي محمود عباس خامس وزراء الدفاع، وأدناهم في الرتبة العسكرية حين وصوله إلى كرسي الوزير، إذ عيّن بشار الأسد، في حزيران 2009، علي حبيب وزيرًا للدفاع خلفًا لحسن تركماني.
وشغل علي حبيب عدة مناصب عسكرية، منها رئاسة الأركان عام 2004، لكن وبعد قيام الثورة السورية، وبشكل مفاجئ، أصدر الأسد مرسومًا أعفى من خلاله حبيب من وزارة الدفاع في آب 2011.
وبعد إقالة علي حبيب، عيّن بشار الأسد العماد داوود عبد الله راجحة وزيرًا للدفاع، ليكون أول مسيحي يصل إلى رتبة وزير الدفاع منذ وصول حزب “البعث” إلى الحكم في سوريا، لكنه قُتل في تفجير استهدف مبنى الأمن القومي في العاصمة دمشق، في تموز 2012، إلى جانب نائبه آصف شوكت صهر الأسد، وحسن تركماني، رئيس “خلية الأزمة”، ورئيس مكتب الأمن القومي، هشام بختيار.
وتولى فهد جاسم الفريج منصب رئيس هيئة الأركان بعد راجحة، ثم خلفه أيضًا في الوزارة بعد مقتله، ليستمر في قيادة الوزارة حتى عام 2018، حين عيّن بشار الأسد علي أيوب وزيرًا للدفاع.
الباحث في معهد “الشرق الأوسط” تشارلز ليستر، وصف عبر “تويتر” محمود عباس بـ”القائد الفخري” لـ”الفرقة الرابعة”.
وأكد ليستر أن التعيين يشكّل توحيدًا كبيرًا لما اعتبرها “سيطرة عائلة الأسد على الجيش السوري عبر استخدام الوكيل المفضّل لماهر الأسد”.
–