خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
بالّتي هي أحسن
إن تسويق الإذلال كطريقة انتقام من المجرمين هو خيار غير موفق من ممارسيه، هو تنفيس عن كراهية وغضب متراكم، ولا يخدم القضية نهائيًا. انتقم كما تريد ولكن لا تقل إنني ثائر ذو قضية، أصحاب القضايا العادلة يتسامون فوق جراحهم، صاحب الحق قوي بذاته وليس بحاجة لعرض عضلات غضبه، أما التكبير المصاحب لهذه العمليات فإنه يضاعف وزر ممارسيه، وهو شاهد عليهم لا لهم، وكم من مجرم تلفح بغطاء الدين ليشرعن خطاياه. عندما ندفع بالتي هي أحسن، عندما نمارس خلق الصبر، عندما نطرد الشياطين التي ستصور لك ذلك ضعفًا وعبثًا، عندها تتنزل علينا الملائكة، عندها نصبح أولياء لله. {إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ * وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (سورة فُصّلت، 30-36)
بين الجهاد وردّ السلام
{وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (سورة النساء، 85) بالرجوع لسورة النساء نجد أنفسنا أمام آيات متتالية عن الجهاد ثم نجد أنفسنا فجأة أمام الآية السابقة. لماذا يذكرنا الله عزوجل بمبادئ أخلاقية يومية تبدو بسيطة في خضم ما يبدو أنه أعظم بكثير، فأين رد السلام من الجهاد! حين تمر النفس البشرية بحالات الشدة المرافقة للابتلاءات العظيمة كالجهاد قد تجنح للتقليل من أهمية الأمور الخلقية الأخرى، فإن تمادى في هذا فلن يمكث كثيرا حتى يفقد البوصلة الخلقية في ذلك الابتلاء نفسه، وهنا الخسارة كلها.