جريدة عنب بلدي – العدد 48 – الاثنين- 21-1-2012
منذ أن تولى حزب البعث السلطة في سوريا عام 1963 قام على إلغاء الغير وتهميش الثقافة ومصادرة حريات الرأي والاستيلاء على الممتلكات الخاصة للفعاليات الاقتصادية والهيمنة على مؤسسات الحكومية وقدوم حافظ الأسد إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري تحت اسم الحركة التصحيحية حيث حول الحزب الواحد إلى أداة بيده تساعده في الاستيلاء على كل مقدرات الدولة. لقد أنشأ حافظ الأسد نظامًا أمنيًا وعسكريًا موالٍ له وجعل من نفسه رمزًا للبلاد ووضع دستورًا ربط من خلاله كل الفعاليات في سوريا بشخص الرئيس الذي يُعين ويعزل ويُرفّع ويفصِل ويَسجن ويَعفي يُحاسب ولا يُحاسب. لقد سيطر الحزب بقيادة «الرمز» ونظامه الأمني على جميع المؤسسات الحكومية والنقابات والجمعيات الأهلية وألغو بذلك مفهوم الدولة لتصبح الدولة بكاملها مرتبطة بشخص القائد الرمز. ونتيجة ذلك أصبحت سياسات التعيين في القطاع الحكومي والعام تقاس بمستوى الولاءات للرمز وليس الكفاءة، وتحولت القطاعات الحكومية إلى أوكار للاجتماعات الحزبية لرفع التقارير الأمنية بحق العاملين مما أدى انتشار الأجهزة الأمنية في كل أركان ومفاصل الأجهزة الإدارية في الدولة. حيث ربطت تلك الأجهزة الحياة المؤسسية بالنظام الأمني وحولته إلى جزء من مصالحها مما نتج عنه انتشار المحسوبيات والرشوة وسرعان ما تحولت هذه السلوكيات إلى ثقافة فساد تعم جميع أركان النظام الإداري والمالي في سوريا وتفشيها في المجتمع السوري.
بعد وفاة حافظ أسد عملت الأجهزة الأمنية على توريث بشار الأسد نظام الحكم وورث معه ثقافة الفساد مستشرية حيث حاول في البداية محاربتها ولكنه سرعان ما أصبح جزء منها ليُطلقُ عليه شعار «الله، سوريا، بشار وبس» أي إلغاء الشعب السوري.
لقد ثار الشعب السوري على الظلم والتخلف والاستبداد مطالبين بالحرية والكرامة والحقوق والعدالة الاجتماعية إلّا أن النظام قام بمواجهة الثائرين بحملة اعتقالات وقتل وأُطلقَ حينها شعار أبو حافظ أي بمعنى أنا الملك وابني من بعدي الأمر الذي أدى إلى غضب الشعب السوري الثائر وازدياد كثافة المظاهرات المطالبة بتغيير النظام مما دفع النظام إلى استخدام الجيش والدبابات والمدافع الثقيلة والطيران لتدمير سوريا ورفع عندها شعار «الأسد أو نحرق البلد». تحولت الثورة من سلمية إلى ثورة مسلحة لخلع النظام بالقوة ومعه ازداد بطش وإجرام النظام واتبع منهجيات العقاب والقتل الجماعي فقصف الأفران والمشافي والتجمعات والمباني السكنية والمخيمات ليُفاجئ الشعب السوري بعدها بتغيير شعار النظام إلى «الله بشار وجيشنا المغوار» أي تَحوُل ثقافة الفساد إلى ثقافة القتل والإرهاب.
إنّ ثقافة الفساد والإرهاب التي انتهجها نظام الحكم في سوريا أدت إلى:
-1 الترهل والعجز الإداري
-2 الهدر وسرقة المال العام
-3 ترهل وعجز في البنى التحتية (شبكات الاتصالات – شبكات الكهرباء – شبكات مياه – شبكات صرف صحي – الشبكات الطرقية والسككية)
-4 سوء تقديم الخدمات الحكومية
-5 مخالفات في شتى المجالات
-6 سوء التخطيط الاقتصادي والإداري
-7 سوء في التخطيط العمراني
-8 هجرة العقول وضعف الكفاءات الإدارية
-9 ارتفاع معدلات البطالة
-10 غياب العدالة الاجتماعية
من خلال كل ما تقدم وفي سبيل بناء وطن لكل السوريين يسوده الأمان والعدل الاجتماعي وتكافئ الفرص لابدّ من التفكير الجدي في إعادة النظر في الأمور التالية:
-1 إعادة النظر في البنيان السياسي (إصلاح سياسي شامل) وصياغة دستور لكل السوريين
-2 إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية
-3 إعادة بناء الاقتصاد السوري
-4 إعادة الهندسة الإدارية (إعادة الهيكلة القطاع الحكومي)
-5 بناء القدرات المؤسسية
-6 إعادة تأهيل البنى التحتية وتطويرها
-7 التخطيط الإقليمي
-8 تطوير جهاز الإدارة المحلية
-9 تطوير الخدمات الحكومية (الحكومة الإلكترونية)
-10 إعداد لمشاريع تنموية وتحفيز الاستثمار الخارجي.
حيث سيتم تناول المواضيع أعلاه على عدة حلقات بحثية نستعرض من خلالها أهم المشكلات مع وضع الحلول التنفيذية اللازمة لمعالجتها.
الدكتور المهندس محمد نبيل نصار
خبير في التطوير الحكومي