درعا- حليم محمد
شهدت محافظة درعا إقبالًا على تخزين البرغل، المصنع محليًا، بعد انتهاء موسم حصاد القمح للعام الحالي.
وأرجع عدد من سك ان درعا زيادة كميات تخزين البرغل، لكونه يشكّل غذاء بديلًا يخفف من استخدام الأرز، الذي ترتفع أسعاره بشكل متكرر، كما يعتبر البرغل المكوّن الأساسي لطعام “المليحي”، المأكول الشعبي والتراثي لسكان الجنوب.
كميات التخزين تضاعفت
إيمان (31 عامًا) من سكان ريف درعا، قالت لعنب بلدي، إنها قررت إعداد كميات إضافية من البرغل لهذا العام، مبررة قرارها بارتفاع أسعار الأرز والمعكرونة والبقوليات، التي تعتبر مواد أساسية في كل وجبة غداء.
تخزن إيمان كل عام نحو 25 كيلوغرامًا من مادة البرغل، لكنها ضاعفت الكمية هذا العام إلى 50 كيلوغرامًا، مضيفة أن البرغل سيصبح الغذاء الرئيس في معظم أيام السنة، في ظل ما تشهده السوق المحلية من ارتفاع في أسعار المواد الأساسية.
ويختلف سعر كيلو الأرز باختلاف نوعيته، إذ تصل أسعار بعض الأنواع الفاخرة من الأرز الطويل إلى حدود 12 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد، وسعر الكيلو الواحد من الأرز من النوع القصير بين أربعة آلاف وسبعة آلاف ليرة.
كما يصل سعر كيس المعكرونة (بوزن 500 غرام) إلى نحو ثلاثة آلاف ليرة سورية.
ووصل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار إلى 4200 ليرة مقابل الدولار الواحد، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.
محمد (65 عامًا) من سكان مدينة طفس بريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إن إنتاج مادة البرغل أحد الطقوس القديمة التي لا يزال أهالي درعا يحافظون عليها، كونها تدخل بشكل أساسي في تحضير “منسف المليحي”، الطبق الذي تشتهر به المحافظة.
وأوضح محمد، فضّل عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، أن خوف السكان من انقطاع الطحين والغذاء نتيجة التوترات الدولية وخاصة بعد “الغزو” الروسي لأوكرانيا، دفعهم لتخزين مختلف أنواع الحبوب ومنها البرغل.
اجتماع العائلة لتحضير البرغل
وضعت “أم محمود” القمح بقدر وسكبت عليه الماء لتبدأ بعملية “الصويل”، وهي إزالة القش الذي يطوف على الماء والأتربة.
وقالت المرأة الخمسينية لعنب بلدي، “قديمًا كان للصويل طقوس مختلفة، إذ تجتمع أكثر من عائلة على كتف النهر، وتتعاون النساء في صويل القمح، وهو من أساسيات المونة الحورانية”.
وبعد “الصويل”، تبدأ عملية السلق في قدر مليء بالقمح والماء، بحسب ما أوضحته السيدة، معتبرة أن سلق القمح من أصعب مراحل تحضير البرغل حاليًا، إذ لا يمكن سلقه على الغاز لفقدان الغاز المدعوم، وغلاء الغاز “الحر”، ما أجبر السكان على سلقه على الحطب.
وبعد غليان القمح، يُزال من القدر ويُسكب في أوانٍ ليُحمل بعدها إلى أسطح المنازل، ليبقى معرضًا لأشعة الشمس مدة تصل إلى أسبوع تقريبًا.
وبعد مرور أسبوع، يُعبّأ في أكياس ويُرحل إلى “الجاروشة” لجرشه، ويصبح بعدها جاهزًا للتخزين.
مساعدات البرغل تقلّصت بعد 2018
غابت صناعة البرغل بشكل شبه كامل خلال سنوات سيطرة المعارضة على المنطقة الجنوبية، ويعود ذلك لوجود البرغل في الحصص الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، والتي كانت تصل لمعظم سكان درعا بشكل شهري.
وبعد سيطرة النظام في تموز 2018، تقلّص عمل المنظمات الإنسانية بالجنوب السوري، واقتصر توزيع السلال الغذائية في المحافظة على “الهلال الأحمر السوري”، وهو لا يوزع مادة البرغل ضمن السلة التي يقدّمها للسكان.
هذه الأسباب دفعت أهالي درعا إلى تجهيز مؤونة الشتاء من المادة بأنفسهم، إذ لم يقتصر الأمر على تخزين البرغل، إنما شمل أيضًا تخزين القمح خوفًا من انقطاع مفاجئ للطحين، إذ تلجأ العائلات في هذه الحالة لطحن القمح واستخدامه في حال انقطع الطحين المدعوم.