جريدة عنب بلدي – العدد 48 – الاثنين- 21-1-2012
هنا الحلبي، زين الجبيلي – حلب
سقط ما يقارب الـ 500 طالب بين شهيد وجريح ومفقود في استهداف مباشر للطيران الحربي لكلية العمارة والسكن الجامعي في حلب يوم الثلاثاء في تمام الساعة الواحدة ظهرًا بصاروخين سقط أحدهما على سطح إحدى وحدات السكن الجامعي، والآخر على الدوار الذي تطل عليه كلية العمارة.
وتم توقيت القصف في الفترة التي يتجمع فيها عدد كبير من الطلاب في الساحات الخارجية للكلية منصرفين من الامتحانات أو قادمين إليها، إضافة إلى أن الدوار يشهد ذروة ازدحام مروري في تلك الساعة. وكان من أكثر المتضررين جراء القصف طلاب كلية الفنون التي تشغل الطابق الأرضي من مبنى كلية العمارة إذ استشهد كل من كان حينها خارج المبنى، حتى السيارات احترقت بمن فيها. كما جرح معظم من كانوا داخل المبنى بسبب تطاير الزجاج.
وقالت الطبيبة ن. ب من المشفى الجامعي أن المشفى شهد وصول عشرات الشهداء وحوالي 100 جريح أغلبهم بحالة خطيرة وبأعضاء مبتورة، بينما تفحمت جثث بعضهم بالكامل وأضافت: «عدت من المشفى منهكة القوى ومنهارة الأعصاب مما رأيت، الدماء تملأ الممرات والأصوات تتعالى هل من منقذ، وقد استنفر الأطباء بكل ما أوتوا من عزيمة … أغيثونا، أغيثوا أبنائنا.» ولأن هناك تعتيم كبير على المعلومات من قبل المستشفيات فلم يتم الإعلان عن أعداد الشهداء أو التصريح بوجود جثث مجهولة الهوية، وإلى الآن هناك عائلات أولادها مفقودة ولم يتح لهم التعرف على جثثهم.
وقالت جودي، وهي معيدة في كلية العمارة، أن «القصف حصل في اليوم الأول من الامتحانات وقبل القصف بقليل لاحظنا أن عناصر الأمن تسارع للخروج من المباني الجامعية المحيطة بمنطقة دوار كلية العمارة وبعد ذلك بقليل سمعنا هدير طائرة وتبعها صوت انفجار شديد فسارعنا للنوافذ لنرى الطائرة تلقي بالقنبلة الثانية» ثم تابعت: «تركنا مكاتبنا وسارعنا بالنزول للشارع، رائحة الموت تنتشر في الهواء، الأشلاء مبعثرة فوق الإسفلت وحالة من الذعر والهيستيريا تسود بين المارة».
فيما روى أحد الطلاب الذين كانوا داخل قاعة الامتحان عند سماع الانفجار: «هرعنا إلى الممرات وبدأنا نتجمع في بهو الكلية عند المدخل الأمامي فبدأ أحد الطلاب بالتكبير وما لبثنا أن تجمعنا وبدأنا بمظاهرة، فهجم علينا الحرس (العساكر) من الخارج وأطلقوا علينا الرصاص لتفريقنا، وما لبث هؤلاء الحرس أن عادوا إلى أماكنهم عند البوابة الخارجية حتى سقط الصاروخ الثاني فمات واحد منهم وأصيب الآخر بجروح بليغة وهب حينها طلاب المظاهرة إليه لإسعافه.» فيما روى آخر: «هرعنا من الباب الخلفي للكلية إلى الخارج بعد أن سقط الصاروخ الثاني مستهدفًا تجمع الطلاب عند باب كلية الفنون، فصاح أحد رجال الأمن: «لا تتجمعوا في الخارج وتفرقوا لأن الطيار يقصف أماكن التجمع» ثم ما لبث أن تدارك نفسه وأعقب كلامه مباشرة: «الطيار منشق» وأكدت إحدى الطالبات في كلية الآداب المجاورة للعمارة بأن الحراس أقفلوا أبواب الكلية لحظة سماع صوت الصاروخ الأول وهربوا مما اضطر الناس للقفز فوق السور أو كسر الأقفال للهروب.
وكعادته عند كل مجزرة جديدة من نوعها ترتكبها قوات النظام سارع الإعلام السوري إلى التواجد في المكان ليغطي الحادثة على طريقته، وما لبث شادي حلوة –مذيع التلفزيون السوري- أن دخل حرم الكلية حتى انهال عليه الطلاب بالضرب والشتم. أما قنوات الإعلام العربية والغربية فهي لم تعط المجزرة حقها من التركيز الإعلامي مع أنها الأسبق من نوعها من حيث قصف المناطق «الآمنة» والتي لا يمكن وجود أي «إرهابي» فيها كالجامعات.