هل ستشهد سوريا حلًا خلال عام 2016 وما شكله؟

  • 2016/01/03
  • 5:10 ص

الفتة مدينة كفرنبل - 2 كانون الثاني 2016

عنب بلدي – خاص

مر عام 2015 كغيره من الأعوام الأربعة التي سبقته في سوريا، ويقول البعض إنه كان أكثر دموية من سابقاته بحكم توافد كيانات وميليشيات جديدة إلى جبهات القتال لدعم قوات الأسد التي استنزفت عناصرها وغدت تبحث عن بدائل للحفاظ على تماسك الجبهات التي تقاتل فيها.

وصعّب التدخل الروسي في 30 أيلول الماضي، من إيجاد نموذج للحل يرضى به جميع الأطراف، ما عقّد الأمور، وخاصة في ظل غياب تصور واضح عن الفترة الزمنية التي ستلعب فيها موسكو دور “المخلّص” للأسد.

كثيرة هي الاجتماعات التي جرت ولم تجلب أي تطور إلى الساحة السياسية في سوريا، بل زادت القضية تعقيدًا منذ اجتماعات موسكو مطلع العام الماضي، والتي جمعت معارضين سوريين وغاب عنها الائتلاف السوري، مرورًا باجتماعات فيينا وصولًا إلى الأخيرة  التي من المقرر إجراؤها في 25 كانون الثاني الجاري بجنيف.

كل ذلك جاء بعد فشل المبعوث الدولي الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في بلورة فكرة اللجان الأربع، بعد تبني مجلس الأمن الدولي في 18 آب الماضي، إجراء محادثات بين النظام والمعارضة وتشكيل “مجموعة اتصال دولية” لدعم الحل السياسي في سوريا، وخاصة بعد الاتفاق النووي الإيراني في تموز 2015.

عنب بلدي أجرت استطلاع رأي في بعض المناطق السورية المحررة وتحدثت مع عدد من الأهالي والمقاتلين وكوادر الهيئات المدنية حول إمكانية التوصل إلى حل خلال عام 2016، أيًا كان شكله.

الحل سياسي “بالمطلق”

وفي هذا الصدد كان تصوّر الدكتور ضياء، وهو طبيب في المشفى الميداني بداريا، هو إمكانية أن تشهد سوريا حلًا سياسيًا “بالمطلق” خلال عام 2016، معتبرًا الحل “لن يكون مرضيًا لأي طرف وإنما يضمن وقف القتال بين النظام والمعارضة فقط”.

أما القاضي العام في مدينة داريا، أبو ظافر، فلم يستطع التكهن بما ستؤول إليه الحال، على اعتبار أن الأمر ليس بيد النظام ولا المعارضة، “فهناك توازنات إقليمية عالمية تتحكم فيها القوى العظمى”.

واعتبر القاضي أن “الحرب لن تضع أوزارها إلا إذا توحدت المعارضة وسخرت إمكانياتها الضئيلة لضرب أركان النظام حتى يسقط”، داعيًا إلى عدم انتظار أي حل لا يعرف ميعاده.

“نحن من يملك الحل”

حميد من حي صلاح الدين (25 عامًا) من مدينة حلب، اعتبر أن “الحل بأيدينا فنحن إذا أحببنا بعضنا البعض وتوحدنا نستطيع إسقاط أكبر من النظام الحالي وحليفيه الروسي والإيراني، وهذا ما طالبنا به منذ بداية الثورة”.

وأردف حميد أن الحل العسكري أفضل “فنحن لسنا مرتزقة للغرب ولن نجلس مع أي كان على طاولة الحوار لأننا لا نستطيع خيانة دماء الشهداء التي غطت أرض سوريا”.

أما أبو الطيب، وهو من الحي ذاته، فتمنى الخير والتكاتف بين الفصائل لتحرير سوريا “عسكريًا”، بينما كان رأي حكمت شيحان، وهو أحد عاملي مؤسسة الأمة في حلب، أن الحل السياسي هو “الأجدى”، لأن العسكري “سيكون طويلًا وسنفقد خلاله المزيد من الشهداء”.

بينما كان رأي، وائل الحلواني، مصمم في مؤسسة براق الإعلامية بحلب، أن الحل العسكري في سوريا هو القائم، “لأنه وعلى مدى 5 سنوات من الثورة السورية يجتمع المجتمع الدولي دون أي فائدة أو أي مساعدة لهذا الشعب الذي مايزال ينزح عن المناطق المحررة جراء القصف الهمجي”.

محمد نجيب عقيدي، أحد عناصر الدفاع المدني في مركز باب النيرب بحلب، توقع الحل بانتهاء الحرب في سوريا عسكريًا، “لأن الثورة ثورة حق، بغض النظر عن المسيئين لها”، مضيفًا “هناك بادرة خير كانت في 2015 وهي دمج وتوحد عدد من الفصائل وهذا ما يرجح كفة للحل العسكري”.

الحل العسكري “مستحيل”

معروف، أحد العاملين في الهيئة العامة للرياضة والشباب بحلب، اعتبر الحل العسكري “مستحيلًا”، لأن الاعتماد عليه “يمكن أن تشهده الأجيال اللاحقة”.

وأردف أن “الحل السياسي سيفرض نفسه في النهاية، ولكني غير متفائل باعتبار أن البند الأساس الإشكالي وهو مصير الأسد، هو المسيطر منذ محادثات جنيف 1”. وختم معروف حديثه “هناك تكتلات عسكرية جديدة تولد بينما تذهب أخرى وكل يعمل ضمن أجندات معينة وهي التي تتحكم بمصير الثورة”، معتبرًا “الشق المدني هو الأمان الذي يحلم به السوريون ونتمنى على الأقل وقف إطلاق النار كخطوة أولى”.

