عنب بلدي- خاص
في 18 من تموز الحالي، نشر ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي، عبر “تويتر“، تسجيلًا مصوّرًا يرصد ركام المباني المدمرة في مخيم “اليرموك” للاجئين الفلسطينيين، جنوبي دمشق.
ولا تزال الأنقاض على وضعها منذ تهجير أهالي المخيم عام 2018، ولم تبدأ حكومة النظام السوري بأي خطوات فعلية نحو إعادة تأهيل المباني السكنية والمنشآت والبنى التحتية في المنطقة، أو العمل على إعادة الخدمات كالمياه والكهرباء، رغم التصريحات الرسمية التي تنشر معلومات تناقض ذلك.
بعد مرور أكثر من أربعة أعوام على استعادة قوات النظام السوري السيطرة على مخيم “اليرموك”، من مجموعات منتمية لتنظيم “الدولة الإسلامية” كانت سيطرت على أكثر من حي من أحياء دمشق الجنوبية، بدأت حكومة النظام منذ 2021 تروّج للسماح لسكان المخيم بالعودة إليه “من دون قيد أو شرط”، في ظل تشكيك بهذا الإعلان الذي تكرر أكثر من مرة خلال الأعوام الماضية، دون أن يجد طريقه إلى التطبيق.
وعود تناقض الواقع
في أيلول عام 2021، أعلن المكتب الإعلامي لـ“الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” عن سماح النظام السوري بدخول أهالي مخيم “اليرموك” للاجئين الفلسطينيين، من سوريين وفلسطينيين.
وبحسب بيان أصدره الأمين العام للجبهة، طلال ناجي، ونشرته مسؤولة المكتب الصحفي في “تحالف قوى المقاومة الفلسطينية”، راما قضباشي، أكد ناجي أنه تم إصدار قرار للجهات المعنية من قبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لتسهيل عودة أهالي المخيم “دون قيد أو شرط”.
وأشار البيان إلى “قيام الجهات المختصة السورية بالتعاون مع الأهالي بإزالة الركام والردم من البيوت، تمهيدًا لدخول آليات محافظة دمشق لإزالة الركام وتنظيف الشوارع الفرعية والحارات الداخلية”، بالإضافة إلى استكمال مد شبكات المياه والكهرباء والهاتف استعدادًا لعودة الأهالي واستقرارهم في مخيم “اليرموك”.
لكن مسؤول قسم الإعلام في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، فايز أبو عبيد، شكّك، في حديث إلى عنب بلدي، بوعود النظام بإعادة تأهيل المخيم، حيث لم تتحرك أي جهة رسمية لإزالة ركام مبانيه، في الوقت الذي تتجاوز فيه نسبة الدمار الـ70% بسبب ما تعرض له من قصف وتدمير.
عودة بمقاييس أمنية
فيما يتعلق بعودة العائلات إلى المخيم، فـ”النظام السوري يماطل ويسوّف عودتهم”، وفق ما ذكره أبو عبيد، مشيرًا إلى “العقبات والشروط التي يضعها في وجه الأهالي، والتأخر في إصدار البطاقات لعودتهم إلى منازلهم”.
ويشير تعميم صادر عن “مديرية العمليات الأرضية” التابعة لـ”مؤسسة الطيران السورية” يقضي بمنع دخول الفلسطينيين إلى سوريا دون موافقة “الفرع 235″ المعروف بـ”فرع فلسطين”، إلى أن العودة إلى المخيم لن تكون شاملة، بل لها مقاييس أمنية محددة.
ولم تنشر “مؤسسة الطيران السورية” عبر معرفاتها الرسمية هذا التعميم، الصادر في 17 من تموز الحالي، لكن مسؤول قسم الإعلام في “مجموعة العمل”، فايز أبو عبيد، أكد لعنب بلدي صحة صدوره داخليًا.
وبحسب ما ذكره المحامي والباحث الفلسطيني- السوري أيمن أبو هاشم، في حديث سابق مع عنب بلدي، فإن “التعميم صادر بقرار غير معلَن من قبل (فرع فلسطين)” هدفه “فلترة كل فلسطيني يدخل إلى الأراضي السورية، وإعادة وضعه تحت المجهر الأمني”.
مئات العائلات التي سُمح لها بالعودة إلى مخيم “اليرموك”، لديها بيوت ما زالت صالحة للسكن، أو بيوتها تضررت جزئيًا وأصحابها يرممونها على حسابهم الشخصي، بحيث تكون جاهزة للسكن بصورة أولية.
والشرط الأساسي لتحقيق العودة إلى المخيم، هو حصول الشخص على “موافقة أمنية” للعودة إلى بيته، وفق ما قاله أبو عبيد، وما زالت أعداد تلك العائلات التي حصلت على “الموافقة الأمنية” المطلوبة قليلة جدًا قياسًا بالعدد الكبير لسكان المخيم.
ويتوزع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ضمن تسعة مخيمات رسمية، منذ عام 1948 حتى الآن، وبلغ عددهم قبل العام 2011 أكثر من 500 ألف لاجئ فلسطيني، يتمركزون بشكل رئيس في مخيم “اليرموك”، بالإضافة إلى مخيمات ومناطق أخرى.
والحق بالسكن، يعتبر حقًا أساسيًا نصّت عليه مبادئ رد المساكن والممتلكات المعتمدة من قبل “لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان”، المسماة بمبادئ “بينهيرو“.
وشهد المخيم سابقًا معارك بين فصائل “الجيش الحر” وقوات النظام، وسط انقسام الفصائل الفلسطينية بين الجانبين، قبل سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على ثلثي المخيم عام 2015.
لكن قوات النظام سيطرت بشكل كامل على منطقة الحجر الأسود ومخيم “اليرموك”، في أيار 2018، بعد عملية عسكرية استمرت شهرًا، طُرد خلالها تنظيم “الدولة” من المخيم، بعد اتفاق إجلاء غير رسمي، نُقل بموجبه عناصر التنظيم إلى بادية السويداء.