يوافق اليوم، الجمعة 29 من تموز، الذكرى السنوية الأولى لهجوم مقاتلين محليين من أبناء محافظة درعا على الحواجز العسكرية التابعة لقوات “الفرقة الرابعة”، التي يقودها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والتي دفعت بأبناء درعا لإعادة السؤال مجددًا: “هل يسيطر النظام فعليًا على درعا؟”.
هاجم مسلحون، في صبيحة 29 من تموز عام 2021، حواجز “الفرقة” على أطراف بلدات الريف الغربي للمحافظة، وسيطروا على معسكر “زيزون”، إضافة إلى معسكر “الصاعقة” في بلدة المزيريب، وأكثر من 20 حاجزًا عسكريًا من ضمنها حاجز “دوار مساكن جلين” الاستراتيجي.
واعتُبرت حينها سيطرة الفصائل المحلية محاولة لفك الحصار الذي فرضته قوات النظام على مدينة درعا البلد مطلع حزيران من العام نفسه، وسط انهيار سريع لـ”الفرقة الرابعة” انتهت بمئات الأسرى من عناصرها بيد المقاتلين المحليين.
وكانت حواجز “الفرقة” حينها تقطع الطرقات الرئيسة بين مركز المحافظة والأرياف، كما ثبتت نقاطًا لها، ورُفعت على ثكناتها العسكرية أعلام النظام عقب سيطرته على الجنوب السوري عام 2018، بحملة عسكرية غطتها روسيًا جويًا، إلا أن النظام أوشك على أن يفقدها في غضون ساعات.
لا مقاومة تُذكر
عنب بلدي قابلت عددًا من المقاتلين المحليين في محافظة درعا، ومنهم من شارك في الهجمات على هذه الحواجز والثكنات، والذين وصفوا المشهد حينها بأن قواتهم المُهاجمة “لم تواجه أي مقاومة حقيقية من طرف قوات النظام”.
أحد المنشقين عن قوات “الفرقة الرابعة” في درعا قال لعنب بلدي، إن “سقوط مقرات (الفرقة) في معظم مناطق الريف الغربي على يد عشرات المقاتلين المحليين خلال أقل من خمس ساعات، مشهد أعاد سكان درعا بالذاكرة إلى السنوات الأولى للثورة السورية، عندما كانت نقاط الجيش تتهاوى أمام مقاتلي المنطقة”.
وأضاف العسكري، الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن أهم أسباب سقوط مقرات “الفرقة” قبل عام، أن كوادرها البشرية من عناصر “التسوية”، الذين لا يزالون من معارضي النظام السوري.
وانضم العديد من مقاتلي المعارضة في درعا إلى صفوف “الفرقة الرابعة” عقب “التسوية” لحماية أنفسهم من الملاحقة الأمنية، إضافة إلى أداء الخدمة العسكرية الإلزامية في جيش النظام.
المقاتل المحلي الذي ينحدر من ريف المحافظة الغربي، قال لعنب بلدي، إن الحواجز التي تمركز فيها مقاتلون من عناصر “التسوية” سلموا مواقعهم دون مقاومة لمقاتلي المنطقة الذي هاجموا الحواجز.
وتوقع المقاتلون المحليون حينها أن المعركة التي فُتحت لتخفيف الضغط عن درعا البلد، كانت تتخذ شكل “المعارك الطويلة”، إلا أن سيطرتهم على الحواجز كانت “مفاجئة وغير متوقعة حتى بالنسبة للمهاجمين”.
وحاصرت قوات النظام، في حزيران 2021، مدينة درعا البلد، وكانت قوات “الفرقة الرابعة” تدير العمليات العسكرية على المدينة بقيادة العميد غيث دلة الذي تُعرف قواته باسم “قوات الغيث”.
كيف شُكلت “مجموعات التسوية”
عقب سيطرة النظام على محافظتي درعا والقنيطرة في تموز 2018، بدأت قيادة “الفرقة” بفتح باب الانتساب إلى صفوفها بشرط تسليم العنصر قطعة سلاح خفيفة لـ”الفرقة”، إذ يملك النظام فرضية عن أن جميع أبناء المنطقة يملكون أسلحة فردية على الأقل.
شرط تسليم السلاح دفع بالعديد من سكان المحافظة وفي العديد من المناسبات إلى شراء الأسلحة الفردية لتسليمها للنظام السوري، كون التخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية يعرّض للملاحقة الأمنية.
وكان من أهم شروط الانتساب لـ”الفرقة”، إتاحة تأدية الخدمة لأبناء درعا في المحافظة نفسها، وحساب مدة الخدمة من المدة الإجمالية للخدمة العسكرية وفق قوانين الجيش السوري.
وعلى خلفية هذه الأحداث، انتسب ما يقارب 3000 عنصر خضعوا لدورة “أغرار” (تدريب) في معسكر “زيزون” بريف درعا الغربي، وبعدها توزعوا على الحواجز في مدينة درعا و ريفها.
إنهاء وجود “الرابعة” في درعا
بعد إجراء “تسوية” عامة بدرعا في تشرين الأول 2021، وعقب هدنة توصلت إليها لجنتان إحداها ممثلة عن النظام السوري تحمل اسم “اللجنة الأمنية”، وأخرى تُمثّل أبناء المحافظة تحت اسم “اللجنة المركزية”، أوقفت الأعمال القتالية في درعا.
وسلّم المقاتلون المحليون أسرى قوات النظام الذين تجاوزت أعدادهم 100 مقاتل، وانسحبوا من الحواجز والمعسكرات التي سيطروا عليها قبل ذلك بأيام.
عقب ذلك، صدر قرار إداري عن الجيش بنقل “الفوج 666” (مركز قيادة “الفرقة الرابعة”) إلى العاصمة دمشق، الأمر الذي دفع قسمًا كبيرًا من عناصر “التسوية” للفرار من الخدمة العسكرية، خوفًا من نقلهم إلى جبهات القتال في مناطق أُخرى.
بينما أُجبر قسم آخر من هؤلاء العناصر من العاملين في صفوف “الفرقة” بدرعا على الالتحاق بمقراتها المركزية في دمشق.
وتفاجأ المنتسبون لاحقًا عقب التحاقهم بقيادة “الفوج 666” بعدم حساب المدة التي قضوها في الخدمة بمحافظة درعا ضمن المدة القانونية في أنظمة “خدمة العلم” بالجيش السوري.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد
–