“معطيات الثورة تأزمت”

خلدون الغانم، محاسب مركز المتحدة في درعا، جزم أن يكون الحل عسكريًا وليس سياسيًا، “بحكم المعطيات التي نراها في البلد حاليًا”، بينما قال محمد رفاعي أحد مقاتلي الجيش الحر، “ليس هناك شيء يدل على أن الحرب في سوريا ستنتهي عام 2016 وخاصة بعد التدخل الروسي وتقدم النظام في درعا مؤخرًا”.

أما مهند مسالمة، مالك أحد المحال التجارية في درعا، فاعتبر التدخلات الخارجية “كبيرة ومعطيات الثورة تأزمت ولن تنتهي الحرب عام 2016، فيما قال أحد قادة جيش اليرموك، ويدعى أبو عمر، إن “الحل لن يحدث أبدًا فهناك مؤامرة كبيرة دولية على سوريا”.

الحل السياسي “كذبة كبيرة”

أهالي قرى وبلدات ريف حماة اعتبروا الحل السياسي “كذبة كبيرة”، فقال أحدهم إن “الحرب في سوريا حرب على الإسلام والسنة”، واعتبر آخر أن “أي توجه في هذا الإطار سيكون لصالح النظام والحل هو بمتابعة الثورة”.

ولفت مقاتلو الجيش الحر في المنطقة إلى أن الحل السياسي “مرفوض”، في ظل تواصل نزيف الدماء والمجازر، وقال أحدهم “سنقاتل حتى آخر قطرة دم.. الجميع ضدنا الروس وإيران وحزب الله”، فيما تساءل آخر “كيف سيكون هناك حل سياسي وجبهات حلب كلها مفتوحة، والمؤتمرات الدولية فاشلة”.

أما أهالي ريف حلب اعتبروا أن النظام “انتهى عسكريًا”، بعد تحرير إدلب ووادي الضيف، مستبعدين الحل السياسي على اعتباره، “كاذب وعبارة عن وعود فقط”، وقال أحدهم “النظام كان منهارًا العام الماضي في مناطق عدة كمحافظة إدلب وسهل الغاب بحماة، ولكن التدخل الروسي أنقذه وخاصة في الهجمة الأخيرة على ريف حلب الجنوبي”.

فيما تمنى مقاتلو الريف الحلبي “النصر أو الشهادة”، وقال أحدهم “نحن نحارب الإيرانيين والروس وليس النظام السوري، والجميع يعملون ضدنا بمن فيهم الأمم المتحدة.. ليس هناك غير قوة السلاح”.

ووصف آخر المفاوضات المرتقبة بين نظام الأسد والمعارضة السورية أنها “ضحك على الشعب، على اعتبار أن القوى الدولية طالبت بمعارضة معتدلة، إلا أنها استهدفت قائد جيش الإسلام زهران علوش، وكان الأكثر اعتدالًا”.

وبالعودة إلى آخر الاجتماعات الدولية (المجموعة الدولية لدعم سوريا) في فيينا، تشرين الثاني الماضي، أقر “فيينا-2” خريطة طريق للحل السياسي في سوريا، بعد تفاهم أمريكي – روسي على ترك “مصير الأسد”  على الهامش، ورسم معالم المرحلة الانتقالية من خلال مفاوضات بين نظام الأسد والمعارضة لتشكيل حكومة تضع دستورًا جديدًا، على أن تجري انتخابات تحت رعاية الأمم المتحدة خلال 18 شهرًا من التوافق.

ثم جاء تبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع بموجب القرار 2254، دعم خارطة طريق دولية لعملية السلام في سوريا، 19 كانون الأول الماضي، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 5 سنوات، والذي رسم معالم خريطة الحل، ودعا إلى مفاوضات جديدة بين نظام الأسد والمعارضة، كانون الثاني الجاري.

وحول استعداد الهيئة السورية العليا للمفاوضات التي تمخضت عن مؤتمر الرياض، قال الناطق باسمها، منذر ماخوس، في تصريحات نقلتها صحيفة الشرق الأوسط، الجمعة 1 كانون الثاني الجاري، إن الهيئة ستعقد اجتماعًا مفتوحًا في العاصمة السعودية الرياض ابتداءً من يوم الأحد.

الاجتماع سيستمر حتى 21 من كانون الثاني الجاري، على أن ينتهي قبل 4 أيام من موعد بدء المفاوضات المرتقبة مع نظام الأسد في جنيف، وفقًا لماخوس.

ونقلت مصادر لصحيفة الشرق الأوسط وصفتها بـ “المطلعة”، أن الهيئة ستلتقي الأسبوع المقبل ستيفان ديمستورا، المبعوث الأممي إلى سوريا، ومن المتوقع أنه يطرح مقترحات روسية بإضافة أسماء جديدة إلى وفد المعارضة السورية، الأمر الذي رفضته سابقًا الهيئة العليا للمفاوضات.

وكانت الهيئة وجهت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عبّرت فيها عن غضبها من الدور الروسي في سوريا واستمرارها بقصف مناطق المعارضة بعد صدور القرار 2254 واستهداف قادة الفصائل، وكان آخرها اغتيال قائد جيش الإسلام زهران علوش.

قللت غالبية العينات التي تضمنها استطلاع عنب بلدي من أهمية المفاوضات التي ستحتضنها العاصمة السياسية السويسرية جنيف في 25 كانون الثاني الجاري، مشيرةً إلى أن “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، فهل ستكون المفاوضات “رأس خيط” لتبني قرار ملزم يضمن حلًا سياسيًا في سوريا ينهي مأساة شعب استمرت أكثر من 5 سنوات؟

مقالات متعلقة

سياسة

المزيد من سياسة