"كورقة رزنامة تم قطعها ورميها"..
معلمون يُحالون إلى التقاعد دون تعويض بإدلب
عنب بلدي- إدلب
يجلس المعلم السابق عمر الحسن (60 عامًا) أمام منزله في بلدة حربنوش، بريف إدلب الشمالي، لا يجد ما يفعله سوى التحدث مع الجيران، بعد أن انتهى مشواره المهني في قطاع التعليم، الذي بدأ به منذ عام 1985، متنقلًا في عدة مدارس بريف إدلب، وباختصاصات إدارية مختلفة.
“الآن أُحلت إلى التقاعد بعد وصولي للسن القانونية دون أي تعويض. قرار المديرية بإنهاء عمل المعلمين ممن وصلوا لسن التقاعد مجحف بحق المعلم، فلدينا في التربية نقص في الكوادر المؤهلة”، وفق ما قاله عمر الحسن لعنب بلدي.
القرار الذي يتحدث عنه عمر، صدر عن “مديرية التربية والتعليم” في إدلب أواخر حزيران الماضي، ويقضي بإنهاء خدمة العاملين في المديرية ممن بلغوا سن الـ60، وفقًا لأحكام النظام الداخلي للمديرية.
هواجس المعيشة
تعمل في المدارس الحكومية بمدينة إدلب نسبة كبيرة من المكلفين غير المؤهلين، وهذا القرار يشمل 300 معلم من أصل 15 ألفًا، وهي “نسبة بسيطة جدًا”، وفق ما يراه المعلم الستيني، الذي عمل 38 عامًا في التدريس.
في الوقت الحالي، لا يملك عمر الحسن أي مصدر دخل آخر، أو حتى صنعة يعيش منها هو وزوجته، ويشرح، “لا أستطيع أن أقوم بأعمال أخرى بعد وصولي لهذه السن، أصبحت معيشتي على حساب الآخرين”.
لم يشمل القرار منح المتقاعدين أي راتب تقاعدي، أو أي مكافأة مالية عند نهاية الخدمة الحكومية في “مديرية التربية والتعليم” التابعة لحكومة “الإنقاذ” العاملة في المحافظة.
في الوقت نفسه، اقترح عمر الحسن “منح راتب تقاعدي مقداره 50 دولارًا للمعلمين”، وبما أنه لا يوجد راتب تقاعدي، فينبغي ترك المعلم على رأس عمله، حتى لو كبر سنه، فلديه خبرة طويلة في التعليم، وكيفية التعامل مع الأطفال والأهل والأسرة المدرسية، كما يمكن أن تستفيد من خبرته الكوادر التعليمية، من إداريين وموجهين ومعلمين، أضاف المعلم.
كما اقترح أن يتم وضع المعلم المتقاعد في “منصب استشاري”، لا أن تُنهى خدمته ويصبح مثل “ورقة رزنامة تم قطعها ورميها”، حسب تعبيره.
هذه المشاعر وهواجس المستقبل التي يعيشها عمر الحسن في بيته، بعيدًا عن ضجة الطلاب ومشاغبتهم في باحات المدرسة، تحيط بأحمد جبر (61 عامًا)، الذي كان يدرّس في ثانوية “حربنوش للبنين”، إذ شدد على وجوب حصول المعلم على تعويض مادي بعد إحالته إلى التقاعد، وهو “من بديهيات العمل الحكومي”، بحسب تعبيره لعنب بلدي، من أجل تأمين بقية حياته بعد 40 عامًا في التعليم.
“في العام الماضي صدر قرار بإحالة من تجاوز 60 عامًا من عمره إلى التقاعد، ومن ثم تم التمديد لعام واحد فقط، والآن صدر قرار جديد بإنهاء الخدمة، الأمر الذي دفعني لتقديم طلب جديد بالتمديد”، قال أحمد جبر، وهو لا يعلم ما إذا كان طلبه سيعود بالموافقة أم الرفض.
الدعم ضعيف
بحسب مدير “مديرية التربية والتعليم” في إدلب، محمود رمضان الباشا، فإن السن القانونية للتقاعد للعاملين هي 60 للفئة الثانية و65 للفئة الأولى، ولا يحصل المتقاعدون على رواتب أو تعويضات.
وأوضح الباشا أن هذه الفئات ترتبط بتصنيفات إدارية ضمن النظام الداخلي للمديرية، كما أرجع عدم منح المتقاعدين رواتب أو تعويضات مالية في نهاية الخدمة لـ”عدم توفر الدعم المالي الكافي لتغطية التعويض لجميع العاملين”، وقد صدر هذا القرار من أجل إتاحة الفرصة للخريجين من الجامعات بالعمل.
وبحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في 14 من تموز الحالي، فإن التعليم من الأولويات الثلاث الأولى في المنطقة، بعد إدارة الخدمات وقضايا التعافي المبكر.
وذكر تقرير “أوتشا” أن فجوة التمويل في قطاع التعليم ضمن مناطق شمال غربي سوريا بلغت 38.7 مليون دولار.
وتتعرض العملية التعليمية في شمال غربي سوريا لمشكلات إدارية واقتصادية تستهدف رأس الهرم في العملية، وهو الكادر التدريسي، إذ وجد كثير من المعلمين أنفسهم مضطرين لترك مهمتهم وشغفهم بالمهنة، وانخرطوا في أنشطة أخرى لتأمين كفاف يومهم وعائلاتهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :